عودة ترامب المشروطة.. هل ينافس من جديد في انتخابات الرئاسة 2024؟

هل باتت الولايات المتحدة الأمريكية على موعد مع عودة الرئيس السابق دونالد ترامب، مرة جديدة إلى سماء الحياة السياسية، لا سيما بعد 4 أعوام، أي من خلال الترشح لانتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 مرة أخرى؟

قبل الجواب المباشر، تنبغي الإشارة إلى أن ترامب قد خلَّف من ورائه تياراً سياسياً كبيراً ومثيراً، يمكننا أن نطلق عليه التيار الترامبي، والمتمثل في أكثر من 70 مليون أمريكي صوتوا له في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

شعبية ترامب

والمؤكد أن ترامب لم يعد مجرد رئيس، بل حالة تميز أنصار اليوتوبيا الأمريكية، وأنصار بوتقة الانصهار، في مقابل التيار الجاكسوني، وتوجهاتهم حول الاحتفاظ بالهويات الفردية، عرقية كانت أو دوغمائية.

في منتصف مارس الجاري، أظهر استطلاع للرأي أن الغالبية العظمى من الناخبين الجمهوريين لا يزالون يحملون نظرة إيجابية إلى الرئيس السابق دونالد ترامب، بعد شهرين من تركه منصبه.



نتيجة الاستطلاع الذي قامت عليه صحيفة «ذا هيل» الأمريكية، كانت لافتة للنظر إلى أبعد حد ومد، فالذين أعطوا تقييمات إيجابية لترامب بلغوا نحو 81%، أما الذين رأوا أنه كان رئيساً جيداً فقد بلغوا نحو 88%.

لا تتوقف الأرقام عند هذا الحد فحسب، بل إنها تتماس مع مقررات ومقدرات الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، والتي وضع ترامب أعينه عليها، حتى من قبل أن يترك البيت الأبيض.

تقول أرقام الاستطلاع، إن ترامب سوف يحصل على دعم 51% من ناخبي الحزب الجمهوري، وحتى الساعة لا يوجد أي مرشح جمهوري محتمل يحوز على 10% من أصوات الناخبين الجمهوريين المحتملين.

ولعله من المدهش في استطلاع «ذا هيل» أن المرشح الذي يليه حتى الساعة، وهو نائبه مايك بنس، وعلى الرغم من أن النائب أظهر ولاءً للدستور، و انضباطاً يتسق والسياقات الديمقراطية في مسألة تنصيب بايدن، إلا أنه لم يحصل في الاستطلاع إلا على 9% فقط، أما المفاجأة فهي موصولة بسيناتور تكساس الشاب، تيد كروز، والذي أبدى تعنتاً كبيراً ورفضاً لفوز بايدن، وعليه فقد كان من المتوقع أن يحصل على نسبة أصوات عالية جداً، إلا أنه جاء في آخر القائمة وبأصوات لا تتجاوز 3% من الناخبين المتوقعين.



وبالعودة إلى التساؤل عن قرار ترامب، وهل يفكر في خوض انتخابات الرئاسة القادمة. نجد الجواب خلال المقابلة التي أجرتها معه شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية نهار الـ16 من مارس الجاري، إذ رأى أن الأمر مرهون بانتخابات التجديد النصفي للكونغرس في عام 2022.

ترامب أعلن صراحة أنه ملتزم بمساعدة زملائه الجمهوريين، في محاولة استعادة السيطرة على الكونغرس بغرفتيه، الأعلى مجلس الشيوخ، والأدنى مجلس النواب.

ماذا وراء تفكير ترامب؟

يعتبر الرئيس الأمريكي السابق أن انتخابات التجديد النصفي المقبلة، هي بمثابة استفتاء مبكر على سياسات الرئيس الديمقراطي جوزيف بايدن، ويرى أنها ستكون فرصة جيدة للغاية لاستعادة مجلس النواب عطفاً على مجلس الشيوخ.

