ظلّ اسمه في العتمة أكثر من 200 عام، إلى أن عثر عليه في كتاب ابن العربي «الفتوحات المكية»، لا تُعرف له سيرة، ولا خبر موثوق، قيل إنه يهودي أسلم، وقيل بل مجوسي أو ميناوي ادعى الإسلام تحت ستار الصوفية.
روايات لا دليل عليها، كما أن لا دليل على عكسها، ما يوثق عنه من خبر أنه من مدينة (نفر) في العراق، عاش بها في العصر العباسي، وقضى حياته مسافراً متنقلاً لا يعرف مستقراً.. إنه محمد بن عبدالجبار النفري.
لم نتمكن نحن من قراءة شيء من إنتاجه إلا بعد أن عثر أحد المستشرقين على مخطوط كتابه الذي عنونه في جزءين: «المواقف والمخاطبات»، وكان ذلك في ثلاثينيات القرن العشرين، هذا الكتاب أحدث دهشة فكرية لكل من الصوفيين والحداثيين.
كان الشاعر السوري أدونيس من أكثر الذين اهتمُّوا بالنفري إذ نصبه الأب الشرعي لقصيدة النثر، التي لا يزال الأدباء والنقاد يتجادلون في شرعيتها.
لم يقرأ أدونيس كتاب المواقف والمخاطبات بصفته نثراً صوفياً روحياً بليغاً فحسب، بل قرأ النص بصفته شذرات قصيرة لا تماثل نظيراتها من النثر القديم، بخصائصه المعروفة، وغاياته المحددة، قرأ أدونيس النفري باعتباره شاعراً، وقرأ المواقف كونها قصائد، وبذلك وجد أدونيس غايته في إثبات أن العرب عرفوا قصيدة النثر ومارسوها بلغتهم وأسلوبهم قبل أن يستجلبوها من ترجمات الغرب.
لكن كثيراً من الدارسين لم يوافقوا أدونيس الرأي، فما كتبه النفري لا يستوفي صفة الشعر، ولا قصيدة النثر من وجهة نظرهم، فالنفري متصوف غارق في الغموض لكنه ليس حداثيّاً بالمعنى الفكري لمفهوم الحداثة.
ومن عرف النفري أو لم يعرفه نقل عنه جملته الأشهر «كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة»، هذه العبارة التي حملت كل مقاصد من عرف الإبانة ومن عجز عنها، وأسعفت ذرائع من فهم ومن جهل، وتلك إحدى وظائف اللغة المواربة: الحمل على أكثر من وجه، والتمكين من الذرائع، والإفلات من كل معنى في حد ذاته.
سيرة اللاسيرة، والغموض الذي يكتنف حياته وكتاباته هي التي ولدت الشغف لدى الكثيرين في البحث خلفه، النفري الذي قال عبارته ومشى «كلما اتسعت الرؤية، ضاقت العبارة»، بالتأكيد لم يكن ليرى فيما ضاقت عنه عباراته أن يصير هو «الفكرة»، وأن تضيق عنه الصفات، وأن يشغل الناس، ويجعلون منه رابطاً للحاضر بالماضي.
لم يتوقع النفري أن يتحول إلى لغز يحاول الباحثون فك سره من بين رموز كلماته.
روايات لا دليل عليها، كما أن لا دليل على عكسها، ما يوثق عنه من خبر أنه من مدينة (نفر) في العراق، عاش بها في العصر العباسي، وقضى حياته مسافراً متنقلاً لا يعرف مستقراً.. إنه محمد بن عبدالجبار النفري.
لم نتمكن نحن من قراءة شيء من إنتاجه إلا بعد أن عثر أحد المستشرقين على مخطوط كتابه الذي عنونه في جزءين: «المواقف والمخاطبات»، وكان ذلك في ثلاثينيات القرن العشرين، هذا الكتاب أحدث دهشة فكرية لكل من الصوفيين والحداثيين.
لم يقرأ أدونيس كتاب المواقف والمخاطبات بصفته نثراً صوفياً روحياً بليغاً فحسب، بل قرأ النص بصفته شذرات قصيرة لا تماثل نظيراتها من النثر القديم، بخصائصه المعروفة، وغاياته المحددة، قرأ أدونيس النفري باعتباره شاعراً، وقرأ المواقف كونها قصائد، وبذلك وجد أدونيس غايته في إثبات أن العرب عرفوا قصيدة النثر ومارسوها بلغتهم وأسلوبهم قبل أن يستجلبوها من ترجمات الغرب.
لكن كثيراً من الدارسين لم يوافقوا أدونيس الرأي، فما كتبه النفري لا يستوفي صفة الشعر، ولا قصيدة النثر من وجهة نظرهم، فالنفري متصوف غارق في الغموض لكنه ليس حداثيّاً بالمعنى الفكري لمفهوم الحداثة.
ومن عرف النفري أو لم يعرفه نقل عنه جملته الأشهر «كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة»، هذه العبارة التي حملت كل مقاصد من عرف الإبانة ومن عجز عنها، وأسعفت ذرائع من فهم ومن جهل، وتلك إحدى وظائف اللغة المواربة: الحمل على أكثر من وجه، والتمكين من الذرائع، والإفلات من كل معنى في حد ذاته.
سيرة اللاسيرة، والغموض الذي يكتنف حياته وكتاباته هي التي ولدت الشغف لدى الكثيرين في البحث خلفه، النفري الذي قال عبارته ومشى «كلما اتسعت الرؤية، ضاقت العبارة»، بالتأكيد لم يكن ليرى فيما ضاقت عنه عباراته أن يصير هو «الفكرة»، وأن تضيق عنه الصفات، وأن يشغل الناس، ويجعلون منه رابطاً للحاضر بالماضي.
لم يتوقع النفري أن يتحول إلى لغز يحاول الباحثون فك سره من بين رموز كلماته.