كلمة الرقابة تتردد في أوساطنا الاجتماعية فنسمع بين الحين والحين هيئة الرقابة، الرقابة على المستشفيات، المدارس، الدوائر الحكومية، كاميرات في الشوارع .. كاميرات في المولات، كل ذلك لمراقبة تصرفات البعض الذي نسي أن هناك رقابة أقوى وأعظم، هذا ما أبتليت به مجتمعاتنا الإسلامية .. وللأسف تهاون بعضنا في أمور كثيرة في ديننا، حتى ما عادت عندهم رقابة الذات وكل شيء أصبح عادياً.الغرب يطبقون دون علمهم ونحن لا نطبق على الرغم من علمنا أن الدين الإسلامي حثنا على مراقبة الذات، وتناسوا أن الله هو الرقيب على أفعالنا وأقوالنا. وقول الله سبحانه وتعالى:(وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا) .. درس رباني، (ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً)، وهنا لا يحتاج إلى محامٍ يتحايل على القانون ليخرجه بريئاً.ولكن في الحقيقة دائماً ينسى البعض وجود أهم رقابة في الكون، وهي الرقابة الإلهية، والتي ترانا ولا نراها، وحتى لو لم ينس هذه الرقابة فمجرد عدم رؤيته لها تجعل منه إنساناً حراً غير مقيد. هذه المنزلة ذاتُ أهميةٍ كبيرةٍ في طريق الإيمان لأنَّ الإنسانَ إذا أيقنَ أنَّ الله يُراقِبهُ استقامَ على أمره فَسَعِدَ في الدنيا والآخرة.إن الرقابة الذاتية تجعلك تقف مع نفسك لتواجه أخطاءك، ولأن الرقابة الداخلية تجعلك مرآة ذاتك وتضعك في خطوات حسابية عن تلك الوقفات التي نقفها مع أنفسنا لندرك المساوئ التي وقعنا فيها، ومن ثم محاولة معالجة الهفوات التي نقع بها.إن من أولويات الحياة عند الإقدام علي أي عمل أن يراقب الإنسان نفسه، أي أن يعيش لحظة اختبار الذات ليكتشف حقيقة أمره. عش حالة رقابة ذاتية، فجميل أن يحاسب الإنسان نفسه في كل يوم، وأنت في السرير قبل النوم اكتشف نفسك بنفسك، أي حاسب نفسك، توجه إلى الله بالاستغفار كل ليلة .. خاطب ربك، توجه إليه بالدعاء، اطلب العفو من الله، وتوقف عند كل خطأ ارتكبته، وجميل أن تضع أمامك ورقة وتكتب كل الأخطاء التي ارتكبتها من البيت إلي العمل في الشارع.وأنا على ثقة بأن أعظم ما يعزز الرقابة الذاتية الحياء من الله سبحانه وتعالى .. ومن أكبر المصائب التي تواجه مجتمعاتنا غياب الرقيب الذاتي أمام المغريات المالية والمصالح الخاصة. فالكاتب مؤتمن في قول الحق والموظف مؤتمن على مصالح الغير، والسائق الذي يقطع الإشارة مؤتمن على إعطاء الطريق حقه، والمدرس مؤتمن عليه إعطاء المعلومة والجندي مؤتمن على حماية الوطن.الرقابة الذاتية أقوى من رقيب السلطة، فكن إيجابياً مع أخطائك ولا يأخذك الكبرياء عن الاعتراف بالخطأ، ولا بد من الاعتذار إن أخطأت في حق غيرك، نعم لا تخش أن تقول للآخرين إنك آسف عن الأخطاء التي وقعت فيها، وإلا تستطيع البوح بها أمام الآخرين فوجّه البوح إلى الله الذي يعلم سريرتك ويسمعك ويفهمك.