فيما قال مصدر حكومي مسؤول، فضّل عدم نشر اسمه، إن تاريخ البشرية لم يذكر إعطاء الناس أي لقاح إلزامي، وإن الجهات الصحية بالدولة لا تفكر مطلقاً في جعل لقاح كوفيد-19 إجبارياً، وإنه على سبيل المثال، الأطفال المواليد يحصلون على لقاحات وفق برامج تحصين حتى سن 15 عاماً، ولكنها ليست إجبارية للأطفال، بل من حقهم رفضها، ويتحمل ولي الأمر مسؤولية ذلك وتأثيراته المحتملة على مستقبل هذا الطفل.
وأضاف أن قانون مكافحة الأمراض السارية لم يتطرق مطلقاً إلى إلزامية اللقاحات، وأن إلزام أي شخص بالحصول على دواء أو لقاح أمر مخالف لأخلاقيات مهنة الطب وكل المبادئ الإنسانية، وأن الإمارات دولة قائمة على الأسس الإنسانية ولا يمكن أن تلزم أي شخص بأخذ أي لقاح.
اللقاحات الإلزامية
وتفصيلاً، قال المحامي عبدالمنعم بن سويدان إن القانون لا يلزم أحداً بأخذ اللقاحات باستثناء عدة لقاحات لأطفال المدارس، لا تزيد على 5، مشيراً إلى أنه لا يجب أن تكون اللقاحات إلزامية ولكن من الضروري العمل على توعية الناس بأهميتها ضد كوفيد-19 وفاعليتها ودورها في حماية المجتمع والصحة العامة.
وأضاف أن كثيراً من الناس يتخوفون من أخذ لقاحات كورونا، ويجب العمل على إزالة هذا القلق، ولا بد أن يعرفوا أنها ستحميهم وبلادهم وأسرهم، مؤكداً أن الحكومة والجهات المعنية في الإمارات لو اتخذت قراراً بإلزامية لقاح كورونا، فيجب على الجميع أخذه ممن تنطبق عليهم الشروط الصحية، لأنه في هذه الحالة سيصبح مثل نزع الملكية عن المباني أو الأراضي للمصلحة العامة، لأن المصلحة العامة تغلب على المخاوف الشخصية للأفراد.
وأكد بن سويدان عدم وجود نص قانوني في الإمارات حتى الآن بإلزامية لقاح كورونا، وأن إصدار الجهات المعنية لمثل هذا القرار ليس تعسفاً، لأن الدول خسرت كثيراً بسبب هذا الوباء ومن حقها أن تحصن شعوبها لتعود عجلة الإنتاج بكامل طاقتها.
الأمر بيد الجهات الصحية
من جانبه، قال المحامي محمد النجار إن المادة (11) من قانون مكافحة الأمراض السارية تنص على أنه لوزارة الصحة ووقاية المجتمع والجهة الصحية إصدار قرار لإخضاع المصابين بالأمراض الواردة في الجدول رقم (1) المرفق بالقانون، ومن بينها كوفيد-19، الذي أصدر وزير الصحة قراراً عند بدء الجائحة بضمه إلى هذا الجدول، للاستشفاء الإلزامي في حالة رفضهم مباشرة أو متابعة العلاج المقرر لهم رغم إخطارهم بضرورة ذلك، وعلى الجهات المعنية مراعاة تنفيذ ذلك كل فيما يخصه، ولها أن تستعين بالسلطة العامة لتنفيذ هذا القرار.
وأشار إلى أن المادة (20) من نفس القانون تُلزم الجهات الصحية بتحصين المواليد ضد الأمراض السارية المستهدفة وفق البرنامج الوطني للتحصين الذي تضعه الوزارة، على أن يحصل المشمولون ببرنامج التحصين الوطني على التحصين والخدمات المقدمة بشأنه مجاناً، وأن المادة (21) توجب على ولي الطفل أو من يقوم بكفالته تقديمه لمراكز التحصين لتلقي جرعات التحصين اللازمة وفقاً لبرنامج التحصين المقرر، كما يلزم القانون أطباء الصحة المدرسية بالتنسيق مع مديري المدارس لتحصين الأطفال الذين هم تحت إشرافهم وفقاً للبرنامج الوطني للتحصين، إلا أن القانون يستثنى من التحصين والإجراءات الوقائية أي شخص لا تسمح حالته الصحية بإجراء التحصين أو غيره من الإجراءات الوقائية النوعية، وفقاً لما يقرره الطبيب المختص.
وأكد أن برنامج التحصين الوطني لا يشتمل على لقاح كوفيد-19 حتى الآن.
المصلحة العامة
وذكر الباحث القانوني خالد المازمي أن إصدار الجهات المسؤولة تعميماً بأخذ اللقاح بشكل إلزامي، فيما لو تم، سيتيح فرض مخالفات على من يمتنعون عن اللقاح، مثل المخالفات التي تم الاستناد إليها عند بدء أزمة كورونا من قانون مكافحة الأمراض السارية وقانون العقوبات.
وأشار إلى أنه يؤيد إصدار تشريع أو تعديل تشريعي على قانون مكافحة الأمراض السارية بإلزامية اللقاحات لمثل هذه الأمراض الوبائية، إذ لا بد من النظر إلى المصلحة العامة للدولة.
الإجبار مخالف للقَسم الطبي
وقال استشاري الأمراض الصدرية بدبي الدكتور شريف فايد إن الإلزام بأخذ أي دواء أو لقاح يعد أمراً مخالفاً للتعاليم المهنية الطبية، فالعلاج واللقاح اختياريان وليسا إجباريين إلا لو كان المريض غير واعٍ وغير مدرك، وهذا ينطبق على تطعيمات الأطفال الإجبارية، إذ إن طفل غير واعٍ وغير مدرك لمصلحته، ولكن البالغ والقادر والعاقل لديه القدرة على الاختيار.
