باحث في الحوكمة والتنمية ـ السودان
التكنولوجيا تبدأ بشروط البيئة لتمر بمخاض التصميم البشري لتنعكس على البيئة مرة أخرىباعتبارها سلطة خامسة، تحتاج التكنولوجيا بأي مجتمع للتفعيل بواسطة مؤسسات اجتماعية.. هنا تظهر بعض أعراض الخلط العام حول ماهية التكنولوجيا، ففي حين يتبادر لعموم الأذهان أنها مجموع الآلات والبضائع المنتشرة في حياتنا المعاصرة فحسب، يفيد النظر المتعمّق أن تعريف التكنولوجيا أكثر شمولاً وانضباطاً من ذلك.
أصل الكلمة يأتي من الإغريقية القديمة، إذ تشكّلت من كلمتين: تِكني techne ولوقوس logos الشق الأول يعني «فن، مهارة، حرفة» والثاني يعني عموماً «التعبير عن»، فصارت الكلمة «تكنولوجيا» تعني حرفياً «التعبير عن الحرفة أو المهارة أو الفن».. تلك زاوية يمكن منها فهم الصورة العامة، لكن في مجالات دراسات التكنولوجيا، وكذلك التنمية، تُستدعَى تعريفات أكثر دقة.
أحد تلك التعريفات قدّمه إيفريت روجرز، في بحوثه حول انتشار الابتكارات، إذ عرّف التكنولوجيا باعتبارها «التصميم من أجل فعل ذرائعي (أي وسيط لغاية أخرى) يقلل من حجم المجهولية في أي علاقة سببية تساهم في تحقيق نتائج مرغوبة ومحددة»، وباعتبارها في العادة تشتمل على نطاقين: نطاق صلب (أي التجسيد المادي للأداة أو الماكينة) ونطاق ناعم (أي القاعدة المعلوماتية والخبرة المطلوبة لتفعيل الأداة أو الماكينة). أما يوهان غالتونق، فقد شدَّد في دراسته لعلاقات التكنولوجيا بالتنمية على إظهار وجه مهم، وهو أن التكنولوجيا تشكّل الفرق بين الدورات البيئية «الطبيعية» وبين الدورات الاقتصادية البشرية «المصنوعة».
معنى هذا أن التكنولوجيا تتضمن منطقياً إعادة تشكيل الدورات البيئية، فهي إذن راية تحويل الدورات الطبيعية إلى دورات اقتصادية.
عندما نحاول الربط بين هذه التعريفات المستعرضة بتلخيص شديد، يظهر لنا أن التكنولوجيا تبدأ بشروط البيئة، لتمر بمخاض التصميم البشري (بقدراته ومحدودياته وأهدافه) لتنعكس على البيئة مرة أخرى ولكن بسحنة بشرية يلعب الاقتصاد فيها دوراً أساسياً؛ ومع الاقتصاد تأتي المؤسسات الاجتماعية، بالتالي هنالك إطار اجتماعي ومعرفي دوماً يحيط بتجسيدات التكنولوجيا في حياتنا. ولأجل كل ذلك نقول إن «النُظُم التكنو اجتماعية» هي قوام حياتنا المعاصرة؛ لا التكنولوجيا وحدها (رغم سطوتها) ولا المؤسسات الاجتماعية وحدها (رغم شمولها)، إنما مزيجهما.
تُعرَف النظم التكنو اجتماعية بأنها تلك التي تتخلّق وتعمل عن طريق التحام النشاط البشري مع التقانات بحيث تصبح لدينا ظواهر كاملة وفاعلة.
في تلخيص ذلك قيل إن الاقتصاد أصله تكنولوجيا موظفة في سياق مؤسسات، تشكّلها وتتشكّل بها.
أصل الكلمة يأتي من الإغريقية القديمة، إذ تشكّلت من كلمتين: تِكني techne ولوقوس logos الشق الأول يعني «فن، مهارة، حرفة» والثاني يعني عموماً «التعبير عن»، فصارت الكلمة «تكنولوجيا» تعني حرفياً «التعبير عن الحرفة أو المهارة أو الفن».. تلك زاوية يمكن منها فهم الصورة العامة، لكن في مجالات دراسات التكنولوجيا، وكذلك التنمية، تُستدعَى تعريفات أكثر دقة.
أحد تلك التعريفات قدّمه إيفريت روجرز، في بحوثه حول انتشار الابتكارات، إذ عرّف التكنولوجيا باعتبارها «التصميم من أجل فعل ذرائعي (أي وسيط لغاية أخرى) يقلل من حجم المجهولية في أي علاقة سببية تساهم في تحقيق نتائج مرغوبة ومحددة»، وباعتبارها في العادة تشتمل على نطاقين: نطاق صلب (أي التجسيد المادي للأداة أو الماكينة) ونطاق ناعم (أي القاعدة المعلوماتية والخبرة المطلوبة لتفعيل الأداة أو الماكينة). أما يوهان غالتونق، فقد شدَّد في دراسته لعلاقات التكنولوجيا بالتنمية على إظهار وجه مهم، وهو أن التكنولوجيا تشكّل الفرق بين الدورات البيئية «الطبيعية» وبين الدورات الاقتصادية البشرية «المصنوعة».
عندما نحاول الربط بين هذه التعريفات المستعرضة بتلخيص شديد، يظهر لنا أن التكنولوجيا تبدأ بشروط البيئة، لتمر بمخاض التصميم البشري (بقدراته ومحدودياته وأهدافه) لتنعكس على البيئة مرة أخرى ولكن بسحنة بشرية يلعب الاقتصاد فيها دوراً أساسياً؛ ومع الاقتصاد تأتي المؤسسات الاجتماعية، بالتالي هنالك إطار اجتماعي ومعرفي دوماً يحيط بتجسيدات التكنولوجيا في حياتنا. ولأجل كل ذلك نقول إن «النُظُم التكنو اجتماعية» هي قوام حياتنا المعاصرة؛ لا التكنولوجيا وحدها (رغم سطوتها) ولا المؤسسات الاجتماعية وحدها (رغم شمولها)، إنما مزيجهما.
تُعرَف النظم التكنو اجتماعية بأنها تلك التي تتخلّق وتعمل عن طريق التحام النشاط البشري مع التقانات بحيث تصبح لدينا ظواهر كاملة وفاعلة.
في تلخيص ذلك قيل إن الاقتصاد أصله تكنولوجيا موظفة في سياق مؤسسات، تشكّلها وتتشكّل بها.