بدأت السلطات الجزائرية حملة الترويج للدستور الجديد بعدما مر سريعاً على البرلمان محافظاً على سلطات واسعة لرئيس الجمهورية كما تضمن نقاطاً أثارت حفيظة المحافظين والإسلاميين في ظل استمرار نشطاء الحراك في رفض التعاطي مع مخرجات السلطة.
وبعد مناقشة لأقل من أسبوع، وافق البرلمان على الوثيقة الجديدة في جلسة قاطعتها أحزاب المعارضة.
ودعا الرئيس عبدالمجيد تبون، الهيئة الناخبة للاستفتاء على الدستور الجديد يوم 1 نوفمبر، على أن تنطلق المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية الأحد المقبل لمدة 8 أيام.
وبدأت حكومة رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد الحملة الدعائية لــ«دستور الجزائر الجديدة» حيث ضبطت وزارة الاتصال برنامجها لتحديد المتدخلين الذي ستعتمد عليهم السلطة لشرح الدستور الجديد والدفاع عنه.
وتصب أغلب المداخلات عبر وسائل الإعلام سواء لمسؤولين في مختلف الهيئات التي لها علاقة باستفتاء الدستور، أو للخبراء «المسموح لهم» بالتحدث على الهواء، على الحديث عن إنجاح الموعد الانتخابي المقبل، وارتباط ذلك بالتصويت لصالحه في الاستفتاء الشعبي.
وعبرت أحزاب الموالاة في عهد الرئيس بوتفليقة الذي ثار عليه الشعب في 22 فبراير 2019، كجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر، عن تأييدها للدستور الجديد، في حين يستمر الحراك الشعبي في رفض المسارات التي وضعتها السلطة ومنها مشروع تعديل الدستور.
وقالت جبهة القوى الاشتراكية المعارضة، والمقاطعة لجلسة التصويت على الدستور في البرلمان، في بيان لقيادتها يوم الأربعاء إن «المسار الحالي للسلطة لا يستجيب للآمال المشروعة للملايين من الجزائريين والجزائريات الذين عبروا بوضوح عن رغبتهم في التغيير منذ 22 فبراير 2019».
وستعلن الجبهة موقفها النهائي الذي يتوقع أن يكون مقاطعة الاستفتاء، في 25 و26 سبتمبر حين ينعقد اجتماع مجلسها الوطني.
وتراجعت الوثيقة النهائية عن منصب نائب رئيس الجمهورية لأن «نائب الرئيس يجب أن يكون مختاراً من طرف الشعب، في انتخابات رئاسية إلى جانب الرئيس»، كما أوضح رئيس المجلس الدستوري كمال فنيش في حوار مع الإذاعة المحلية.
وأثارت نقاط دسترة الأمازيغية في المواد «الصماء» للدستور غير القابلة للتعديل في المستقبل، وكذا دسترة حرية المعتقد حفيظة المحافظين المناوئين للقضية الأمازيغية، وبعض الإسلاميين.
وحمل الدستور الجديد تغييراً في العقيدة العسكرية الجزائرية، بعدما أقر إمكانية إرسال وحدات عسكرية إلى الخارج في مهام حفظ السلام، تحت قبعة الأمم المتحدة، وهي المادة التي أثارت جدلاً لدى العديد من الأوساط السياسية.
لكن المؤسسة العسكرية عبرت عن ارتياحها لهذه المادة، وقال وزير العدل بلقاسم زغماتي أثناء مناقشة القانون في البرلمان إن «مهام الجيش الجزائري خارج الحدود تبدأ حين تنتهي الحروب».
واكتشف المختصون أثناء عرض مشروع القانون على البرلمان «بدعة سياسية» كما وصفها لـ«الرؤية» الخبير القانوني والمحلل السياسي فاتح قرد تتمثل في تعيين وزير أول تارة إذا خلفت الانتخابات التشريعية أغلبية برلمانية من حزب رئيس الجمهورية، وتعيين رئيس للحكومة تارة أخرى إذا أسفرت الانتخابات عن أغلبية خارج حزب رئيس الجمهورية.
وبذلك يصبح النظام السياسي، حسب قرد، يميل تارة إلى نظام شبه برلماني في وجود رئيس حكومة وتارة أخرى إلى النظام الشبه الرئاسي في وجود وزير أول، وهي سابقة في الأنظمة السياسية حسبه.
وأشار ناشطون، في تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تعهد الرئيس تبون أثناء أدائه اليمين الدستورية في ديسمبر 2019 بعد صعوده لسدة الحكم بأنه سيقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية التي كرسها بوتفليقة في تعديلاته لدستور 1996 المتتالية.
وانتقد الناشط وأستاذ القانون الدستوري رضا دغبار على يوتيوب سيطرة رئيس الجمهورية على كامل السلطات داخل الدولة، حيث يسيطر على الجيش والسياسة الخارجية والقضاء، وعلى الحكومة والسلطة التشريعية عبر الاستمرار بالتشريع بالأوامر في حال شغور البرلمان وحق الاعتراض «الفيتو» على أي قانون صادق عليه البرلمان من خلال طلب إجراء مداولة ثانية على القانون.