سجل زعيم التنظيم الإرهابي الأعنف في العالم، أبوبكر البغدادي، ظهورين مختلفين، أولهما ظهوره العلني في يوليو 2014 أثناء الصلاة في جامع النوري الكبير في غرب الموصل العراقية، وذلك بعد إعلانه «الخلافة» المزعومة، والثاني قبل يومين بعد دحر تنظيم داعش المتطرف من آخر جيوبه في منطقة الباغوز في شرق سوريا، والقضاء نهائياً على مناطق سيطرة التنظيم وإعلان سقوط «الخلافة»، ولكن هذه المرة ليس من منبر، بل عبر فيديو من مخبئه في كهوف الصحراء، فيما لم يعد تنظيمه سوى مجموعة متفرقة من الخلايا السرية.
وما بين الظهورين فارق كبير، فبعدما كان البغدادي يتحكم في وقت ما بمصير سبعة ملايين شخص على امتداد أراض شاسعة في سوريا وما يقارب ثلث مساحة العراق، لا يقود اليوم إلا مسلحين مشتتين عاجزين هم أنفسهم عن معرفة مكان وجوده، رغم تطرقه في الفيديو إلى اعتداءات سريلانكا التي تبناها تنظيمه أخيراً.
ولا يزال أبوبكر البغدادي الذي ظهر للمرة الأولى قبل يومين منذ خمس سنوات في الفيديو، على رأس قائمة كبار المطلوبين في العالم، حتى بعدما خسر «الخلافة» المزعومة على أراض بين سوريا والعراق تفوق 240 ألف كيلو متر مربع.
وترصد الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يساعد في الوصول إلى البغدادي البالغ من العمر 47 عاماً، لكن في الواقع البغدادي بعيد جداً عن تأثير زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي طاردته الولايات المتحدة إلى أن تمكنت قوات خاصة من تصفيته عام 2011 في باكستان.
ويقول ضباط غربيون كبار ومسؤولون عراقيون «اسألوا أياً كان في الشارع في أوروبا أو في الولايات المتحدة .. من هو البغدادي؟، لن تحصلوا على أي رد فعل، في حين أنه مع بن لادن، كان الرعب مخيماً»، حتى التحالف ضد تنظيم داعش كان يؤكد أن هدفه الأول هو سقوط «الخلافة» وليس القبض على البغدادي أو قتله.
وبرغم كونه بعيداً عن تأثير زعيم تنظيم القاعدة، إلا أن البغدادي بدا أنه دخل في مرحلة بن لادن من خلال ظهوره بنفس الطريقة التي كان بن لادن يظهر بها عبر تسجيلات فيديو، بدل ما كان يوجه خطابات مكتوبة أو رسائل صوتية.
ففي الفيديو الذي بثه تنظيم داعش يظهر البغدادي بلحية طويلة بيضاء ومحناة الأطراف، واضعاً منديلاً أسود على رأسه، ويفترش الأرض إلى جانب آخرين أخفيت وجوههم، ومتحدثاً بنبرة بطيئة.
ويقول الخبير بالحركات الإرهابية هشام الهاشمي إن البغدادي «محاط بثلاثة أشخاص فقط، أخوه جمعة وهو أكبر منه، وسائقه وحارسه الشخصي عبد اللطيف الجبوري الذي يعرفه منذ طفولته، وساعي بريده سعود الكردي»، ويوجد هؤلاء جميعهم في منطقة بادية الشام الصحراوية الممتدة من وسط سوريا إلى الحدود العراقية.
إبراهيم البدري
تذكر الصحافية صوفيا أمارا في فيلم وثائقي أعدته عن البغدادي، أن اسمه الحقيقي إبراهيم عواد البدري، مشيرة إلى أنه كان «انطوائياً وخجولاً وغير واثق من نفسه».
ولد البغدادي في عام 1971 لأسرة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد، وهو متزوج من امرأتين، أنجب أربعة أطفال من الأولى وطفلاً من الثانية، ووصفته إحدى زوجتيه بأنه «رب أسرة طبيعي»، وكان مولعاً بكرة القدم، ويحلم بأن يصبح محامياً، لكن نتائجه الدراسية لم تسمح له بدخول كلية الحقوق.
أبدى أيضاً طموحاً للالتحاق بالسلك العسكري، لكن ضعف بصره حال دون ذلك، لتقوده الأمور في نهاية المطاف إلى الدراسات الدينية في بغداد قبل أن يصبح إماماً في العاصمة العراقية في عهد صدام حسين.
وكان دخول البغدادي إلى سجن بوكا الواقع على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود العراقية الكويتية، نقطة حاسمة في حياته.
فقد اعتقل البغدادي الذي كان شكل لدى اجتياح العراق في عام 2003 مجموعة متطرفة ذات تأثير محدود، في فبراير 2004، وأودع سجن بوكا الذي كان يؤوي أكثر من 20 ألف معتقل.
وكان السجن يضم معتقلين من قادة حزب البعث في عهد صدام حسين ومتطرفين، وتحول في ما بعد إلى «جامعة التطرف».
