كنزي يونس ناصف طالبة ثانوي ـ الكويت
في يوم ليس كباقي الأيام، أدركتَ فيه أنك قد سئمتَ من الكلام، وأنك لن تضيع وقتك أكثر مما كان، وستفعل ما بالإمكان، ليُسمح لك بتحقيق حلمك في أن تبدع في المطبخ، وتصبح «شيف»، وبعد إلحاح مرير وانتظار طويل أخيراً يُسمح لك، وبعد إصرارك بأن تفعل، وهذا طبعاً بعد التحذير الشديد بأنك لن تقدر على مواجهة ما في المطبخ من أخطار وأهوال، فتقرر حزم أمتعتك، ونقل إقامتك إلى المطبخ وتشييد معسكرك، وتدخل «يوتيوب» وتختار طبقاً لتعدّه.
وفي اللحظة التي تودع فيها أسرتك وسط حالة من الترقب، تتخيل نفسك في حفل مهيب وأنت تُكرَّم على مستوى العالم بأنك «الشيف» صاحب الطبخة الناجحة من المرة الأولى، وأنتَ تأمل بأن يحالفك حظ المبتدئين، ومع أول خطوة باتجاه المطبخ تسمع صوتاً من بعيد:
ــ لقد تركتُ لك الأطباق لتغسلها يا بطل.. بضحكة خافتة.
ــ ماذا؟
ــ نعم هذه جبال الأطباق المتسخة، وهضاب الأكواب الزجاجية المكدسة والمقدسة، وسهول الملاعق التي تشبه خناجر انغرست في قلبك فور رؤيتها.
بعد مدة لا تعرف قدرها، تستعيد وعيك، فتجد نفسك لا تزال على قيد الحياة، فتقرر عدم التذمر، وتبدأ رحلة «غسل الصحون».
ــ أانتهيت؟! مبروك.
بعدها تبدأ في تنفيذ خطوات طبقك الذي وقع عليه الاختيار.. ومن اللحظة الأول، تتساءل:
ــ أين الملح؟ وأين السكر؟ كيف لي أن أفرق بين «الكسبرة والبقدونس والكرفس»؟ وما الكمون والكاري والزعفران والزنجبيل؟ أهذه ملوخية أم نعناع أم أوراق شجر؟
لقد اهتزت ثقتي بنفسي.. لا يهم سوف أكمل التحدي، أحتاج للفلفل الأسود، ها هو، أم هذا شاي؟ سأعتمد على حاسة شمّي البوليسية «صوت عطسة» نعم إنه الفلفل.
وبعد عددٍ من النجاحات الكبيرة المنسوبة لأنفك الجميل «تتنفس بصعوبة»، ثم تقول:
ــ لم أعد قادراً على استنشاق الهواء، والآن أحتاج للبابريكا أم هذا هو الفلفل الأحمر الحار؟ سأتذوقه.. لا، ما هذا أين الماء؟ حار حار حااار، سأضع الآن البابريكا وقليلاً.. قليلاً من الفلفل الحار، والآن الملح، ما هذا؟ لا طعم له، لم أعد أقدر على التذوق، بل إني فقدت حاسته، كل هذا بسببك أيها الفلفل.
ثم تواصل، متسائلاً:
ـ أأُفرق بين الملح والسكر باللون؟ ما هذا الضباب؟ إنه دخان، فمن أين مصدره؟ يا إلهي نسيت القدر على النار..الحمد لله لم تحترق طبختي بالكامل، لم أعد قادراً على الرؤية بوضوح، لكني لن أتوقف مهما يكن، وسأعتمد على حاستي الأخيرة.. اللمس.. لنعود للملح والسكر، أعتقد أن الملح سيكون خشناً أكثر من السكر، بسم الله سأضعه «آااه» حُرقت يداي من القدر «آااه».
عندها تقرر إنهاء الأمر، وتقديم الطبق الذي حضرته لأسرتك، قائلاً لهم:
ــ بكل فخر أنا فاقد لكل حواسي، لقد حاربت بمعنى الكلمة لأقدم لكم هذا، فمن استخدام أغطية القدور التي أمسكتُ بها كالدروع تفادياً لقنابل الزيت الحارق، إلى ملعقة التحريك كالسيف، إلى باقي الأطباق التي استخدمتها كخُوذ.
وبعد تعرضك للعديد من الإصابات تتقهقر خائب الرجاء، عازماً على عدم تعرضك للمطبخ أو أي شيء يخصه مرة أخرى.
بعدها تبدأ أسرتك الكريمة ـ وهي في طريقها لتذوّق طبختك ـ بتبادل النكات والضحكات على ما حصل لك، وفي «حال من السكون والترقب»، تسأل أفرادها:
ــ ما رأيكم بهذه النتيجة؟
حال استعادتهم لوعيهم يجدونك قد هاجرت لصاحبك، لتقضي ما بقي من عمرك غريباً مطارداً، لأنك المسؤول عن تلك الوضعية التي وصلت لها مملكة (مطبخ) والدتك، فقد حلّ بها ما حل، وهذا جزاء كل من يعتدي أو حتى يقترب من المملكة.
