جاليات
كيف يمكن أن نقرأ نصاً أدبياً بحياد بعيداً عن تأثير شهرة الكاتب؟ يكاد هذا السؤال يشكل لغزاً في ذهن معظم القراء، وحتى الانطباع الذي يصدر عن هذا القارئ عن كتاب الكاتب الشهير يكون محفوفاً بكثير من العقبات؛ فقد اعتاد القارئ العادي أن يتخيل معجزات كتابية، أن يتخيل نصاً خارقاً للإبداع لمجرد أنه حمل اسم كاتب شهير.
العملية نفسها، الرؤية عينها تختلف تماماً مئة وثمانين درجة حين يتعلق الأمر بكاتب مغمور، أو كاتب لم ينل جائزة، أو كاتب في بداية مشواره الأدبي، فيكون ما يشغل القارئ هو الكاتب نفسه لا النص، يحاكم مكانة الكاتب وما ناله من حظوة في مجاله الأدبي لا كتابته الإبداعية، وهذا ما يجعل العملية النقدية متراجعة، فحتى الناقد الأكاديمي يكاد يكون كهذا القارئ العادي يلاحق الكاتب وشهرته ولا يحاكم نصه.
النص الأدبي هنا يكون شبيهاً بالميدان الذي يتبارى فيه حشد من القراء مع حشد من النقاد، وكلاهما يلاحقان صلات الكاتب مزحزحين النص الأدبي إلى آخر اهتماماتهم. الكاتب الذي سيكون متورطاً بعقدة نصه الفائز، وسجين النص نفسه الذي يمنعه من خلق نصوص إبداعية أخرى تضاهي النص الفائز، بمجرد أن يكون كاتباً قد نال جائزة مهمة، ما يجعل نصه مقدساً وغير خاضع لنقصان أو عيب! الأوساط الأدبية نفسها تشهد ركوداً نقدياً كبيراً لم يشهد له مثيل، ففي زمن مضى كان الناقد الجاد هو من يكتشف الكتاب وأهم النصوص الإبداعية، غير أنه اليوم ترجل عن مهمته الاكتشافية وصار مثل أي قارئ عادي يترقب خيارات الجوائز الخاضعة لعدد من المحكمين.
مؤلفة ومدونة