فضاء حيوي
لعل أكثر أفكار الإنسان عتمة وانعزالاً قد يكون أيضاً شكلاً من أشكال تعبيره عن رغبته بالوجود، هذه الفكرة المثيرة تناولها الفيلسوف الإنجليزي سايمون في كتابه: «ملاحظات حول الانتحار» Notes On Suicide الصادر عام 2015.
يتناول الكتاب في فصلين عوالم الانتحار وأدبياته بدءاً من تاريخ وجوده وطريقة تناوله بين المجتمعات الغربية والشرقية على مرور الوقت، مقلباً فيمن يتناوله بالتجريم والتحريم وبين من يتناوله بالتعاطف والإجازة، دون أن يتوقف على طرف من الأطراف باعتباره الطرف الفائز في هذه المناظرة النفسية والاجتماعية.
في الفصل الثاني من الكتاب يركز سايمون على بعض نماذج أدبيات الانتحار، ويذكر أن أول رسالة انتحار مسجلة قد تعود لعصور قديمة كالعهد الفرعوني، على سبيل المثال، منتقلاً من ذلك إلى سؤال الغاية الفعلية: ما الذي يدفع كائناً مقبلاً على الفناء، وهو يرغب في ذلك بشدة، إلى ترك النقيض، رسالة قوية مدللة على وجوده، بمثابة أثر أخير يحميه من الاضمحلال الكامل؟
ولعل سايمون هنا يقدم تحليله الخاص على هيئة سؤال، فيشير إلى أن المغادر هنا أيضاً قد تراه يناقض نفسه، فيختار بقعة شهيرة ومكتظة بالشهود غالباً ليقوم بفعلته الأخيرة إلى جانب الرسالة، فلماذا يحرص على ذلك؟ إن لم يكن يرى ضرورة أن يتأكد الآخرون أنه كان موجوداً فعلاً ولم يكن عدماً.
كما أنه يتناول في موضع آخر إصرار بعض المنتحرين على اختيار أماكن معروفة لتنفيذ فعل الانتحار كالجسور الشهيرة والمباني العالية، لكأنهم بذلك يمارسون فعل حماية آخر من العدم.. هم الذين تركوا بصمتهم الخالدة على هذه المنصات الشهيرة.
قد لا نستطيع يوماً حسم الدواخل الإنسانية بشكل كامل، لكن من المهم أن نستطيع أن نتأمل بجدية أكثر الظواهر عتمة بدلاً من مجابهتها بالصمت الخجول أو الخائف. الكتاب يأتي كفرصة للتأمل في أحد أسباب الفناء غير المبررة حتى الآن.
يتناول الكتاب في فصلين عوالم الانتحار وأدبياته بدءاً من تاريخ وجوده وطريقة تناوله بين المجتمعات الغربية والشرقية على مرور الوقت، مقلباً فيمن يتناوله بالتجريم والتحريم وبين من يتناوله بالتعاطف والإجازة، دون أن يتوقف على طرف من الأطراف باعتباره الطرف الفائز في هذه المناظرة النفسية والاجتماعية.
في الفصل الثاني من الكتاب يركز سايمون على بعض نماذج أدبيات الانتحار، ويذكر أن أول رسالة انتحار مسجلة قد تعود لعصور قديمة كالعهد الفرعوني، على سبيل المثال، منتقلاً من ذلك إلى سؤال الغاية الفعلية: ما الذي يدفع كائناً مقبلاً على الفناء، وهو يرغب في ذلك بشدة، إلى ترك النقيض، رسالة قوية مدللة على وجوده، بمثابة أثر أخير يحميه من الاضمحلال الكامل؟
كما أنه يتناول في موضع آخر إصرار بعض المنتحرين على اختيار أماكن معروفة لتنفيذ فعل الانتحار كالجسور الشهيرة والمباني العالية، لكأنهم بذلك يمارسون فعل حماية آخر من العدم.. هم الذين تركوا بصمتهم الخالدة على هذه المنصات الشهيرة.
قد لا نستطيع يوماً حسم الدواخل الإنسانية بشكل كامل، لكن من المهم أن نستطيع أن نتأمل بجدية أكثر الظواهر عتمة بدلاً من مجابهتها بالصمت الخجول أو الخائف. الكتاب يأتي كفرصة للتأمل في أحد أسباب الفناء غير المبررة حتى الآن.