بولا نوفل وأمل نبيل

قصة حياة شاعر عظيم ناضل ضد أنظمة الظلام والعنف والإرهاب، تتحول القصة إلى قصيدة، فتتحول القصيدة إلى فيلم سينمائي يروي قصة حياة ذلك الشاعر. هذا ما يقدمه الفيلم الإيراني - الكردي موسم وحيد القرن، أو كما هو اسمه بالإنجليزية Rhino Season من إنتاج أواخر العام ٢٠١٢، الذي يحكي قصة حياة الشاعر صادق كامانغار واسمه في الفيلم ساحل، الذي حوكم بالسجن ظلماً لمدة ثلاثين عاماً، يظن خلالها ذووه أنه ميت، حيث تخفي السلطات عنهم أنه على قيد الحياة، وقد كان ذووه فعلاً يصلّون على قبر مزيف طول هذه السنوات. تتنقل الأحداث ما بين الماضي والحاضر لتكشف لنا القصة بالتدريج، وتتصاعد المأساة وأسبابها، لتعرض لنا ما يفعله الحقد بالإنسان وما يوصله إليه، من استغلاله للسلطة، أو الحصول عليها لأجل تصفية حسابات خاصة. تُلقى أبيات متعددة من قصائد الشاعر خلال الفيلم تصاحبها مجموعة ساحرة من الصور التي تترجم النصوص بشكل مرئي، التصوير السينمائي عموماً في الفيلم شعري يتناسب مع وصف الشاعر وعمق القصة. بعد خروجه من السجن، لا يتطرق الفيلم كثيراً لعلاقة البطل بزوجته التي يتم تطليقها منه عنوة (مينا) والتي تقوم بدورها الجميلة مونيكا بللوتشي القادرة دوماً على امتلاك الشاشة أياً كان دورها والعمر الذي تمثل فيه، لكنه يركز على مقارنة علاقته بالعالم قبل دخوله السجن وبعد ذلك، ورؤيته للأمور. للأسف، لا تنشأ علاقة قوية بين البطل الشاعر وعدوه الذي يتسبب حقده في وضعه في السجن، خاصة أن نهاية الاثنين تكون تراجيدية ومليئة بالأحاسيس التي تتطلب تاريخاً بينهما، لكن التاريخ في هذا الفيلم، مرّ عليهما دون أن يعرفاه. تم تصوير أغلب مشاهد الفيلم في تركيا في فترة الخريف الصفراء وسمائها الداكنة نوعاً ما، كما تطغى على العدسة الألوان القاتمة التي تشي بمأساة عمر كامل ضاع ظلماً، وشخوص تأثروا بالمأساة من داخلها دون أن يخرجوا منها، وآخرين متأثرين بها من بعيد، لكنها تطبع عليهم بؤسها. الفيلم لعشاق السينما، والدراما، والرواية والشعر، هذا ليس فيلماً خفيفاً نشاهده للتسلية، لكنه فيلم ثريّ للروح والعقل معاً. للتواصل مع الكاتب m.monjed@alroeya.com

أخبار ذات صلة