لم تتوقف أخبار الموت والإصابات منذ بدء تفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 في بداية 2020، إذ أصاب الفيروس أكثر من مليون شخص حول العالم خلال الربع الأول من العام فقط، وتسبب بموت أكثر من 100 ألف شخص. في حين اتخذت عشرات الدول إجراءات صارمة لمواجهة هذه الجائحة والعمل على تقليص خسائرها والحد منها قدر الإمكان.
هذه الأرقام التي سببت حالة من الهلع في نسيج الأنظمة الصحية الدولية، وأقلقت الحكومات والهيئات ومنظمة الصحة العالمية قد لا تكون الأكثر فتكاً وتسبباً بالخوف! فهناك ما يحدث سنوياً من حوادث وكوارث تقتل وتصيب أضعاف ما تسبب به فيروس كورونا منذ تفشيه وحتى نهاية الربع الأول من هذا العام ـ أي قرابة الثلاثة أشهر.
بحسب منظمة الصحة العالمية وإحصائها المتعلق بحوادث السير في العالم، أشارت إلى أكثر من 1.38 مليون وفاة نتيجة الحوادث المرورية سنوياً، وأكثر من 20 مليون إصابة سنوية غير مميتة بعضهم تسبب العجز؛ هذا الرقم كان متغيراً عما ذكرته المنظمة في تقريرها الدوري الذي صدر في 2015، بعنوان «التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق».
في تقرير 2015، أوضحت منظمة الصحة العالمية الزيادة النسبية لعدد الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق بمختلف أنواعها في كافة أنحاء العالم، منذ بداية الألفية إذ أظهر الرسم البياني أكثر من مليون حالة وفاة سنوية في 2001، ازدادت في فترة 2004 ـ 2007 لتصل إلى أكثر من 1.1 مليون، ولتزداد في فترة 2007 ـ 2010 لتصل إلى قرابة الـ 1.2 مليون. ولتقف عند حاجز 1.25 مليون حالة وفاة ناجمة عن الحوادث المرورية في نهاية 2013.
في التقرير الدوري، ذكرت منظمة الصحة العالمية أن رؤساء الدول الذين حضروا اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2015، اعتمدوا خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي تشرح إحدى غاياتها عزمهم على خفض عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث الطرق إلى النصف بحلول عام 2020.
يظهر جلياً أن هذه الغاية لم تتحقق حتى اللحظة، فكما أشرنا هناك أكثر من 1.35 مليون حالة وفاة نتيجة حوادث الطرق تحدثت عنهم منظمة الصحة العالمية في مايو 2019، أي أن الغاية التي سعت المنظمة لتحقيقها بحلول 2020 لم تحقق أهدافها، بل العكس، حيث توضح الأرقام الزيادة الملحوظة في نسب الوفيات التي ترتفع سنوياً منذ بداية الألفية، والزيادة التي سجلت منذ اجتماع الجمعية العامة ونشر تقرير حالة الطرق في أكتوبر 2015.
تفصيلاً فيما يتعلق بوفيات كورونا وحوادث الطرق؛ حوادث الطرق بأنواعها تقتل سنوياً أكثر من مليون شخص بالمتوسط، ما يعني أن هناك أكثر من ربع مليون حالة وفاة في كل ربع سنة في العالم منذ 2001، وحتى 2020.
وهو ما يزيد بأكثر من الضعف عن حالات الوفاة التي تسببت بها جائحة كوفيد-19، في ربع عام فقط منذ بداية تفشيه في أواخر ديسمبر 2019.
حالات الوفاة التي ترتبط بحوادث الطرق في العالم، ليست وحدها الأكثر فتكاً من كورونا المستجد.
فالتقارير والأرقام المعلنة من الهيئات المختصة ومنظمة الصحة العالمية عن وفيات المجاعات التي تتجاوز سنوياً العشرة ملايين حالة. أظهرت كوارث تواجه العالم منذ عشرات السنوات وتستمر بحصد أرواح البشر بأرقام تتزايد باطراد ربما يكون أثرها بالإجمال أشد من جائحة كورونا التي تسببت بخسائر ضخمة وعزلت أكثر من نصف سكان الكوكب وأوقفت الحياة في العالم حتى إشعار آخر.