أغلق محتجون من جبهة البوليساريو منذ 21 أكتوبر المنصرم معبر منطقة الكَركَرات -وهي منطقة شبه خالية تقع في أقصى الجنوب المغربي، ومنزوعة السلاح بموجب اتفاق عام 1991 الأممي بين المغرب والبوليساريو- وهو ما شلَّ حركة مرور الشاحنات المحملة بالسلع والبضائع، والمتجهة نحو موريتانيا ودول جنوب الصحراء، أو تلك القادمة من هذه الأخيرة والمتجهة نحو أوروبا.
وتسبب تحرك البوليساريو في معبر الكَركَرات في التأثير على الأمن الغذائي لموريتانيا، التي شهدت ارتفاعاً في أسعار الخضار والفاكهة إلى مستويات كبيرة بسبب ندرتها، بحسب تقارير إعلامية.
وتُبرر البوليساريو ما تقوم به «بأن المعبر يخرق اتفاق وقف إطلاق النار بين المغرب والبوليساريو؛ لأنه لم يكن موجوداً عند توقيعه عام 1991، وبالتالي يجب إغلاقه»، إذ أنشأ المغرب عام 2016 طريقاً مُعبَّداً في المنطقة، يربط بين نقطتي الحراسة المغربية والموريتانية.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي تقوم فيها جبهة البوليساريو بعرقلة حركة مرور الشاحنات من المعبر المذكور، إذ يعود التوتر بين المغرب والبوليساريو في منطقة الكَركَرات إلى عام 2016، عندما أجرى المغرب حملة تمشيطية في المعبر الحدودي؛ لمحاربة العاملين في التهريب والاتجار غير المشروع، في حين أرسلت البوليساريو مجموعة من مسلَّحيها إلى المعبر.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، المغرب والبوليساريو، حينها، إلى سحب قواتهما العسكرية من المنطقة، وهو ما استجاب له المغرب في فبراير 2017، فيما لم تستجب البوليساريو إلا في أبريل من العام نفسه.
أهمية المعبر
قال الخبير المغربي في شؤون الصحراء، نوفل بعمري، «إن معبر الكَركَرات هو المعبر الذي يربط براً بين المغرب وموريتانيا. وتكمن أهميته في كونه المنفذ البري الوحيد، الذي يربط شمال إفريقيا بعمقها الموريتاني والإفريقي».
وأضاف بعمري، في حديث مع «الرؤية» أن «أهمية معبر الكَركَرات زادت مع ارتفاع المبادلات التجارية بين المغرب وموريتانيا من جهة وبين المغرب وإفريقيا من جهة أخرى، ومع تحول المغرب إلى مركز تجاري ونقطة تمركز للشاحنات التجارية الأوروبية التي تمر من المملكة ومن معبر الكَركَرات وصولاً إلى إفريقيا»، معتبراً «أن ما تقوم به البوليساريو منذ ما يزيد على أسبوع في المعبر، يعد خرقاً للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة».
لماذا تغلق البوليساريو المعبر؟
في هذا الجانب، أوضح أستاذ القانون بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد الحفيظ أدمينو، أنه «مقابل الانتصارات الدبلوماسية التي يحققها المغرب في إفريقيا بخصوص قضية الصحراء منذ عودته لمنظمة الاتحاد الإفريقي سنة 2017، لم يعد أمام جبهة البوليساريو سوى القيام بمثل هذه الاستفزازات».
وتوقع أدمينو، في تصريح لـ«الرؤية» أن «تزداد استفزازات البوليساريو خلال الفترة المقبلة، بعد افتتاح مجموعة من الدول الإفريقية ودولة الإمارات العربية المتحدة لقنصلياتها بمدينتي العيون والداخلة في الصحراء المغربية».
أما نوفل بعمري، فيرى أن ما تقوم به البوليساريو في معبر الكَركَرات ما هو إلا رد فعل على مختلف المشاريع التنموية، التي يقوم بها المغرب في منطقة الصحراء المغربية، والتي ستحولها إلى قطب اقتصادي إقليمي ودولي حقيقي.
وأفادت (وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة)، التابعة لجبهة البوليساريو، عبر موقعها الإلكتروني، «أن المتظاهرين في معبر الكَركَرات مستمرون في اعتصامهم، مطالبين بإغلاق تلك الثغرة التي يعتبرونها غير قانونية.
في المقابل، «جدد مجلس الأمن الدولي، يوم الجمعة المنصرم، قلقه إزاء استفزازات البوليساريو وانتهاكاتها للاتفاقات العسكرية في الصحراء. وأمرها باحترام التزاماتها، التي قطعتها في هذا الصدد أمام المبعوث الشخصي السابق للأمين العام للأمم المتحدة، هورست كوهلر». بحسب وكالة المغرب العربي للأنباء المغربية.
كما دعا السفير الأمريكي بالمغرب، دايفيد فيشر، في تصريحات إعلامية، إلى عدم عرقلة حركة السير المدنية والتجارية المنتظمة عبر معبر الكَركَرات الحدودي. وهو الأمر نفسه الذي دعا إليه الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، نيكولاس دي ريفيير، في تفسيره للتصويت على القرار 2548 حول الصحراء المغربية، الذي صادق عليه مجلس الأمن يوم الجمعة الماضي، وفق ما أوردته (وكالة المغرب العربي للأنباء) المغربية.
من يتضرر من إغلاق المعبر؟
أستاذ العلوم السياسية بمعهد العلوم السياسية في آكس أون بروفانس الفرنسية، محمد الطوزي، قال إن «إغلاق المعبر يضر بمصالح المغرب، لكن أكبر المتضررين هي موريتانيا؛ لأنها تعتمد بشكل كبير على المغرب في تزويدها بالخضار والفاكهة واللحوم ومختلف المواد الغذائية، ما ينتج عنه ارتفاع في أسعارها بالأسواق الموريتانية».
من جانب آخر، يلفت الطوزي الانتباه، في حديثه مع «الرؤية»، إلى «أن إغلاق المعبر يخدم المغرب في ما يتعلق بتوقف دخول السلع الصينية إلى أراضيه قادمة من مدينة نواذيبو الموريتانية، التي حولتها الصين إلى منطقة انطلاق تجارية توزع من خلالها سلعها في المنطقة».