د. يسار الجرار

إذا كان هناك اتفاق لا يتغير حسب تقديرات طهران، فإن الحروب جميعها تبدأ من حيث انتهى الطرف الآخر ولم يلتزم بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وهدم جميع الحدود، وخلق صراع دائم وزعزع ثقة المجتمع الدولي بنياته الشريرة، وتوظيف قدراته الإعلامية والاستخباراتية. يجمع الأجزاء بكل تفاصيلها ثم يحدد أهدافه بأقمار تجسس صناعية، ولا يقتصر عملها على اكتشاف تحرك الصواريخ وإطلاقها فحسب، وإنما تعمل على تمويل أجهزة استخباراتية أجنبية لمراقبة جميع أنحاء أراضي الخصم، وذلك بفضل نشاطاتها المثيرة للجدل، وحرصها على ضم منظمات استخبارية جُندت لإدارة بعض أقمار التجسس الصناعية. وبعد هذه التحركات والاستعدادات كيف يمكن أن يكون السلام مع هذا النظام؟ وهو لا يكف عن إضرام النار في الخنادق ويقتاد الناس إليها، وما يحدث من تطورات في حل هذه الأزمة سوى زيادة عدد المذابح، ومن الضروري وضع حد لهذه الانتهاكات، وإقامة التحصينات لدول الخليج من مخاطر أعدائها، فهذه مرحلة مآلها حتماً إلى مواقف صارمة للأوضاع الحرجة، واتخاذ خطوة غنية بالنتائج. ومن دولة واسعة النفوذ قدم وزير الخارجية الأمريكي «بومبيو» إلى السعودية لتحسين الاتفاق النووي الإيراني، ووقف أنشطة طهران الإرهابية التي تهدف إلى الاستنزاف البطئ لقواتنا وإطالة أمد الحرب، وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي: «نعتقد أن المدة التي يكون فيها تقييد لكمية تخصيب اليورانيوم، يجب أن تلغى وتكون بشكل أبدي... كما نعتقد أنه يجب أن يكون هناك تكثيف في موضوع تفتيش المنشآت النووية الإيرانية». فهذا هو السبيل الكفيل لتحويل الحرب إلى حوار، وإعادة بناء الإرادة الدولية للتصدي لهذه التجاوزات، وحماية مصالح ومستقبل المنطقة السياسي، والحرب الخارجة عن القانون التي حطمت كيان الكائن العربي بلا رحمة، ومسحت من الخرائط المدن، وقسمت الدول إلى مساحات متداخلة بلا حدود ولا سكان. ويمكن القول إن وجود فرصة للتفاهم قد تكون مثقلة بعدد من المتطلبات السياسية والاقتصادية، قد لا يختلف العالم في الغايات بقدر اختلافه في السبل إليها، ومن فرط تداخلها فقدت القدرة على التمييز بين الحقائق ومعالم الطرق، وتعذرت الاستقلالية في النظر إلى القضايا المحورية، وتحولت إلى حرص شديد على الثروة النفطية عوضاً عن الأرواح البشرية. m.shareef@alroeya.com

أخبار ذات صلة