في يوم ليس كباقي الأيام، أدركتَ فيه أنك قد سئمتَ من الكلام، وأنك لن تضيع وقتك أكثر مما كان، وستفعل ما بالإمكان، ليُسمح لك بتحقيق حلمك في أن تبدع في المطبخ، وتصبح «شيف»، وبعد إلحاح مرير وانتظار طويل أخيراً يُسمح لك، وبعد إصرارك بأن تفعل، وهذا طبعاً بعد التحذير الشديد بأنك لن تقدر على مواجهة ما في المطبخ من أخطار وأهوال، فتقرر حزم أمتعتك، ونقل إقامتك إلى المطبخ وتشييد معسكرك، وتدخل «يوتيوب» وتختار طبقاً لتعدّه.
وفي اللحظة التي تودع فيها أسرتك وسط حالة من الترقب، تتخيل نفسك في حفل مهيب وأنت تُكرَّم على مستوى العالم بأنك «الشيف» صاحب الطبخة الناجحة من المرة الأولى، وأنتَ تأمل بأن يحالفك حظ المبتدئين، ومع أول خطوة باتجاه المطبخ تسمع صوتاً من بعيد:
ــ ماذا؟
ــ نعم هذه جبال الأطباق المتسخة، وهضاب الأكواب الزجاجية المكدسة والمقدسة، وسهول الملاعق التي تشبه خناجر انغرست في قلبك فور رؤيتها.
بعد مدة لا تعرف قدرها، تستعيد وعيك، فتجد نفسك لا تزال على قيد الحياة، فتقرر عدم التذمر، وتبدأ رحلة «غسل الصحون».
ــ أانتهيت؟! مبروك.
بعدها تبدأ في تنفيذ خطوات طبقك الذي وقع عليه الاختيار.. ومن اللحظة الأول، تتساءل:
ــ أين الملح؟ وأين السكر؟ كيف لي أن أفرق بين «الكسبرة والبقدونس والكرفس»؟ وما الكمون والكاري والزعفران والزنجبيل؟ أهذه ملوخية أم نعناع أم أوراق شجر؟
لقد اهتزت ثقتي بنفسي.. لا يهم سوف أكمل التحدي، أحتاج للفلفل الأسود، ها هو، أم هذا شاي؟ سأعتمد على حاسة شمّي البوليسية «صوت عطسة» نعم إنه الفلفل.
وبعد عددٍ من النجاحات الكبيرة المنسوبة لأنفك الجميل «تتنفس بصعوبة»، ثم تقول:
ــ لم أعد قادراً على استنشاق الهواء، والآن أحتاج للبابريكا أم هذا هو الفلفل الأحمر الحار؟ سأتذوقه.. لا، ما هذا أين الماء؟ حار حار حااار، سأضع الآن البابريكا وقليلاً.. قليلاً من الفلفل الحار، والآن الملح، ما هذا؟ لا طعم له، لم أعد أقدر على التذوق، بل إني فقدت حاسته، كل هذا بسببك أيها الفلفل.
ثم تواصل، متسائلاً:
ـ أأُفرق بين الملح والسكر باللون؟ ما هذا الضباب؟ إنه دخان، فمن أين مصدره؟ يا إلهي نسيت القدر على النار..الحمد لله لم تحترق طبختي بالكامل، لم أعد قادراً على الرؤية بوضوح، لكني لن أتوقف مهما يكن، وسأعتمد على حاستي الأخيرة.. اللمس.. لنعود للملح والسكر، أعتقد أن الملح سيكون خشناً أكثر من السكر، بسم الله سأضعه «آااه» حُرقت يداي من القدر «آااه».
عندها تقرر إنهاء الأمر، وتقديم الطبق الذي حضرته لأسرتك، قائلاً لهم:
ــ بكل فخر أنا فاقد لكل حواسي، لقد حاربت بمعنى الكلمة لأقدم لكم هذا، فمن استخدام أغطية القدور التي أمسكتُ بها كالدروع تفادياً لقنابل الزيت الحارق، إلى ملعقة التحريك كالسيف، إلى باقي الأطباق التي استخدمتها كخُوذ.
وبعد تعرضك للعديد من الإصابات تتقهقر خائب الرجاء، عازماً على عدم تعرضك للمطبخ أو أي شيء يخصه مرة أخرى.
بعدها تبدأ أسرتك الكريمة ـ وهي في طريقها لتذوّق طبختك ـ بتبادل النكات والضحكات على ما حصل لك، وفي «حال من السكون والترقب»، تسأل أفرادها:
ــ ما رأيكم بهذه النتيجة؟
حال استعادتهم لوعيهم يجدونك قد هاجرت لصاحبك، لتقضي ما بقي من عمرك غريباً مطارداً، لأنك المسؤول عن تلك الوضعية التي وصلت لها مملكة (مطبخ) والدتك، فقد حلّ بها ما حل، وهذا جزاء كل من يعتدي أو حتى يقترب من المملكة.