احتفلت الهند في 11 نوفمبر الجاري بالذكرى الـ132 لميلاد أحد أقطاب الهند وأكثرهم تأثيراً في حركة الاستقلال وبناء الهند الحديثة، بوصفه وزير التعليم الأول تحت قيادة جواهر لال نهرو، وهي شخصية مولانا أبي الكلام آزاد (1888-1957) رئيس حزب المؤتمر الوطني لأطول فترة (1940-1945) والمقرب جداً لأبي الوطن المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو.. كان نابغة، ومفسراً جليلاً، ومفكراً عظيما، وكاتباً وصحافياً كبيراً، وخطيباً مصقعاً، وقائداً سياسياً عملاقاً.
وتحتفي الهند بيوم 11 نوفمبر كيوم التعليم الوطني منذ عام 1992، تقديراً للدور الكبير الذي لعبه مولانا آزاد في إرساء أسس التعليم الحديث بوصفه وزير التعليم الأول في الهند المستقلة، فقد وضع خطة التعليم الجديدة وأسَّس معاهد التكنولوجيا الهندية، ومعاهد العلوم الحديثة وكلية التخطيط والزراعة وهيئة الجامعات وترك بصمات خالدة في حياة الهند السياسية والفكرية والأدبية والثقافية في القرن الـ20. وأسس المجلس الهندي للعلاقات الثقافية، كما أنشأ أكاديمية الفنون التشكيلية وأكاديمية الأدب والموسيقى، ولهذه المؤسسات دور عظيم في بروز الهند على المنصة الدولية في العلوم والتكنولوجيا، والثقافة والفنون، فخريجو معاهد التكنولوجيا الهندية يشغلون مناصب قيادية في وادي السيليكون الأمريكي، والمؤسسات التعليمية والبحثية والتجارية في العالم، وقد قال: التعليم الذي يُلقّنُ من القلب يحقق ثورة في المجتمع.
ولد في مكة المكرمة، ولكن أسرته هاجرت إلى مدينة كلكتا الهندية في عام 1912، وتلقى تعليمه الديني في بيته، نبغت مواهبه منذ نعومة أظفاره، واقتحم في نضال الهند للاستقلال من الاستعمار البريطاني وهو لا يزال يافعاً؛ فأصدر مجلة الهلال ومجلة البلاغ بلغة الأردو، تناول فيهما الحكومة البريطانية بالنقد اللاذع، وألهب الحماسة الثورية في نفوس الهنود بمقالاته المؤثرة وخطبه الرنانة، وأغلقت الحكومة الصحيفتين وزجَّت به في السجن، التقى المهاتما غاندي في عام 1920، وشارك معه في كفاح الهند للاستقلال ولزمه إلى حين وفاته، وقضى في السجن 8 سنوات لنشاطاته في حركة النضال الوطني.
كان آزاد من أكبر دعاة الوحدة بين الهندوس والمسلمين، ومن المعارضين الأشداء لتقسيم الهند، فعُدّ من كبار القادة القوميين في الهند. ترك آزاد وراءه مآثر علمية جليلة مثل ترجمان القرآن (في تفسير القرآن)، وشهيد كربلاء، وغبار خاطر، والهند تفوز بالاستقلال، والمرأة المسلمة وغيرها، وفي عام 1992 منحته الحكومة أعلى جائزة تقديرية بعد الوفاة جائزة «بهارات رتن».