محمد سعدي كاتب ومحام ـ الجزائر
انتهى الاستفتاء على الدستور الجزائري الجديد بنتيجة انتخابية لم يسبق لها مثيل، حيث صوت 13% بـ«نعم»، و87% بـ«لا»، وحتى نسبة نعم هناك من يشكك في صحتها ونزاهتها.
الإشارات الأولى تكشف عن مشكلة أساسية ستواجه الرئيس عبد المجيد تبون في بداية الطريق، باعتبار أن مشروع الدستور هو أول مبادرة قام بها الرئيس، فالإخفاق الشعبي ستكون له عواقب وتبعات داخلياً وخارجياً، وقد يضعف من سلطة الرئيس، خاصة أن مشروع الدستور من البداية كان محل انتقادات كثيرة خاصة في بابه الأول والخاص بمشروع المجتمع.
وعلى العموم فإن فريقاً من الجزائريين يرى أن الدستور قد يسهم في تفكيك مشروع المجتمع الجزائري لا غير، وذلكم أن الجزائر وعبر مراحل نضالاتها الحديثة التاريخية ضد الاستعمار بداية من ثورة الأمير عبد القادر الجزائري حتى عشية الاستقلال سنة 1962 ثم من خلال كل الدساتير المتعاقبة، بداية من دستور 1963 حتى دستور 1996 ظل فيها مشروع المجتمع الجزائري واحداً ثابتاً، ومبنياً على ثنائية العربية والإسلام، ببعديه الحضاري العربي الإسلامي، والجغرافي الإفريقي.
من ناحية أخرى، فإن الدستور الجديد ليس مجرد تعديل وإحداث تغييرات جوهرية في مشروع المجتمع الجزائري التقليدي فمن بداية ديباجة الدستور ظهرت المفاجأة الخطيرة، وهي إضافة عبارة «الجزائر أرض عربية وأرض أمازيغية»، وهكذا قسمت الجزائر جغرافياً إلى أرضين: أرض عربية وأخرى أمازيغية، وهو مصطلح لم تعرفه الجزائر سابقاً مطلقاً حتى تاريخ ما قبل ميلاد المسيح لم نجد له أثراً، وهو تعبير يخرج الجزائر جغرافياً من مجالها الإسلامي ـ الإفريقي إلى مجال آخر وهو الفضاء المتوسطي ـ التغريبي، وهو البعد الذي ظل ينادي به دعاة الأمازيغية المزعومة لعقود من الزمن وعلانية.
وأيضاً ما ورد في المادة الرابعة من الدستور، حيث نصت على «أن الأمازيغية هي لغة رسمية ووطنية»، وبالتالي أصبحت لغة ثانية إلى جانب اللغة العربية، اللغة التقليدية، أي أن الجزائر أصبحت مقسمة إلى أرضين ولغتين، وبالتالي إلى شعبين.
وهناك مادة جديدة أكثر خطورة، وهي المادة 18 من الدستور، والتي نصت على تعدد الأديان والمعتقدات وجواز تغيير الديانة لأي شخص، وهذه المادة تسمح بالتبشير، ونشر أي دين آخر غير الدين الإسلامي، وهذا ما يسمح بانتشار المسيحية ذات الأرضية المسبقة بجغرافية (الأرض الأمازيغية المزعومة) مع دور عبادة أخرى دستوريّاً، وتحت رعاية الدولة مثلما ترعى الإسلام والمساجد.. الخ، خاصة أن الجزائر بها أقدس وأعرق كنيسة كاثوليكية عند المسيحيين الأوروبيين في كل إفريقيا وهي كنيسة «القديس أوغستين» في مدينة عنابة، والتي تسمح بها المادة 18 من الدستور، وبذلك تصبح المادة 2 من الدستور التقليدية والتي تنص على أن «الإسلام دين الدولة» لا معنى لها أصلاً، وندخل في نظام مجتمعي تتريكي ـ ديني على غرار نظام أتاتورك في تركيا.
بهذه الأحكام الدستورية الجديدة يتشكل في الجزائر مجتمع جديد داخل الجغرافية الجزائرية التقليدية، وهذا المجتمع الجديد فوق أرض، حدودها الجغرافية محدودة، وله لغته الأمازيغية، وتوجهه المتوسطي الغربي اللاتيني بعيداً كل البعد عن المجتمع الجزائري التقليدي العربي الإسلامي الإفريقي، وهذا ما يجعل هذا المجتمع المستحدث دستورياً تحت حماية النظام العالمي الجديد باسم حماية الأقليات الدينية والعرقية واللغوية، وهذا ما كانت تعمل من أجله فرنسا بالذات ومنذ عقود، حتى تتمكن من التدخل المباشر والعلني في كل الشؤون الداخلية الجزائرية، وباسم الدستور الجزائري نفسه، وهو أقصى ما كانت تعمل عليه فرنسا ومنذ عقود، وقد تحقق لها مبتغاها.
