السيميائية علم العلامات، ويضم هذا العلم كل لفظة ورمز وإشارة ولون ورائحة وشكل وعدد وطقس وتضاريس، بل هو كل صوت مفهوم، أو غير مفهوم لإنسان أو حيوان أو طبيعة؛ هو علم يفسر معنى الصمت أو الإيماءة والإيحاء، علم كل ما يدل على معنى أو يؤول إلى دلالة.
نبه الجاحظ في البيان والتبيين بعلم العلامات، مقرناً الحواس الخمس به، ولم يضع مصطلحاً علمياً له، كما بشّر به السويسري دي سوسير عالم الثنائيات التقابلية، وأبو اللسانيات، ولكنه لم يسبر غوره؛ فدراسة أي نص نثري أو شعري دراسة سيميائية؛ تحيل كل كلمة إلى معنى ظاهر أو باطن بدلالة، وعند تضافر الكلمات فإنها توحي بمعنى آخر، يزيد النص قرباً لما قصد له المتكلم، ويضفي عليه عاطفة تحبب النص لقارئيه.
فلْنُطبِّق بعض من السيميائية، مثلاً على ما يميز شهر رمضان، فلهذا الشهر سيميائياً علامات مشهورة فلا يذكر رمضان إلا بالهلال، وهو يدل على ميقات معين يفرض الصيام فيه، ولا يُطرى إلا بالكرم، لما عُرف فيه من سخاء العطاء. وذكر مع كلمة رمضان كلمة القرآن، علامة على الحث في قراءته وختمه؛ أما كلمة فطور وسحور، أزمنة وأمكنة ترتبط بغروب الشمس وموعد الإفطار ومكانه، وللسحور في وقت السحر ارتباط بموعد الإمساك عن الأكل والشرب، حتى يتبين الخيط الأبيض، من الخيط الأسود، من الفجر أي موعد الصلاة .. كلها علامات رمضانية لا تتعلق بشهر آخر، فيتميز بهذه العلامات، كما أن التراويح في رمضان زمن ومكان وحكمة، ولمدفعه مناسبة وصدفة، ولدينا في الخليج ما يسمى بوليمة الغبقة، ولا تحدث إلا في رمضان في وقت السحر.
مسميات دخلت على شهر رمضان في مختلف البيئات، وتعاقبت عليه الأزمنة، وما زادته العلامات إلا قدسية وبهاء. s.suwaidi@alroeya.com