إيمان الهاشمي

لا تَصدر منها الألحان، ولا تطرب لها الآذان، ولا تهتز بها الأبدان، مهما حدث وأياً كان، إلاّ عندما يتنفس الإنسان، فقط باسم الموهوب أو الفنان، من دون أن ينطق اللسان، حيث يأخذ العازف آلته بالأحضان، ويغدق عليها الكثير من الحنان، ثم يحملها بين الشفتين والوجدان، لكي يدخل الهواء إلى رئتيه شهيقاً، فتخرج النغمة من الآلة زفيراً.

هكذا؛ وبكل بساطة الفن والإبداع والإحساس، يتَّحد الجماد مع الكائن الحي في الأنفاس، فيتكوَّن عالم جديد خيالي بين الناس، يتميز بصفاء القلوب وجمال الأساس، وطهارة الفطرة الربانية وسلامة الحواس، وبالمساواة والعدالة والحرية بعيداً عن التمييز أو الالتباس، مع مراعاة اختلاف أوقات الاستماع وأشكال الاقتباس، وتعدّد أسماء الأنغام وتكاثر الأجناس، وتفاوت الأذواق وتشابه الالتماس.

وبذلك يتذبذب الحزن ويتذلل الابتئاس، فتتوارى الشكوك ويتهاوى الوسواس، من دون أن يتفاوض مع الاقتباس، لأن (آلات النفخ الموسيقية) تأبى لأنفاسها الانحباس، وترفض أن تُعزف بالقرع ولا تقبل لأطرافها المساس، كما أنها لا تصنع إلا من الخشب أو النحاس.

جميع الآلات الهوائية تشغل حيزاً ضخماً من فراغ الروح، فالعازف لا يستطيع العزف أبداً من دون أن يتنفسها ليبوح، بأسرار الموسيقى من خلال أدواتٍ «نحاسية» أو «خشبية»، ترسم ألوان مقطوعاتٍ ذهبية، منها العربية أو الغربية، كالناي العربي أو الفلوت الغربي.

e.alhashimi@alroeya.com

أخبار ذات صلة

جمود أم انكماش كلي؟.. العالم يدفع ثمن الركود القصير أثناء الجائحة
هل أخطأ جيروم باول؟