باحث في الحوكمة والتنمية ــ السودان
هنالك ظنون تقول: إن الإنجازات الصناعية الحديثة لا تقدر عليها إلا بلدان معيّنة، وشعوب معيّنة.. تقول كذلك إن الفرق بين الأوروبيين والآسيويين الشرقيين، من جهة، وبين الشعوب المتخلفة تنمويّاً، مثل الأفارقة والعرب، من الجهة الأخرى، يكاد يكون فرقاً نوعيّاً، بحيث إن هذه لا تستطيع أن تصبح كتلك في مضمار التكنولوجيا والابتكار، وإن أرادت ذلك.. حسناً، دعونا ننظر إلى بعض القصص المختصرة، الموثّقة: القصة الأولى: في منتصف القرن المنصرم، كان الهنود والصينيون والكوريون، جميعهم محسوبين ضمن زمرة الشعوب «الغبية»، قليلة الابتكار وكثيرة التقيّد بالتقاليد البالية التي تكبّل خطوها.. تغيّرت هذه النظرة لتلك الشعوب تماماً خلال عقود بسيطة، وكان تغيّرها نتيجة وليس سبباً لتطور هذه الشعوب في مضمار التكنولوجيا والابتكار حالياً الهند والصين ثالث ورابع «قوّتين فضائيتين».
القصة الثانية: في منطقة أفريقيا الجنوبية، ورغم أن زيمبابوي تمر حالياً بظروف صعبة، اقتصادياً وسياسياً، أدت لهجرة الكثير من أهلها للدول المجاورة – جنوب أفريقيا، ناميبيا، إلخ - طلباً لفرص حياة وعمل أفضل، إلا أن هنالك جانباً آخر من القصة مجهولاً للعالم: أن العمّال ذوي التأهيل العالي من زيمبابوي يُعتبَرون مكسباً كبيراً للمؤسسات التجارية والبحثية في الدول التي تستقبلهم (حتى جنوب أفريقيا التي تُعتَبَر متقدمة على زيمبابوي). والسبب المعروف وراء ذلك أن النظام التنموي التعليمي في زيمبابوي، منذ الثمانينيات، ورغم الظروف الأخيرة، أنتج موارد بشرية للتنمية مشهوداً لها بالكفاءة العالية.
القصة الثالثة: مركز بحوث هندسية تنزاني، نجح قبل نحو عقدين في إنتاج محرك احتراق داخلي (كمحرك السيارة) تنزاني التصميم والفبركة، وبعد الفراغ من مرحلة تجهيز النموذج الأول (prototype) كان المفترض، حسب الخطة التي وُضِعَت أيام الرئيس الأسبق جوليوس نْيَريري، أن تتحرك تنزانيا لمرحلة الاستثمار في توسيع وتطوير الإنتاج، لكن حالت قرارات سياسية لاحقة دون الاستمرار في تمويل ذلك الخط، فتوقف المشروع عند تلك النقطة.
هذه قصص متفاوتة، ومختصرة جداً، مفادها أن ارتفاع قدرات الإنتاج لدى الشعوب إنما هو غالباً نتيجة استثمار استراتيجي طويل المدى، في الموارد البشرية والقطاعات المحورية، لا نتيجة خصائص نوعية للشعوب، كما زعمت الظنون.
القصة الثانية: في منطقة أفريقيا الجنوبية، ورغم أن زيمبابوي تمر حالياً بظروف صعبة، اقتصادياً وسياسياً، أدت لهجرة الكثير من أهلها للدول المجاورة – جنوب أفريقيا، ناميبيا، إلخ - طلباً لفرص حياة وعمل أفضل، إلا أن هنالك جانباً آخر من القصة مجهولاً للعالم: أن العمّال ذوي التأهيل العالي من زيمبابوي يُعتبَرون مكسباً كبيراً للمؤسسات التجارية والبحثية في الدول التي تستقبلهم (حتى جنوب أفريقيا التي تُعتَبَر متقدمة على زيمبابوي). والسبب المعروف وراء ذلك أن النظام التنموي التعليمي في زيمبابوي، منذ الثمانينيات، ورغم الظروف الأخيرة، أنتج موارد بشرية للتنمية مشهوداً لها بالكفاءة العالية.
القصة الثالثة: مركز بحوث هندسية تنزاني، نجح قبل نحو عقدين في إنتاج محرك احتراق داخلي (كمحرك السيارة) تنزاني التصميم والفبركة، وبعد الفراغ من مرحلة تجهيز النموذج الأول (prototype) كان المفترض، حسب الخطة التي وُضِعَت أيام الرئيس الأسبق جوليوس نْيَريري، أن تتحرك تنزانيا لمرحلة الاستثمار في توسيع وتطوير الإنتاج، لكن حالت قرارات سياسية لاحقة دون الاستمرار في تمويل ذلك الخط، فتوقف المشروع عند تلك النقطة.