أياً كانت كثافة الرأي واختلافه، فلا ينبغي له أن يثير الرعب والمطالبة بإقصائه وَحَجره أو إلغائه نهائياً والتخلص منه.
شهدت إطلالة الشهر الكريم مطالبات جماهيرية فزِعة وقلقة في مواقع التواصل الاجتماعي من بعض البرامج والأسماء ذات الأفكار المختلفة والمثيرة للجدل، صاحبَتها كالعادة اتهاماتٌ بالتكفير والتخوين، والطعن في جوانب شخصية وعقائد بلغت حدّ المزايدة على الوطنية في بعض المواقف.
المثير للتساؤل فعلاً، طالما أن القانون كفِل حرية وتعدّد الرأي وحدّدهما بضوابط واضحة تشمل ما يترتب عليهما، فما الذي يجعل برنامجاً رمضانياً فكرياً يبث كل هذا الرعب في قلوب رافضيه؟ وبعيداً عن التفسيرات المحتَملة حول استهداف أشخاص بعينهم بهذه الحملات السوشيالية، وتأجيج الرأي العام ضدّهم (وهو مرفوض قطعاً)، وبرغم أن الأمر لا يخلو من ذلك، لماذا لم ينتظر هؤلاء ظهور البرامج المعنية ومن ثم مناقشة أفكارها وأصحابهم، أو الرد على أفكارهم بدلاً من المطالبة بحجبها، وتهييج الجمهور بأساليب أكل عليها الدهر وشرب، وتحريضهم باسم الدين تارةً، وبالتخويف من كون الأفكار دخيلة وليست موضع ترحيب بين الأفراد، وكأنهم حصلوا على وكالة ينوبون بها عن أفكار جمعية لم يطالبهم بها أحد.
مقارعة الفكر لا بد أن تكون بالفكر والرأي، لا الاستقواء بالسلطة التي جعلت القانون فاصلاً بين ما هو مسموح ومرفوض، ولا باستعداء المجتمع ضد فرد لمصلحة فئة ذات رؤية مهما تباينت آراؤها.. الحجة لا تبطلها إلا الحجة، والرأي لا يقابله إلا رأي، بلا غوغائية وصراخ. m.quteineh@alroeya.ae