وعن فترة اعتقال البغدادي، توضح أمارا أن الجميع «أدركوا تدريجياً أن هذا الشخص الخجول الذي لم يكن شيئاً، أصبح عقلاً استراتيجياً في النهاية».
وبعد إطلاق سراحه في ديسمبر 2004 لعدم وجود أدلة كافية ضده، بايع البغدادي أبومصعب الزرقاوي الذي كان يقود مجموعة من المقاتلين تابعة لتنظيم القاعدة.
وفي أكتوبر 2005، أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها قتلت «أبودعاء»، وهو اسم حركي كان يعتقد أن البغدادي يستخدمه.
لكن تبين أن هذا الأمر لم يكن صحيحاً، بما أن البغدادي تسلم مسؤولية داعش في مايو 2010، بعد مقتل زعيمها أبو عمر البغدادي ومساعده أبو أيوب المصري في غارة جوية عند الحدود السورية العراقية.
وتمكن البغدادي بعد ذلك من تعزيز موقع المتطرفين في العراق، وتحت قيادته، أعادت هذه المجموعة تنظيم صفوفها إلى أن تحولت في عام 2013 إلى تنظيم «داعش»، بعدما استغل المتطرفون النزاع في سوريا المجاورة، قبل أن يشنوا هجومهم الواسع في العراق في السنة التالية.
وحتى اليوم، ورغم الهزيمة الكبيرة في العراق، وإعلان القضاء على «الخلافة» في سوريا، لا يزال عناصر تنظيم داعش يتبنون اعتداءات في كل أنحاء العالم كان آخرها هجمات استهدفت كنائس وفنادق في سريلانكا وأوقعت 256 قتيلاً.
العراق: خطر داعش مازال قائماً
قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، إن تنظيم داعش لا يزال يشكل خطراً كامناً في جميع أنحاء العالم رغم تضاؤل قدراته، وإن الفيديو الذي ظهر فيه زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي تم تصويره في منطقة نائية.
ولم يحدد عبد المهدي في أي بلد تقع تلك المنطقة، لكنه قال إن مقطع الفيديو الذي نشره التنظيم على الإنترنت، هو محاولة لدعم أتباع التنظيم المتطرف وإن التنظيم سيحاول تنفيذ مزيد من الهجمات.
كما تعهدت الولايات المتحدة بتعقّب قادة تنظيم داعش الإرهابي الطلقاء وإنزال الهزيمة بهم، وذلك بعد ظهور أبوبكر البغدادي في الفيديو.
وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم المتطرف سيقاتل في كل أنحاء العالم لـ «ضمان هزيمة دائمة لهؤلاء الإرهابيين وإحضار قادتهم الذين لا يزالون طلقاء أمام العدالة لينالوا العقاب الذي يستحقونه».
وأضاف المتحدث أن محللي الحكومة الأمريكية «سيراجعون التسجيل ويحيلونه إلى وكالات الاستخبارات لتأكيد صحته».
وما بين الظهورين فارق كبير، فبعدما كان البغدادي يتحكم في وقت ما بمصير سبعة ملايين شخص على امتداد أراض شاسعة في سوريا وما يقارب ثلث مساحة العراق، لا يقود اليوم إلا مسلحين مشتتين عاجزين هم أنفسهم عن معرفة مكان وجوده، رغم تطرقه في الفيديو إلى اعتداءات سريلانكا التي تبناها تنظيمه أخيراً.
ولا يزال أبوبكر البغدادي الذي ظهر للمرة الأولى قبل يومين منذ خمس سنوات في الفيديو، على رأس قائمة كبار المطلوبين في العالم، حتى بعدما خسر «الخلافة» المزعومة على أراض بين سوريا والعراق تفوق 240 ألف كيلو متر مربع.
ويقول ضباط غربيون كبار ومسؤولون عراقيون «اسألوا أياً كان في الشارع في أوروبا أو في الولايات المتحدة .. من هو البغدادي؟، لن تحصلوا على أي رد فعل، في حين أنه مع بن لادن، كان الرعب مخيماً»، حتى التحالف ضد تنظيم داعش كان يؤكد أن هدفه الأول هو سقوط «الخلافة» وليس القبض على البغدادي أو قتله.
وبرغم كونه بعيداً عن تأثير زعيم تنظيم القاعدة، إلا أن البغدادي بدا أنه دخل في مرحلة بن لادن من خلال ظهوره بنفس الطريقة التي كان بن لادن يظهر بها عبر تسجيلات فيديو، بدل ما كان يوجه خطابات مكتوبة أو رسائل صوتية.
ففي الفيديو الذي بثه تنظيم داعش يظهر البغدادي بلحية طويلة بيضاء ومحناة الأطراف، واضعاً منديلاً أسود على رأسه، ويفترش الأرض إلى جانب آخرين أخفيت وجوههم، ومتحدثاً بنبرة بطيئة.
