الاحد - 24 نوفمبر 2024
الاحد - 24 نوفمبر 2024

تويتش.. «الاختراق الكبير»

تويتش.. «الاختراق الكبير»
فجأة ودون مقدمات، قام شخص مجهول بنشر رابط تورنت لملف ضخم يبلغ 135 غيغا بايت على منتديات 4Chan التي يرتادها المخترقون وخبراء الأمن ونوعيات مختلفة من المستخدمين، احتوى الملف الضخم على كل المعلومات والبيانات -تقريباً- التي تمتلكها منصة «تويتش» للبث المباشر «ستريمنج»، الأمر الذي وصفه الخبراء بالزلزال نظراً إلى حجم التسريب ونوعية البيانات المكشوفة!

المعروف أن منصة «تويتش» هي أكبر منصة للبث المباشر «ستريمنج» على شبكة الإنترنت، حيث تستضيف ملايين المستخدمين الذين يقومون ببث أنشطتهم إلى جمهور مشترك يضم عشرات الملايين من الأشخاص، وتستخدم المنصة بشكل أساسي لبث محتوى يرتبط أساساً بألعاب الكمبيوتر، وذلك على الرغم من أنه يمكن للمستخدمين بث أي شيء تقريباً، من البودكاست إلى تصميم الأزياء إلى التدريبات الموسيقية والرحلات الشاطئية.

كان موقع VGC المتخصص في تغطية أخبار الألعاب، هو أول من كتب عن هذا الاختراق الهائل، وقام بتأكيد أصالة الملفات التي تم نشرها، وبعدها أكد أحد المسؤولين في المنصة لوسائل الإعلام حدوث الاختراق، ثم قالت الشركة في بيان رسمي: «يمكننا تأكيد حدوث خرق.. وتعمل فرقنا بشكل عاجل لفهم حجم التسريب، وسنقوم بتحديث المعلومات فور توافرها»، بينما أشار نمط التسريب وحجمه إلى أن المنصة على ما يبدو كانت ضحية لأحد المخترقين «الهاكرز» المحترفين.


احتوى التسريب على كامل قاعدة بيانات «تويتش» تقريباً، وعلى سبيل المثال فمن بين كمية البيانات الهائلة التي تم تسريبها: ملفات المدفوعات المالية للمنصة من عام 2019 حتى يوم التسريب، وهو الأمر الذي أشار إليه مسرب الملفات بالقول على المنتدى: «شاهد بعينك ما يجنيه صانع المحتوى المفضل لديك»، والأرقام التي نشرت من خلال التسريب تؤكد حصول 81 شخصاً من صناع المحتوى بالمنصة على أكثر من مليون دولار مباشرة من «تويتش» في الفترة بين أغسطس 2019 والشهر الحالي، وقد أكد عدد من صناع المحتوى الذين ظهرت أسماؤهم هذه الأرقام التي تم تداولها.


المثير للتأمل أن هذه الأموال تتعلق فقط بما تدفعه المنصة مباشرة لصانع المحتوى مقابل مشاركة الإعلانات واشتراكات القناة، ولا تشمل الإيرادات الناتجة عن رعاية الجهات الخارجية أو التبرعات أو مبيعات البضائع.

أهم ما كشف عنه التسريب هو المعلومات التفصيلية حول مشروع يحمل اسم «فابور» وهو عبارة خطة طموحة لمنافسة منصة «ستيم» أكبر منصة لألعاب الكمبيوتر، وتهدف «تويتش» من خلال هذا المشروع إلى دمج ميزات منصة البث المباشر في متجر ألعاب فيديو رقمية. كما شمل التسريب أيضاً كلمات المرور وبيانات الأمان لمنتجي المحتوى والمشاهدين، بل إنه تضمن «كود المصدر» لمنصة تويتش.

