سامي جولال

احتفل المغرب، يوم الجمعة، بالذكرى الـ45 للمسيرة الخضراء، التي شاركت فيها دولة الإمارات العربية المتحدة، واسترجعت عبرها المملكة المغربية أقاليمها الجنوبية من إسبانيا بعد 91 سنة من الاحتلال.

ففي 23 سبتمبر 1974، تقدم المغرب بملف إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، لتعطي رأيها بخصوص رغبة المغرب في استعادة الصحراء المغربية، باعتبارها جزءاً من أراضيه.

وبعد أكثر من عام، وتحديداً في 16 أكتوبر 1975، أصدرت المحكمة رأيها، الذي أقرت فيه «أن هناك علاقة تاريخية تربط بين تلك المنطقة الصحراوية والمغرب وموريتانيا، التي كانت تطالب أيضاً بضم تلك الأقاليم الجنوبية»، في حين أوضحت المحكمة في المقابل «أن ذلك لا يعني وجود سيادة مغربية أو موريتانية سابقة على تلك المنطقة».

الخطاب الملكي

في خطاب ملكي بثه التلفزيون المغربي يوم 16 أكتوبر 1975، دعا العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني، إلى تنظيم مسيرة خضراء سلمية باتجاه الصحراء المغربية، لتخليصها من الاستعمار الإسباني، وضمها من جديد إلى المملكة المغربية.

أخبار ذات صلة

عبدالفتاح البرهان: لا نقبل المساعدات المشروطة وعلاقتنا مع إسرائيل لم تنقطع
سقوط طائرة مقاتلة مصرية أثناء تنفيذ إحدى الأنشطة التدريبية

مرَّ على إلقاء خطاب 16 أكتوبر 1975 الملكي فترة قصيرة، ليلقي الملك خطاباً آخر يوم 5 نوفمبر 1975، أعلن فيه أن اليوم التالي، 6 نوفمبر، هو تاريخ انطلاق المسيرة الخضراء، إذ قال جلالته «غداً إن شاء الله سنخترق الحدود، غداً إن شاء الله ستنطلق المسيرة الخضراء، غداً إن شاء الله ستطؤون طرفاً من أراضيكم، وستلمسون رملاً من رمالكم، وستقبِّلون ثرى من وطنكم العزيز».

انطلاق المسيرة

وانطلقت المسيرة الخضراء، التي تطلبت من الملك الحسن الثاني شهرين من التحضير وفق ما أفاد جلالته في خطابه الملكي، في اليوم التالي، بمشاركة 350 ألفاً من المواطنين المغاربة العزل المتطوعين، وكانت نسبة النساء 10% منهم، وبصحبتهم أطباء وممرضون.

ولم يحمل المشاركون، الذين قَدِموا من مختلف المناطق المغربية، أي أسلحة، إذ كانوا يحملون فقط الأعلام المغربية، و500 ألف نسخة من القرآن الكريم تمت طباعتها وتوزيعها عليهم، وتطلب نقلهم 12 ألف شاحنة و113 قطاراً، بحسب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج.

ودخل المتطوعون المغاربة إلى الصحراء المغربية، التي كانت حينها مستعمرة إسبانية، تحت مراقبة القوات المسلحة الملكية المغربية، إذ كان الملك الحسن الثاني قد قال في خطابه «إذا وجد المغرب أثناء المسيرة الخضراء أطرافاً أخرى غير الإسبان في الصحراء المغربية، فإن المملكة لن تعترف حينها بالسلم أو المسالمة مع أي أحد».

مشاركة الإمارات

الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والكويت، والأردن، وسلطنة عمان، وقطر، ولبنان، والعراق، والسودان والغابون، كلها دول شاركت في المسيرة الخضراء، بحسب وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج.

وشارك سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في المسيرة الخضراء، عندما كان يقيم سموّه في المغرب، بغرض الدراسة في المدرسة المولوية التابعة للقصر الملكي المغربي.

وبمناسبة افتتاح قنصلية الإمارات في مدينة العيون المغربية، يوم الأربعاء الماضي، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، في مؤتمر صحفي بعد الافتتاح، «لا ولن ننسى، نحن المغاربة، تلك الصورة الصادقة والمعبرة عن هذا التضامن الفعلي، والأخوة الحقة، والشهامة العربية الأصيلة، التي جعلت المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ينتدب فلذه كبده، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، وهو آنذاك ابن 14 عاماً، للمشاركة في المسيرة الخضراء المظفرة، ومقاسمة المغاربة فرحة معانقة رمال صحرائهم، وصلة الرحم مع أهلهم، واسترجاع أقاليمهم الصحراوية العزيزة».

اتفاق مدريد

وبعد نجاح المسيرة الخضراء، وقّعت إسبانيا مع المغرب وموريتانيا «اتفاقية مدريد» يوم 14 نوفمبر 1975، التي انتهى بموجبها الاستعمار الإسباني للصحراء المغربية، وتم تقسيم تلك المنطقة بين المغرب وموريتانيا، وبعدها شهدت نواكشوط في يوليو 1978، انقلاباً عسكرياً، أطاح بالرئيس الموريتاني الأسبق، المختار ولد داداه، لتتنازل موريتانيا بعد ذلك عن نصيبها في الصحراء سنة 1979، فقام المغرب بضمه إلى أراضيه.

الوضع الحالي

ويستمر النزاع حول الصحراء المغربية بين المغرب والبوليساريو منذ سنة 1975، فالبوليساريو المتواجدة في «مخيمات اللاجئين الصحراويين» في تندوف الجزائرية، والتي تأسست سنة 1973 لتحرير منطقة الصحراء من الاستعمار الإسباني وتأسيس دولة مستقلة، تطالب بمنح ساكني منطقة الصحراء، الحق في تقرير مصيرهم، عبر تنظيم استفتاء يقررون من خلاله البقاء تابعين للمغرب أو الانفصال عنه، في حين يعتبر المغرب، الذي يحكم المنطقة حالياً، أن الصحراء جزء من أراضيه وتابعة له حتَّى قبل أن تستعمرها إسبانيا سنة 1884، موضحاً أنه لن يقدم حالياً أكثر من مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه سنة 2007.