باحث في المستقبليات ــ الجزائر
رغم أن الزمن ليس زمن نكتة أو ضحك، إلا أنه علينا أن نُبرِز كيف أن شر السياسة ما يُضحك، إذا ما أضحكت السياسة شعباً من الشعوب، علينا أن نعلم أنه لجأ إلى السخرية لتفادي الانفجار أو التَّفجير، وهو ما يُلخّص في كثير من الجوانب الحالة الجزائرية في حراكها السياسي اليوم.
لقد عرفت الجزائر منذ استعادة سيادتها خمس حركات شعبية كبرى لها علاقة بالاحتجاج على السلطة، الأولى صيف سنة 1962 أشهراً قليلة بعد وقف إطلاق النار، عندما بدأ رفقاء السلاح يتقاتلون وكان شعارها «سبع سنين بركات» (أي تكفينا سبع سنوات من الثورة ضد المُستعمِر)، والثانية سنة 1988 لإسقاط رموز الفساد في الدولة الاشتراكية وتحقيق الحياة الكريمة للمواطنين، والثالثة سنة 1991 التي رفعت شعار «الدولة الإسلامية»، والرابعة سنة 2001 التي اختصت بمنطقة القبائل، والخامسة التي نعيشها اليوم.. كل هذه الحركات رافقتها الدماء والدموع، إلا الحراك الأخير...
غداة الاستقلال سقطت أرواح كثيرة رغم أن جراح الثورة ما زالت تنزف، وعشية الانتقال من الاشتراكية إلى الليبرالية فقدت الجزائر العشرات من خيرة أبنائها، وبعد سنة 1991 دخلت كل البلاد في عشرية الدم والدموع بعشرات الآلاف من الضحايا والآلاف من المفقودين، وخلال الربيع الأمازيغي دفع الثمن بأرواحهم، العشرات من أبناء منطقة القبائل الأبرياء...
أما اليوم فنحن أمام حراك مختلف ومن نوع آخر تماماً، زيادة على سِلميته فهو لأول مرة في تاريخ الاحتجاج الشعبي في الجزائر يلجأ إلى النكتة كسلاح، فالعشرات بل المئات من اللافتات التي رُفعت تضمّنت إيحاءات سياسية ساخرة: «ربي حَلَّل أربع عهدات.. طلّقنا سيّدي»، «أريده (زوجاً) مثل بوتفليقة كلما طلبت منه الرحيل ازداد تعلُّقاً بي»، «قلنا الماكلة مالحة (الأكل مالح) بَدَّلوا لنا المغارف (الملاعق)»، «لم نخرج عن الحاكم خرجنا للبحث عن حاكم»، «ماكرون (الرئيس الفرنسي) إذا تخلطها في دزاير (الجزائر) نخلطها في فرنسا».
وهناك العشرات إن لم أقل المئات من الشعارات الساخرة لا تتسع هذه المساحة لسردها، وليس هنا مجال تحليلها، وحدها تقول لك إن الشعب الجزائري من خلال هذا التعبير الجديد عن مواقفه إنما أراد ليس الترويح عن النفس، بل أن يمنع عنها الغضب، وتلك قِمّة السِّلمية! لأول مرة في تاريخ شعب عُرف بثوريته الدائمة.
لقد عرفت الجزائر منذ استعادة سيادتها خمس حركات شعبية كبرى لها علاقة بالاحتجاج على السلطة، الأولى صيف سنة 1962 أشهراً قليلة بعد وقف إطلاق النار، عندما بدأ رفقاء السلاح يتقاتلون وكان شعارها «سبع سنين بركات» (أي تكفينا سبع سنوات من الثورة ضد المُستعمِر)، والثانية سنة 1988 لإسقاط رموز الفساد في الدولة الاشتراكية وتحقيق الحياة الكريمة للمواطنين، والثالثة سنة 1991 التي رفعت شعار «الدولة الإسلامية»، والرابعة سنة 2001 التي اختصت بمنطقة القبائل، والخامسة التي نعيشها اليوم.. كل هذه الحركات رافقتها الدماء والدموع، إلا الحراك الأخير...
غداة الاستقلال سقطت أرواح كثيرة رغم أن جراح الثورة ما زالت تنزف، وعشية الانتقال من الاشتراكية إلى الليبرالية فقدت الجزائر العشرات من خيرة أبنائها، وبعد سنة 1991 دخلت كل البلاد في عشرية الدم والدموع بعشرات الآلاف من الضحايا والآلاف من المفقودين، وخلال الربيع الأمازيغي دفع الثمن بأرواحهم، العشرات من أبناء منطقة القبائل الأبرياء...
وهناك العشرات إن لم أقل المئات من الشعارات الساخرة لا تتسع هذه المساحة لسردها، وليس هنا مجال تحليلها، وحدها تقول لك إن الشعب الجزائري من خلال هذا التعبير الجديد عن مواقفه إنما أراد ليس الترويح عن النفس، بل أن يمنع عنها الغضب، وتلك قِمّة السِّلمية! لأول مرة في تاريخ شعب عُرف بثوريته الدائمة.