سياسات بايدن

هنا يحق لنا التساؤل: على أي معطيات يراهن ترامب بخصوص فوز الجمهوريين؟

الشاهد أنه قد يكون من المبكر جداً الحديث عن ذلك الفوز، لا سيما أن الرئيس بايدن لم يكمل بعد المائة يوم الأولى له في البيت الأبيض، لكن ما يلوح في الأفق لا يبشر بالخير الكثير للديمقراطيين.

يبدأ بايدن رئاسته بمحاولة استنقاذ اقتصاد البلاد، عبر الرسوم المالية التي أقرها الكونغرس للمواطنين وأصحاب الأعمال، لكنها على المدى الطويل تبقى حلولاً مرة وعرجاء؛ ذلك لأنها سترفع الدين العام الأمريكي الخارجي إلى قرابة 28 تريليون دولار، ما يعني أن الرجل يرهن مستقبل الأجيال القادمة، ويضع عليها أحمالاً غير طبيعية.



ينظر الكثير من الجمهوريين، وربما الديمقراطيين، إلى سياسيات بايدن الخارجية بقلق بالغ، عبر أكثر من صعيد ومسار، فعلى سبيل المثال لا تبدو لدى إدارته خطة حقيقية لمواجهة إيران السائرة في غيها، ولم تعد الإشكالية تتمثل في برنامجها النووي فحسب، بل بلغ الأمر حد التهديدات الصاروخية، والهجومات السيبرانية، وفرض السطوة، واستخدام وكلائها في الشرق الأوسط لإثارة الغبار في وجه العم سام وزعزعة استقرار المنطقة.

وعلى صعيد آخر، وفي إطار المواجهات القطبية، بدا وكأن بايدن قد فقد رشده مؤخراً، حين وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القاتل»، الأمر الخارج عن كافة التقاليد المرعية والقواعد الدبلوماسية الفرعية في التعامل مع الرؤساء، ولعل رد بوتين الذكي، حين دعا له بالصحة، إنما حمل من باب خفي اتهاماً خطيراً ومثيراً له علاقة بسلامة قوى الرئيس بايدن العقلية.

والثابت أن بوتين لم يتجاوز الحقيقة فقد تساءل الأمريكيون عما فعله بايدن ولماذا، لا سيما أن عدو أمريكا وبايدن الأول هو الصين، والرئيس الصيني، شي جين بينغ، فيما الآن يبدو بايدن أنه فتح باباً للتحالف الروسي- الصيني غير المسبوق، ما يجعل القطبية الأمريكية في خطر مزدوج: اقتصادي من قبل الصين، والتي تهدد أمريكا بتفوق اقتصادي واسع وشاسع عما قريب، وروسيا صاحبة الترسانة العسكرية التقليدية والنووية غير المسبوقة، والتي لا يمكن لواشنطن مواجهتها إلا إذا قرر الجانب الأمريكي الدخول في حرب إبادة شاملة.

تدفق المهاجرين

ولعل هناك جزئية ثالثة أكثر إثارة ضمن سياسات الرئيس بايدن، ويعرف ترامب كيف يعزف عليها في غير صالح الإدارة الأمريكية الحالية، وهي سياسة بايدن في السماح بتدفق الآلاف من المهاجرين إلى داخل أمريكا، فقد انتقد ترامب تزايد أعداد المهاجرين، وفي المقابلة المشار إليها سلفاً مع «فوكس نيوز»، قال ترامب «انظروا إنهم يأتون من دول أجنبية، أرى أنهم يأتون من اليمن، ومن الشرق الأوسط، ومن كل مكان، إنهم يسمحون لهم بالدخول» واصفاً ذلك بأنه وصمة عار، وأنهم سيدمرون أمريكا.



تصريحات ترامب بشأن الهجرة تجد لها ولا شك صدى كبيراً وفاعلاً لدى تيارات اليمين الأمريكي، وغلاة الحزب الجمهوري، وكل من يعتبر أن الرجل الأبيض في تاريخه للانقراض، في مقابل ازدياد الخلاسيين، وغير البيض الأنجلو ساكسون الأمريكيين.

هل سيقطع بعضهم الطريق من جديد على ترامب بحكم قضائي جنائي يدينه؟