فاطمة اللامي

أستطيع القول من خلال عدة مواقف خاصة وأخرى مقروءة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو التقاطات خاطفة لحوارات دراميّة تلفزيونية أو سينمائية، ومن خلال بعض الإصدارات الأدبية، إن هناك عملية تدوير معكوسة طالت بعض الأمثال الشعبية التي رأى «مُدوّروها» أنها فقدت صحتها، بل مصداقيتها تماماً، ولم يبقَ أمام تلك الثوابت المتوارثة سوى تحويرها بشكل ساخر، أو تحويلها إلى مواقف كاريكاتيرية من الكوميديا السوداء، بل وظّفها رسامو الكاريكاتير في رسوماتهم، لكن بشكل معكوس لمضمونها الأصيل.
وهنا يبدو للمتلقي أن المثل أو القول المأثور نص يتغيّر بحسب الضرورات وحاجة المجتمعات، ويستطيع أن يوازي بقوة فن الشعر وغيره من الفنون الإنسانية لسهولة حفظه، باعتباره أداة تعبيرية شفهية برعت الطبقات الفقيرة والمتوسطة في نسجها، وقدرتها على توصيف وتوثيق الكثير من المواضيع الإجتماعية والثقافية والبيئية والأخلاقية، فضلاً عن التحولات السياسية بشكل مختزل وصادم أحياناً.
كما يتبيّن لكثرة الكتب الجامعة لهذا الموروث الشعبي أن أكثر الباحثين فيه اجتهدوا في جمعه، وانصبّوا على تنقيحه، وتأكيد انتماء أو نفي بعض الأمثال لبيئة أو ثقافة بعينها، ولم يسعوا كفئة باحثة متخصصة في هذا المضمار إلى رفد ذلك الموروث بجديد يغني تلك السلسلة التراكمية من الأمثال والأقوال المأثورة، ليجعلوا منه فناً قابلاً للتطوير كسائر أشكال الفنون الأدبية الشعبية، والمساهمة في إثراء هذا الموروث الجميل وحفظه من الاندثار والزوال.

أخبار ذات صلة

الاستثمار في الأمن الغذائي
أعيدوا لنا 7:15 – 1:30