ويقول الخبير بالحركات الإرهابية هشام الهاشمي إن البغدادي «محاط بثلاثة أشخاص فقط، أخوه جمعة وهو أكبر منه، وسائقه وحارسه الشخصي عبد اللطيف الجبوري الذي يعرفه منذ طفولته، وساعي بريده سعود الكردي»، ويوجد هؤلاء جميعهم في منطقة بادية الشام الصحراوية الممتدة من وسط سوريا إلى الحدود العراقية.
إبراهيم البدري
تذكر الصحافية صوفيا أمارا في فيلم وثائقي أعدته عن البغدادي، أن اسمه الحقيقي إبراهيم عواد البدري، مشيرة إلى أنه كان «انطوائياً وخجولاً وغير واثق من نفسه».
ولد البغدادي في عام 1971 لأسرة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد، وهو متزوج من امرأتين، أنجب أربعة أطفال من الأولى وطفلاً من الثانية، ووصفته إحدى زوجتيه بأنه «رب أسرة طبيعي»، وكان مولعاً بكرة القدم، ويحلم بأن يصبح محامياً، لكن نتائجه الدراسية لم تسمح له بدخول كلية الحقوق.
أبدى أيضاً طموحاً للالتحاق بالسلك العسكري، لكن ضعف بصره حال دون ذلك، لتقوده الأمور في نهاية المطاف إلى الدراسات الدينية في بغداد قبل أن يصبح إماماً في العاصمة العراقية في عهد صدام حسين.
وكان دخول البغدادي إلى سجن بوكا الواقع على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود العراقية الكويتية، نقطة حاسمة في حياته.
فقد اعتقل البغدادي الذي كان شكل لدى اجتياح العراق في عام 2003 مجموعة متطرفة ذات تأثير محدود، في فبراير 2004، وأودع سجن بوكا الذي كان يؤوي أكثر من 20 ألف معتقل.
وكان السجن يضم معتقلين من قادة حزب البعث في عهد صدام حسين ومتطرفين، وتحول في ما بعد إلى «جامعة التطرف».
وعن فترة اعتقال البغدادي، توضح أمارا أن الجميع «أدركوا تدريجياً أن هذا الشخص الخجول الذي لم يكن شيئاً، أصبح عقلاً استراتيجياً في النهاية».
وبعد إطلاق سراحه في ديسمبر 2004 لعدم وجود أدلة كافية ضده، بايع البغدادي أبومصعب الزرقاوي الذي كان يقود مجموعة من المقاتلين تابعة لتنظيم القاعدة.
وفي أكتوبر 2005، أعلنت الولايات المتحدة أن قواتها قتلت «أبودعاء»، وهو اسم حركي كان يعتقد أن البغدادي يستخدمه.
لكن تبين أن هذا الأمر لم يكن صحيحاً، بما أن البغدادي تسلم مسؤولية داعش في مايو 2010، بعد مقتل زعيمها أبو عمر البغدادي ومساعده أبو أيوب المصري في غارة جوية عند الحدود السورية العراقية.
وتمكن البغدادي بعد ذلك من تعزيز موقع المتطرفين في العراق، وتحت قيادته، أعادت هذه المجموعة تنظيم صفوفها إلى أن تحولت في عام 2013 إلى تنظيم «داعش»، بعدما استغل المتطرفون النزاع في سوريا المجاورة، قبل أن يشنوا هجومهم الواسع في العراق في السنة التالية.
وحتى اليوم، ورغم الهزيمة الكبيرة في العراق، وإعلان القضاء على «الخلافة» في سوريا، لا يزال عناصر تنظيم داعش يتبنون اعتداءات في كل أنحاء العالم كان آخرها هجمات استهدفت كنائس وفنادق في سريلانكا وأوقعت 256 قتيلاً.
العراق: خطر داعش مازال قائماً
قال رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، إن تنظيم داعش لا يزال يشكل خطراً كامناً في جميع أنحاء العالم رغم تضاؤل قدراته، وإن الفيديو الذي ظهر فيه زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي تم تصويره في منطقة نائية.
ولم يحدد عبد المهدي في أي بلد تقع تلك المنطقة، لكنه قال إن مقطع الفيديو الذي نشره التنظيم على الإنترنت، هو محاولة لدعم أتباع التنظيم المتطرف وإن التنظيم سيحاول تنفيذ مزيد من الهجمات.
كما تعهدت الولايات المتحدة بتعقّب قادة تنظيم داعش الإرهابي الطلقاء وإنزال الهزيمة بهم، وذلك بعد ظهور أبوبكر البغدادي في الفيديو.
وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية إن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم المتطرف سيقاتل في كل أنحاء العالم لـ «ضمان هزيمة دائمة لهؤلاء الإرهابيين وإحضار قادتهم الذين لا يزالون طلقاء أمام العدالة لينالوا العقاب الذي يستحقونه».
وأضاف المتحدث أن محللي الحكومة الأمريكية «سيراجعون التسجيل ويحيلونه إلى وكالات الاستخبارات لتأكيد صحته».