كاتبة وناقدة ــ البحرين
بعد تكشف الدور الخطير الذي لعبته أحزاب وجماعات الإسلام السياسي، في أحداث عام 2011م في العالم العربي، لا يزال بعض رموزهم وأدواتهم الإعلامية يكررون الشعارات القديمة السابقة، وهي أن خلاف أحزاب الإسلام السياسي مع أنظمة الحكم هو جزء من دور حركات المعارضة في قضايا العدالة والحرية والديمقراطية ومراقبة المال العام ومحاربة الفساد، وأن العداء الشديد من قبل الأنظمة ضد حركات الإسلام السياسي هو عداء لشرع الله والخوف من تطبيقه وتوجه الأنظمة لنشر الفساد وزعزعة القيم في المجتمع تلهية للشعوب عن الواقع السياسي.
في الأربعين عاماً الماضية تمكنت حركات الإسلام السياسي من التحول من حركات عقائدية إلى حركات جماهيرية عبر سيطرتها على المساجد والمنابر والأنظمة التعليمية، وعبرها تمكنت من السيطرة على وعي الجماهير، وحشر الحركات العلمانية والحداثية والليبرالية في زاوية الإلحاد ونشر الفساد والرذيلة في المجتمع، وبسبب الضغط الاجتماعي (الجبار) والإرهاب الفكري الذي وصل إلى حد الاغتيالات وقعت الحركات الحداثية في الفخ، فانشغلت بتبرئة نفسها من تهمة الإلحاد، وتفسير مقاصدها، والأخطر من كل ذلك، أن برزت ظاهرة خطيرة في الحراك السياسي العربي المعاصر وهي ظاهرة (تأسلم اليسار العربي)! وبمراجعة أدبيات الإسلام السياسي والبحث عن مفهوم (الحرية والعدالة والديمقراطية)، وهي مفاهيم حداثية غربية، سنجد أن لدى الإسلام السياسي مشكلات عديدة في قضايا الحريات الشخصية والعامة التي يرى الإسلامويون أنهم مكلفون بضبطها عند عامة الناس، ولديهم مشكلة في مساواة حقوق المرأة بالرجل، والموقف من الأديان والمذاهب وارتباطها بالمواطنة والحقوق المتساوية، كما أن نظرية (الخلافة في الحكم) وإن تضعضعت إلا أن إتاحة تداول السلطة على انفتاحه كما في التجارب الغربية ليس مقبولاً في أدبيات الإسلام السياسي، ناهيك عن الموقف الأزلي من الحداثة الذي يوصي بالاستفادة من المنتجات الحديثة دون الدخول في متطلبات إنتاجها التي تقوم على حرية التفكير، والتجريب والإيمان المطلق بالعقل وقدراته، وهو ما يخالف قواعد العقل المقدس الإسلاموي المؤطر بحدود الغيبيات.
وإذا كانت انتقادات الشعوب العربية للأنظمة تدور حول هامش الحريات العامة، ونزاهة المؤسسات الديمقراطية واستقلاليتها، والبنى الاقتصادية المتعثرة، فإن الأزمة مع تيارات الإسلام السياسي تقوم حول حقيقة (مفهوم وفلسفة) الحرية والعدالة والديمقراطية، التي يرفض الإسلام السياسي النقاش فيها، أو يحيل تفاصيلها إلى الشريعة الإسلامية وتجربة الخلافة النبوية، ثم الراشدة والعباسية ثم العثمانية في اجتزاء مكشوف ومصنوع للتاريخ، وبالتالي يعيد اتهام مخالفيه بالإلحاد ومحاربة الشريعة والدعوة إلى الرذيلة، مستثيراً بذلك مخاوف جماهيره وغيرتهم على الدين وعلى الأخلاق العامة.
في الأربعين عاماً الماضية تمكنت حركات الإسلام السياسي من التحول من حركات عقائدية إلى حركات جماهيرية عبر سيطرتها على المساجد والمنابر والأنظمة التعليمية، وعبرها تمكنت من السيطرة على وعي الجماهير، وحشر الحركات العلمانية والحداثية والليبرالية في زاوية الإلحاد ونشر الفساد والرذيلة في المجتمع، وبسبب الضغط الاجتماعي (الجبار) والإرهاب الفكري الذي وصل إلى حد الاغتيالات وقعت الحركات الحداثية في الفخ، فانشغلت بتبرئة نفسها من تهمة الإلحاد، وتفسير مقاصدها، والأخطر من كل ذلك، أن برزت ظاهرة خطيرة في الحراك السياسي العربي المعاصر وهي ظاهرة (تأسلم اليسار العربي)! وبمراجعة أدبيات الإسلام السياسي والبحث عن مفهوم (الحرية والعدالة والديمقراطية)، وهي مفاهيم حداثية غربية، سنجد أن لدى الإسلام السياسي مشكلات عديدة في قضايا الحريات الشخصية والعامة التي يرى الإسلامويون أنهم مكلفون بضبطها عند عامة الناس، ولديهم مشكلة في مساواة حقوق المرأة بالرجل، والموقف من الأديان والمذاهب وارتباطها بالمواطنة والحقوق المتساوية، كما أن نظرية (الخلافة في الحكم) وإن تضعضعت إلا أن إتاحة تداول السلطة على انفتاحه كما في التجارب الغربية ليس مقبولاً في أدبيات الإسلام السياسي، ناهيك عن الموقف الأزلي من الحداثة الذي يوصي بالاستفادة من المنتجات الحديثة دون الدخول في متطلبات إنتاجها التي تقوم على حرية التفكير، والتجريب والإيمان المطلق بالعقل وقدراته، وهو ما يخالف قواعد العقل المقدس الإسلاموي المؤطر بحدود الغيبيات.