وربما تكون هذه الواقعة هي أكبر وأشمل تسريب للبيانات على أي منصة إنترنت رئيسية في التاريخ، حيث وصل حجمه إلى حوالي 135 غيغا بايت من البيانات التي تتعلق معظمها بتفاصيل المشاركين في المنصة بما في ذلك إيراداتهم وأسرارهم المالية، ورغم خطورة الحادث إلا أن تداعياته ربما تتجاوز المشاكل الأمنية إلى حدوث تغيير في مشهد منصات البث الحي بشكل كبير.

ويرى الخبراء أن أبرز التأثيرات المحتملة هي زيادة تراجع الثقة في منصة «تويتش»، خاصة أنها تسوق أعمالها على أساس من الثقة والانفتاح النسبي، معتمدة على فكرة أن المشاهدين وصانعي المحتوى لا يتعاملون مع شركة ولكنهم يتعاملون مع أصدقاء، وهي الفكرة التي يضربها التسريب في مقتل. وعلى الرغم من استبعاد انهيار المنصة بسبب هذا الحادث إلا أن التأثير السلبي سيكون كبيراً، حتى إذا لم تعبّر الغالبية العظمى من صناع المحتوى صراحة عن استيائها.

أيضاً من المرجح أن يؤدي التسريب إلى تسارع سحب منصات البث الأخرى للنجوم من «تويتش»، وعلى الرغم من أن «ميكسر» المنصة المنافسة أغلقت أبوابها العام الماضي بعد أن نجحت في صناعة عدد من النجوم ولكنها فشلت في إنشاء نوعية المجتمع الموجودة على «تويتش». ولكن إذا لم تعد المنصة آمنة بما يكفي أو كانت المنصات الأخرى قادرة على تقديم شروط أكثر جاذبية فإن المجال سيكون مفتوحاً لرحيل الكثيرين إلى المنصات المنافسة، على رأسها "يوتيوب جيمنج".

سوف يلقي التسريب بظلاله أيضاً على اقتصادات «تويتش»، حيث من المعروف أنها تعتمد على المشاهدين الذين يدفعون لصناع المحتوى، وهذه المدفوعات تأتي على شكل تبرعات لمرة واحدة، أو اشتراكات شهرية، وهو ما يعني أن نسبة كبيرة من دخل منتجي المحتوى تعتمد على المشاهدين المخلصين.

وعلى الرغم من أن الجميع يعرف أن كبار منتجي المحتوى يحققون الكثير من الأموال، إلا أن هذا الحجم ومقداره أصبح الآن واضحاً أمام المشاهدين، حيث يستطيع العشرات من كبار منتجي المحتوى تحقيق ملايين الدولارات سنوياً، بينما يجمع المئات الآخرون إيرادات من 6 أرقام. ومع التسريب الأخير، قد يقلل المعجبون من دعمهم لصناع المحتوى، الأمر الذي سيؤثر بشكل كبير على «تويتش» التي تحصل على ما يقرب من نصف مدفوعات الاشتراكات بالإضافة إلى جزء من التبرعات.

يكشف التسريب أيضاً أن «تويتش» كانت تعمل على تطوير منصة لمنافسة منصة «ستيم» المملوكة لشركة «فالف» والتي تعتبر في الوقت الحالي بوابة رئيسية لمعظم ألعاب الكمبيوتر، والكشف عن هذه التفاصيل يمنح «فالف» ميزة تنافسية قبل إطلاق المنتج، وربما يدفع هذا الأمر منصة «تويتش» لتسريع إطلاق المشروع أو التخلي عنه، وفي كلتا الحالتين سيؤثر القرار على توزيع الألعاب واستهلاكها في السنوات المقبلة.

التسريب الأخير جاء ليضيف المزيد من المشاكل للمنصة التي تعاني من انطلاق حملات لمقاطعتها بعد اتهامات طالت بعض صانعي المحتوى بالتحرش، بالإضافة لانتشار خطاب وحملات الكراهية، واتهام الشركة بسوء الاستغلال، ورغم الحجم الكبير للبيانات المسربة، إلا أن «الهاكر» الذي نشر التسريب قال إن هذا هو الجزء الأول فقط من البيانات التي يمتلكها، وهو ما يعني أن المنصة ربما تتلقي ضربات أخرى قريباً.