انتهى الاستفتاء على الدستور الجزائري الجديد بنتيجة انتخابية لم يسبق لها مثيل، حيث صوت 13% بـ«نعم»، و87% بـ«لا»، وحتى نسبة نعم هناك من يشكك في صحتها ونزاهتها.
الإشارات الأولى تكشف عن مشكلة أساسية ستواجه الرئيس عبد المجيد تبون في بداية الطريق، باعتبار أن مشروع الدستور هو أول مبادرة قام بها الرئيس، فالإخفاق الشعبي ستكون له عواقب وتبعات داخلياً وخارجياً، وقد يضعف من سلطة الرئيس، خاصة أن مشروع الدستور من البداية كان محل انتقادات كثيرة خاصة في بابه الأول والخاص بمشروع المجتمع.
من ناحية أخرى، فإن الدستور الجديد ليس مجرد تعديل وإحداث تغييرات جوهرية في مشروع المجتمع الجزائري التقليدي فمن بداية ديباجة الدستور ظهرت المفاجأة الخطيرة، وهي إضافة عبارة «الجزائر أرض عربية وأرض أمازيغية»، وهكذا قسمت الجزائر جغرافياً إلى أرضين: أرض عربية وأخرى أمازيغية، وهو مصطلح لم تعرفه الجزائر سابقاً مطلقاً حتى تاريخ ما قبل ميلاد المسيح لم نجد له أثراً، وهو تعبير يخرج الجزائر جغرافياً من مجالها الإسلامي ـ الإفريقي إلى مجال آخر وهو الفضاء المتوسطي ـ التغريبي، وهو البعد الذي ظل ينادي به دعاة الأمازيغية المزعومة لعقود من الزمن وعلانية.
وأيضاً ما ورد في المادة الرابعة من الدستور، حيث نصت على «أن الأمازيغية هي لغة رسمية ووطنية»، وبالتالي أصبحت لغة ثانية إلى جانب اللغة العربية، اللغة التقليدية، أي أن الجزائر أصبحت مقسمة إلى أرضين ولغتين، وبالتالي إلى شعبين.
وهناك مادة جديدة أكثر خطورة، وهي المادة 18 من الدستور، والتي نصت على تعدد الأديان والمعتقدات وجواز تغيير الديانة لأي شخص، وهذه المادة تسمح بالتبشير، ونشر أي دين آخر غير الدين الإسلامي، وهذا ما يسمح بانتشار المسيحية ذات الأرضية المسبقة بجغرافية (الأرض الأمازيغية المزعومة) مع دور عبادة أخرى دستوريّاً، وتحت رعاية الدولة مثلما ترعى الإسلام والمساجد.. الخ، خاصة أن الجزائر بها أقدس وأعرق كنيسة كاثوليكية عند المسيحيين الأوروبيين في كل إفريقيا وهي كنيسة «القديس أوغستين» في مدينة عنابة، والتي تسمح بها المادة 18 من الدستور، وبذلك تصبح المادة 2 من الدستور التقليدية والتي تنص على أن «الإسلام دين الدولة» لا معنى لها أصلاً، وندخل في نظام مجتمعي تتريكي ـ ديني على غرار نظام أتاتورك في تركيا.
بهذه الأحكام الدستورية الجديدة يتشكل في الجزائر مجتمع جديد داخل الجغرافية الجزائرية التقليدية، وهذا المجتمع الجديد فوق أرض، حدودها الجغرافية محدودة، وله لغته الأمازيغية، وتوجهه المتوسطي الغربي اللاتيني بعيداً كل البعد عن المجتمع الجزائري التقليدي العربي الإسلامي الإفريقي، وهذا ما يجعل هذا المجتمع المستحدث دستورياً تحت حماية النظام العالمي الجديد باسم حماية الأقليات الدينية والعرقية واللغوية، وهذا ما كانت تعمل من أجله فرنسا بالذات ومنذ عقود، حتى تتمكن من التدخل المباشر والعلني في كل الشؤون الداخلية الجزائرية، وباسم الدستور الجزائري نفسه، وهو أقصى ما كانت تعمل عليه فرنسا ومنذ عقود، وقد تحقق لها مبتغاها.