محمد ناصر النجدي

بين التراجيديا والكوميديا، يتراوح فيلم فورست غامب الذي أصبح من علامات السينما العالمية، وحقق الأوسكار لبطله توم هانكس، ومزج بين البعد الإنساني والأحداث السياسية التي شهدتها أمريكا، ما جعله من أهم الأفلام التي تتحدث عن حرب فيتنام، رغم أنها أحد مكوناته الدرامية.

تدور أحداث الفيلم في عهدي كينيدي وجونسون، ويتعرض لفضيحة ووترجيت، وأحداث تاريخية أخرى في 9 من أهم سنوات أمريكا نتابعها عبر رؤية رجل بسيط محدود الذكاء من ألاباما، كل ما يريده من الحياة أن يلتئم شمله مع حبيبة الطفولة!





بدأ عرض الفيلم في 6 يوليو 1994، وسرعان ما سيطر على الإيرادات وحقق ما يقرب من مليار دولار عالمياً، رغم أن ميزانيته لم تتخطَّ 55 مليون دولار.

ومنذ ليلة العرض الأولى أصبح توم هانكس نجماً عالمياً، ومعه بقية النجوم بدرجات متفاوتة مثل روبين رايت، سالي فيلد، ميكلتي ويليامسون وغاري سينيز، وتردد اسم فورست غامب في أرجاء المعمورة ومعه الشعار الذي رفعه البطل «الحياة مثل علبة شيكولاتة».

أخبار ذات صلة

جي ريتشي يخرج النسخة الواقعية من هيركيوليز
أميرة «ديزني» في «ذي برينسس».. مقاتلة شرسة لا تنتظر من ينقذها





وسيطر الفيلم على جوائز الأوسكار في الدورة الـ67 مقتنصاً 6 جوائز من بينها أفضل فيلمٍ وأفضل مخرجٍ لروبرت زيميكس، وأفضل ممثلٍ لتوم هانكس، وأفضل سيناريو، وأفضل مؤثراتٍ بصريةٍ وأفضل مونتاج فيلم.

واختارت مكتبة الكونغرس الفيلم في عام 2011، لحفظه في سجلات الأفلام الوطنية للولايات المتحدة، تقديراً لما يحمله من معانٍ جميلة راقية ثقافياً وتاريخياً.

والفيلم مأخوذ من رواية تحمل الاسم نفسه من تأليف ونستون جروم، صدرت في عام 1968 والمفارقة أن مبيعات الرواية زادت بصورة هائلة بعد عرض الفيلم، رغم أن المنطق السائد يقول إن الفيلم يستفيد عادة من رواج الرواية الأصلية، وكانت مبيعات الرواية قبل عرض الفيلم لا تتجاوز 30 ألف نسخة زادت إلى 1.6 مليون نسخة بعد نجاحه.





والطريف أن سلسلة مطاعم كبيرة حملت اسم الفيلم وبطله للاستفادة من نجاحه وشهرته.

الغريب أن توم هانكس اعترف في الذكرى الـ25 للفيلم أنه كان متخوفاً من نجاحه وقبول الجمهور له وشخصيته الرئيسية.



والحقيقة أن فورست غامب في الرواية يختلف عن فورست غامب في السينما، فهو في الرواية يدخن المخدرات، ويعمل مع النجمة الأسطورية راكيل وولش، ويواجه آكلي لحوم البشر، ويترشح لمجلس النواب الأمريكي تحت شعار هزلي «أريد أن أتبول!.«

كما أن قامة البطل في الرواية كانت أطول ووزنه أثقل لذلك رشحت الشركة المنتجة في البداية النجم جون غودمان لضخامة بنيانه وتطابقه مع مواصفات الشخصية، الأكثر من ذلك أن هانكس رفض الفيلم في البداية عندما عرض عليه شفهياً، ولكنه وافق على الفور عندما قرأ السيناريو.





ورغم نجاح الفيلم جماهيرياً وحصده جوائز الأوسكار إلا أن آراء النقاد تباينت حوله، ما بين أنه «فيلم سحري» بحسب الناقد رودر إيبرت إلى أنه تعامل مع الأحداث المهمة في تلك الفترة وكأنه «طفل في حديقة ملاهٍ أمريكية» وفقاً لناقد في مجلة «إنترتينمينت ويكلي«.

ولأن المخرج كان غير مقتنع بالحوار الذي كتبه السيناريست حول حرب فيتنام، توصل إلى حل في المسيرة المناهضة للحرب، يتمثل في أن يعطل أحد المشاركين الميكروفون عندما يبدأ فورست غامب خطبته، فلا تسمع الكلمات!



كما كان هناك مشهد في الفيلم يحوي الناشط الأسطوري الراحل مارتن لوثر كنغ، ولكن المخرج حذفه في المونناج لأنه رأى أنه يقلل من مكانة كنغ.

ولكي يضفي المخرج طابعاً أمريكياً خالصاً على الفيلم، لم يستعن بأي موسيقي أو مطرب لا يحمل الجنسية الأمريكية.





وحقق توم هانكس إنجازاً لم يسبقه إليه في عالم الممثلين الرجال سوى النجم سبنسر تريسي عندما فاز بأوسكار أفضل ممثل مرتين متتاليتين، وهما في عام 1994 عن فيلم فيلادلفيا، وفي عام 1995 عن دوره في فيلم فورست غامب، وسبقه فقط سبنسر في هذا الرقم القياسي بالفوز في عامي 1938، 1939.

وصورت مشاهد حرب فيتنام الشهيرة في ولاية ساوث كارولينا، كما أن المؤثرات الصوتية والبصرية مثل مشاهد جبال روكي، والقارب وهو يبحر في وقت الغروب، ونصب فالي، كلها كانت طبيعية من دون اللجوء للكمبيوتر.





ورغم أن المخرج تخوف في البداية من أن الأجيال الجديدة لن تشاهد الفيلم، إلا أن الشباب كانوا هم الجمهور الرئيس له في الولايات المتحدة الأمريكية.