وأفاد بأن الإجبار أمر مخالف للقسم الطبي، و«دورنا أن نشرح للناس مزايا وعيوب اللقاح، وفي نهاية الأمر المريض يختار».
وأضاف أن اللقاح الصيني - الإماراتي، المتاح هو نفس تكنولوجيا اللقاحات المستخدمة منذ زمن بعيد، وهذا يعطي أفضلية من حيث الدراية بالأعراض الجانبية المتوقعة، لكن اللقاحات الأخرى مثل فايزر ومودرنا قائمة على تكنولوجيا جديدة لم تُجرَّب إلا على البشر مباشرة، وكان من المفترض أن تستغرق هذه التكنولوجيا سنوات طويلة للتجريب، ونظرياً يبدو أنه لا مشكلات في هذه التقنية الجديدة لكن عملياً هناك أسئلة كثيرة حول هذه اللقاحات.
وتساءل فايد: إذا كانت شركة فايزر واثقة من لقاحها فلماذا طلبت توقيع الحكومة البريطانية على إقرار لا يحمّل الشركة مسؤولية الأعراض الجانبية؟ موضحاً «لذلك عندما يطلب المرضى منا النصيحة بشأن اللقاح الإماراتي – الصيني (سينوفارم) لا نمانع في هذا الأمر لما له من مميزات، ويجب أخذ اللقاحات بشكل منضبط بحيث تعطى أولاً لأصحاب الحالات المعرضة للخطورة».
نتائج مقنِعة
ووافقه الرأي استشاري الأمراض الصدرية الدكتور مازن زويهد، في أن اللقاحات ليست إلزامية، ولا يجب أن تكون إلزامية بأي حال من الأحوال، فهذا أمر يخالف الأعراف والتقاليد الطبية وينتهك حق المرضى، إلا أن الجهات الصحية والمختصين عليهم ممارسة دور إيجابي في شرح فوائد اللقاح الإماراتي - الصيني للناس، «فهو لقاح أثبت فاعليته وحقق نتائج مبهرة، اللقاح ونتائجه تقنع أي شخص بأخذه لحماية نفسه، ودور الأطباء هو شرح المنافع مقابل المخاطر أو الآثار الجانبية».
أفضل الحلول
وقالت استشارية الصحة العامة الدكتورة بدرية الحرمي إن الناس رأت كل شيء وتابعت الحالات التي ماتت ومخاطر هذا المرض في كل دول العالم، وثبت أن أفضل حل هو اللقاح، ثم اتباع الإجراءات الوقائية.
وأوضحت أن اللقاحات أثبتت جدارتها على مر السنوات الماضية في مواجهة أمراض كثيرة، وهناك أمراض كثيرة انحسرت بفضل التطعيمات، وأن واجب جميع المختصين هو توعية الناس بهذه الحقائق.
وأشارت الحرمي إلى أن لقاح (سينوفارم) أثبت فاعلية كبيرة، إذ إنه يحمي الجسم من الإصابة أو الوصول للحالات الشديدة أو المتوسطة، ولا يمثل خطورة إطلاقاً لأنه فيروس ميت (غير نشط)، لا يؤدي إلى أعراض خطيرة، وعلى الأكثر يحدث احمرار وألم موضع الإبرة وقد يتطور إلى بعض الصداع فقط.
إلزامي أم إجباري
من جهتها، قالت المقيمة، مي أحمد، إنها لا تؤيد أن يكون لقاح كورونا إلزامياً أو إجبارياً، لأنها ترى أن الشخص من حقه أن يختار ما يريد من العلاج أو اللقاحات، وأن الجسم ملك لصاحبه الذي يقرر أن يعطيه ما يريد، مع تحمله الكامل لنتيجة قراره، مشيرة إلى أن اللقاحات التي تم التوصل إليها مؤخراً نتائجها جيدة، موضحة أنها لا تأخذ أي لقاحات إطلاقاً حتى لقاح الإنفلونزا الموسمية لا تأخذه.
وأوضح المواطن عارف الفلاسي، أنه لا يؤيد أن يكون اللقاح إلزامياً، فهناك بعض الناس يؤيدون اللقاحات، بينما كثيرون يتخوفون منها، حيث تحصل على اللقاح ولا تعرف ماذا سيحدث في صحتك على المدى البعيد، مضيفاً: «نحن لدينا قناعة بأن اللقاحات معظمها آمن، لكن العقل الجمعي يتخوف بدون مبرر مقنع، وأنا ممن يتخوفون دون مبرر، ربما هي مسألة نفسية لدى كثيرين».
ونوه المواطن حمد الفارسي، بأنه لا يؤيد أن يكون اللقاح إلزامياً، لأن الإنسان من حقه أن يختار ما يشاء لصحته، والحرية الشخصية للإنسان تجعله يختار ما يمليه عليه عقله.
وقال محمود سيد «مقيم»، إنه يفكر جدياً في أخذ اللقاح، حيث تبشر النتائج التي أعلنتها الجهات الصحية بالدولة بهذا اللقاح الذي طورته شركة سينوفارم، وإن الإمارات لا تتحدث عن أي شيء إلا إذا كان موثوقاً.
واعتبر أن من يرفضون أخذ اللقاح لهم حرية الاختيار، ولا يجب أن يكون أي لقاح إلزامياً، ويجب التماس العذر للرافضين لأية لقاحات، فالناس مروا بظروف صعبة خلال عام 2020 في كل دول العالم، وأصبحوا لا يثقون بشيء.