محمد البحراوي ـ دبي

هنا حكاية الآباء التي اجتمعت بها 7 لآلئ لتشكل الدولة الواحدة، قصة وطن جمعته روح الاتحاد، سيرة الإرادة والرؤية والمصير المشترك، قصة قادة عظام ووطن شامخ رفعوا رايته في الأفق خفاقة، تاريخ صرح يحكي ذاكرة أمة ويخلد حدثاً راسخاً في ذاكرة الإماراتيين وبصمة ناصعة تثري المشهد الحضاري للإمارات.

متحف الاتحاد بمنطقة جميرا بدبي، حيث رفع علم الإمارات العربية المتحدة لأول مرة، مكان شهد توقيع أهم الوثائق: الأولى التي ضمنت تأسيس الدولة الحديثة بعزم القادة وحلم الإماراتيين لتأسيس الدولة، ثم انتخاب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، رئيساً لدولة الإمارات، والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، نائباً للرئيس، وتم توقيع اتفاقية وحدة دولة الإمارات وإنشائها، ليصبح المكان الخطوة الأولى للدولة التي نعيش فيها اليوم.

«الرؤية» زارت متحف الاتحاد الذي يهدف إلى تأكيد القيمة التاريخية للموقع الذي تم توقيع وثيقة قيام دولة الإمارات ورفع علمها فيه للمرة الأولى، حيث يسلط المتحف الضوء على الأحداث التي وقعت بين عامي 1968 و1974 مع عرض السياق السياسي والاجتماعي الذي مرت به الإمارات المنفردة حتى مرحلة الاتحاد والازدهار.

في 24 يناير عام 2014 عرض المجلس الاستشاري لمتحف الاتحاد العديد من التصاميم على صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي «رعاه الله»، حيث وقع الاختيار على التصميم النهائي للمتحف الذي استقي من الوثيقة التي تم توقيعها يوم الاتحاد عام 1971.



وبعد اعتماد الدراسة الإنشائية والتصميم تم تكليف هيئة الطرق والمواصلات بتنفيذ المشروع بجوار دار الاتحاد الذي شهد توقيع اتفاق تأسيس الدولة بين الإمارات السبع، على مساحة 26 ألف متر مربع وتمت التوصية بإقامة المتحف تحت سطح الأرض للمحافظة على الشكل التاريخي للمنطقة.

أخبار ذات صلة

«اصنع في الإمارات» يسجل 32 اتفاقية وصفقات محتملة بـ 110 مليارات درهم
شرطة أبوظبي تطلق «صيف بأمان 3» لتعزيز الوقاية والسلامة


ويحتوي المتحف على 3 أقسام رئيسية: الأول وهو الأعمق «المتحف الدائم»، والقسم الثاني هو مستوى قاعة المحاضرات وغرف الخدمات، والقسم الثالث هو مواقف السيارات، وتمت إضافة مبنى الاستقبال المستوحى من قصة الاتحاد.

وكان التوجه الأساسي للمشروع هو إعادة شكل المكان إلى ما كان عليه عام 1971 حيث كان البحر يصل إلى المنطقة المحاذية لدار الاتحاد، لذلك قبل البدء بالإنشاءات تم إزاحة موقع سارية العلم مسافة 25 متراً لتتناسب مع التصميم الجديد للمتحف، وتم زيادة ارتفاع السارية الجديدة إلى 123 متراً لتتوافق مع قرار مجلس الوزراء الخاص بتحديد ارتفاع سارية العلم بالدولة، كما تم وضع سارية بارتفاع 8 أمتار في مكان توقيع وثيقة الاتحاد محاطة بمسطح مائي لتتناسب مع الشكل الذي كانت عليه عام 1971.

وعمل في إنشاء المتحف 30 ألف عامل ومهندس بناء مختصين سابقوا الزمن لإنشاء المتحف وفق أحدث المواصفات على مستوى العالم، وتم الانتهاء من المشروع باستخدام أكثر من 7000 طن حديد، وأكثر من 50 ألف متر مكعب من الخرسانة.



ويتألف المبنى من طابقين اثنين، الأول مخصص لاستقبال الزوار قبل إدخالهم إلى الطابق السفلي بطريقة منظمة بعد حصولهم على تذاكر الدخول، كما يقع يمين المدخل المجسم الذي يتضمن مقدمة دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، يقابله من الجهة الأخرى المدرجات الضخمة التي يحاذيها الدرج الموصل إلى الطابق العلوي بإطلالة من خلال النوافذ الزجاجية الكبيرة.

كما يضم الطابق الثاني لمبنى الاستقبال قاعات المعارض المؤقتة التي تنظم الفعاليات والمناسبات، وتم الأخذ في الاعتبار عند إنشاء الطابق السفلي للمتحف أن يكون هو المعرض الدائم لكافة المقتنيات الثمينة المتعلقة بتاريخ الاتحاد، ويضم الموقع عدداً من المباني التاريخية التي تم ترميمها مثل مبنى دار الاتحاد الذي شهد توقيع وثيقة قيام الدولة وتم إدخال بعض التحسينات عليه وإرجاعه إلى شكله الأصلي، كما تم ترميم قصر الضيافة المجاور وإعادة ترميم مفروشاته بشكل مماثل لحالتها الأصلية، كما تم ترميم المبنى التابع لدار الاتحاد والذي يحتوي على مجلس لاستقبال كبار الزوار وقاعة للاجتماعات.

ويضم المتحف محتويات فريدة تعزز مكانته كأحد أهم الوجهات التاريخية والترفيهية والثقافية بالدولة، كالطوابع والعملات ونسخة من الوثيقة الأصلية التي تم توقيعها عام 1971 بالإضافة إلى قطع نادرة تعود إلى الأسر الحاكمة، وبعض الممتلكات الشخصية التي تعود للآباء المؤسسين والتي تتيح الاطلاع على ملامح من حياتهم في تلك الفترة.

ويبين تصميم المتحف أنه عصري وحديث يحرص على عرض مجموعاته بشكل ديناميكي وحديث وتم الابتعاد عن فكرة الفاترينات القديمة، ويجد الزائر العديد من الوسائل الحديثة والعصرية مثل الأفلام والصور والرسوم المتحركة، وتواجد قسم للمعارض المؤقتة التي تجذب الزائر دائماً إلى المتحف وتبرز قضايا لا تستطيع المجموعات الدائمة توفيرها، وأهم ما يميز المكان هو تواجد روح المؤسسين في جنبات المتحف.

ويحتضن المتحف حديقة داخلية شبه محاطة بالكامل بالحواجز الزجاجية، ويتدفق على جدارها الخلفي شلال ماء يزيد رونقها جمالاً، وترتفع في الحديقة الشجرة التي زرعها بيديه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في 14 نوفمبر عام 2012، كما يضم المتحف قاعة مخصصة للمكتبة تحتوي على أكثر من 3000 كتاب منوع ما بين التاريخي والاجتماعي والسيرة الذاتية.