المدرسة ينبغي أن تكون مكاناً يشعر فيه التلاميذ بالمتعة
يكاد المختصون يتفقون على أن طبيعة المدرسة هي التي تحدد علاقة التلميذ بالتعليم، فإذا كان التلميذ يشعر بالسعادة في مدرسته، فإن مواهبه سوف تتفتق، أما إذا شعر بأنها محل سأمه فإن مواهبه لن تتجمد فحسب، ولكنه أيضاً سيكره المدرسة، ويصبح خروجه منها هو هدفه الوحيد، مثل السجين الذي يحب الخروج من سجنه.
المدرسة ينبغي أن تكون مكاناً يشعر فيه التلاميذ بالمتعة عندما يدخلونها، وبعدم الراحة عندما يغادرونها.. هذه هي المدرسة القادرة على تخريج أجيال من المبدعين.
وليست المدرسة فقط هي التي يجب أن تكون مكاناً لسعادة الطفل، بل طريقة التدريس أيضاً ينبغي أن تكون جذابة ومبتكرة لكي يشعر التلميذ بأنه جزء فاعل من العملية التعليمية، أما إذا كانت من النوع الذي اعتاده أحد أساتذتي عندما كنت طالباً في الثانوية، فإنها ستنفر التلميذ من الدراسة.. كان أستاذنا يسلك طريقة «إرهابية»، فعندما يدخل القاعة يقف أمامنا دقائق من الصمت الرهيب وهو ينظر إلى كل تلميذ بعينين رهيبتين كأنهما أسلحة حداد، ثم يختار أحدنا عشوائياً ويأمره بالوقوف، ويسأله أسئلة في الدرس السابق، وإذا لم يجب إجابة ترضيه وبَّخه بعنف، وربما أخرجه من الحجرة.
كان التلاميذ يدخلون القاعة في جو مرعب، ويخيم عليهم صمت مطبق، وأبصارهم شاخصة وهم ينظرون إلى الأستاذ نظر المغشي عليه من الموت.. كان كل تلميذ يتوقع أن يكون أول ضحية.. الجميع يترقب ويرقب.. والمحظوظ منا من يبدأ به الأستاذ، لأنه حينئذ يتنفس الصعداء ويرتاح بقية تلك الحصة، وهو يتفرج على ضحايا الأستاذ الواحد بعد الآخر!
كان ذلك الأستاذ يدرِّس التاريخ، ولا أخفي أني أصبت بعقدة نفسية من هذه المادة الجميلة فترة طويلة، وعلى خلاف التاريخ، كنت أحب الفلسفة لأن منهج أستاذها كان مختلفاً، فهو يشركنا بطريقة طوعية في النقاش، ولا يهمه من يخطئ أو يصيب، وكان يقول لنا: لا يهم أن نتفق أو نختلف، بل المهم أن نعبر عن أفكارنا بحرية.
كنا نخرج من حصة التاريخ كأنَّا خارجون من نار، وندخل درس الفلسفة كأنَّا داخلون في جنة.. لذلك، ليس من باب المصادفة أن تتصدر فنلندا قائمة العالم في جودة تعليمها، لأنها جعلت المدرسة مكاناً لسعادة التلاميذ.
المدرسة ينبغي أن تكون مكاناً يشعر فيه التلاميذ بالمتعة عندما يدخلونها، وبعدم الراحة عندما يغادرونها.. هذه هي المدرسة القادرة على تخريج أجيال من المبدعين.
وليست المدرسة فقط هي التي يجب أن تكون مكاناً لسعادة الطفل، بل طريقة التدريس أيضاً ينبغي أن تكون جذابة ومبتكرة لكي يشعر التلميذ بأنه جزء فاعل من العملية التعليمية، أما إذا كانت من النوع الذي اعتاده أحد أساتذتي عندما كنت طالباً في الثانوية، فإنها ستنفر التلميذ من الدراسة.. كان أستاذنا يسلك طريقة «إرهابية»، فعندما يدخل القاعة يقف أمامنا دقائق من الصمت الرهيب وهو ينظر إلى كل تلميذ بعينين رهيبتين كأنهما أسلحة حداد، ثم يختار أحدنا عشوائياً ويأمره بالوقوف، ويسأله أسئلة في الدرس السابق، وإذا لم يجب إجابة ترضيه وبَّخه بعنف، وربما أخرجه من الحجرة.
كان ذلك الأستاذ يدرِّس التاريخ، ولا أخفي أني أصبت بعقدة نفسية من هذه المادة الجميلة فترة طويلة، وعلى خلاف التاريخ، كنت أحب الفلسفة لأن منهج أستاذها كان مختلفاً، فهو يشركنا بطريقة طوعية في النقاش، ولا يهمه من يخطئ أو يصيب، وكان يقول لنا: لا يهم أن نتفق أو نختلف، بل المهم أن نعبر عن أفكارنا بحرية.
كنا نخرج من حصة التاريخ كأنَّا خارجون من نار، وندخل درس الفلسفة كأنَّا داخلون في جنة.. لذلك، ليس من باب المصادفة أن تتصدر فنلندا قائمة العالم في جودة تعليمها، لأنها جعلت المدرسة مكاناً لسعادة التلاميذ.