لم يعد خافياً ما تحدثه مواقع المحادثات والتي يسميها البعض بمواقع التواصل الاجتماعي من أثر في نقل الأخبار والأنباء على مختلف أنواعها وصيغها، وبغض النظر عن مصداقية هذه الأخبار أو كذبها وزيفها. أسوق مثالاً صارخاً بواحد من أهم هذه المواقع وهو تويتر الذي يعد بحق من أهم تلك المواقع وأكثرها شهرة على الأقل لدينا نحن العرب، وبات بكل ما تعني الكلمة ساحة لمعركة لكل من ليس لديه راية أو ليس لديه قضية، بمعنى يمكنك في تويتر أن تصنع حربك الذاتية، ويمكنك أن تشتم وتقلل من منجزات بلادك وأهلك وناسك لمجرد أنك تشعر بالضيق بسبب حادث عابر مر بك أو بسبب ارتكابك جنحة تم معاقبتك عليها وفق القانون. تويتر يتيح لك أن تصفي حساباتك وتفرغ حقدك وأمراضك وتكيل الشتم كنت صادقاً أو كاذباً.. والأهم من كل هذا أن تويتر يمنحك فرصة التقلب، وأقصد بالتقلب التلون، وهذا يعني أن تكون اليوم متعاطفاً مع تيارات دينية متشددة تساعدهم بإعادة التغريد وكتابة جمل من أدبياتهم الظلامية، وعندما تشعر بأنه لا مكان لك بينهم وأنك مجرد بوق لا أكثر يمكن عندها أن تغير توجهك وتنتقل لتكون شيوعياً أو أكثر، تحديداً ملحداً، فلن يحاسبك أحد فالقضية برمتها مرنة ووفق أهوائك، والذي يحدد بقاءك هنا أو هناك مدى الاحتفاء بك وزيادة المتابعين. وعلى ذكر وسيرة زيادة المتابعين لا تقلق فالأمر بسيط فيمكنك أن تنشئ حساباً على تويتر وتمضي عدة أيام ولا يتابعك إلا رقم صفر، ولكن بقدرة قادر يتحول الصفر إلى عشرين ألفاً أو خمسين ألفاً أو حتى مئة ألف، ليس هذا وحسب بل هناك من يساعدك بإعادة التغريد على كل ما تكتبه حتى لا تنكشف كذبة شراء المتابعين، المهم في هذا السياق أن تكتب وتكتب، وتجهز مبالغ لشراء المتابعين وأخرى لإعادة التغريد وأخرى للترويج لحسابك بين المزيد من المغفلين الذين سيتابعونك وهم يحسبون أنهم يتابعون مفكراً عظيماً ملهماً. ولا تخشَ من الحرام أو العيب، فقد سبقك في هذا الفعل نخب دينية وأسماء لامعة ومعروفة بخطبها الرنانة عن الصدق والشفافية. اذهب لصناعة مجدك وشهرتك الزائفة، واكتب على كل موجة واضرب مجتمعك وناسك، وستجد بعض التصفيق، لكنك لا تعدو أن تكون كذبة صغيرة في عالم أكبر اسمه تويتر، يضم ثلة من الصادقين، وكثيراً كثيراً من الكاذبين المخادعين.