لقد كان التفاعل مع الأصدقاء والعائلة مصدر قلق للبشر لقرون، بسبب المسافات طويلة التي كانت تفصل بينهم. ومع كونهم كائنات اجتماعية، اعتمد الناس دائماً على التواصل لتعزيز علاقاتهم. عندما تكون المناقشات وجهاً لوجه مستحيلة أو غير ملائمة، يحلم البشر بالكثير من الحلول الإبداعية.
أتاح كل ما ذكرنا الفرصة أمام وسائل التواصل الاجتماعي لتغيير العالم. إن الاعتماد السريع وواسع النطاق لهذه التقنيات يغير الطريقة التي نجد بها شركاء في مختلف المجالات، والتي نصل بها إلى المعلومات من الأخبار، والكثير من الأمور في حياتنا اليومية.
متى بدأت ثورة وسائل التواصل الاجتماعي؟
نحن نعيش في عالم حيث يستخدم أكثر من 1.65 مليار مستخدم شهري نشط موقع وتطبيق فيسبوك وحده. إنها ظاهرة تؤثر على كل من المستخدمين العاديين والشركات على حد سواء. ونستعرض معاً هنا لماذا تطورت وسائل التواصل الاجتماعي خلال وقت قصير، وكيف أصبحت عاصفة اجتاحت العالم.
البداية الحقيقية
كان أول موقع تواصل اجتماعي يصل إلى مليون مستخدم نشط شهرياً هو ماي سبيس MySpace، وقد حقق هذا الإنجاز في عام 2004 تقريباً، ويمكن القول إن هذه هي بداية وسائل التواصل الاجتماعي كما نعرفها اليوم.
ثم انطلقت مواقع التواصل الاجتماعي الكبيرة الموجودة منذ 10 سنوات أو أكثر، مثل فيسبوك ويوتيوب وواتساب ووي تشات وإنستغرام وسناب شات وReddit، وأخذت المواقع والتطبيقات الأخرى بالانتشار بشكل واسع وسريع كلّما ظهرت فكرة جديدة.
على سبيل المثال، تم إطلاق تطبيق تيك توك TikTok في سبتمبر 2016، وبحلول منتصف 2018 وصل بالفعل إلى نصف مليار مستخدم. مما يشير إلى أن تيك توك اكتسب في المتوسط حوالي 20 مليون مستخدم جديد شهرياً خلال هذه الفترة.
لماذا أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مهمة وضرورية في حياتنا؟
1. فرصة لقاء الأصدقاء والأقارب والبقاء على اتصال مع الناس مهما تباعدت المسافات
نتجت هذه النقطة الأولى عن القوة الهائلة للإنترنت. مع منصة مثل وسائل التواصل الاجتماعي، يمكنك فجأة البقاء على اتصال مع الأصدقاء الذين لم تتواصل معهم منذ فترة طويلة، والتعرف على أشخاص جدد، والقيام بكل ذلك براحة ويسر في منزلك.
2. تصميم سهل الاستخدام للجميع
جانب رئيسي آخر يجعل وسائل التواصل الاجتماعي ناجحة للغاية هو طريقة تصميمها. عندما يتعلق الأمر بواجهة المستخدم، لا شيء يتفوق على هذه المنصات. تمكن الجميع من المراهقين إلى الأجداد من استخدام فيسبوك على سبيل المثال.
3. كونها مجانية تماماً
إن كلمة «مجاني» أداة قوية للغاية في عالم الإنترنت. سيحاول الأشخاص على الفور تجربة شيء ما إذا كان مجانياً، وهذا هو سبب نجاح هذه المنصات. إنها توفر كل هذه الميزات الرائعة والاتصال دون عناء الدفع مقابل تلك الخدمات الرائعة.
4. يساعد الناس على إيجاد وظائف
تمتد وسائل التواصل الاجتماعي إلى ما وراء المحادثة والصور البسيطة. حيث تقدم شبكات مثل لينكد إن منصة احترافية تساعد الشركات والباحثين عن عمل على التواصل. إذ إنه وفّر عليهم عناء البحث عن خبرات كبيرة، وللأشخاص الاستفادة من فرص العمل المتوفر.
5. عرض الأعمال التجارية
التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي أصبح أمراً مهماً الآن لسبب وجيه. حيث توفر هذه المنصات طريقة للشركات لنشر علامتها التجارية ومنتجاتها عبر الإنترنت. كما استفادت منها بعض الشركات في التواصل مع عملائها عبر الإنترنت ومعالجة المشكلات بسرعة.
6. الشمولية
ساهم تطور برمجة وسائل التواصل الاجتماعي وحرصها على توسيع قاعدة المستخدمين لها حول العالم، فقد أصبحت واحة تقدم للمستخدم كل ما يرغب به عبر الإنترنت، وتنقلك من التواصل مع الأصدقاء والزملاء في العمل، إلى متابعة الأخبار ومشاهدة مقاطع الفيديو واللعب أيضاً، وكل ذلك من خلال تطبيق أو موقع واحد.
الانتشار ومدّة الاستخدام حول العالم
يمضي الناس حول العالم الكثير من الوقت على شبكات التواصل الاجتماعي للأسباب التي ذكرناها سابقاً. في المتوسط يمضي مستخدمو الإنترنت حول العالم ساعتين و23 دقيقة على وسائل التواصل الاجتماعي يومياً، على الرغم من اختلاف الاتجاهات على نطاق واسع في البلدان. وذلك بحسب مؤشر الويب العالمي.
أكثر البلدان استخداماً لوسائل التواصل الاجتماعي
بحسب مؤشر الويب العالمي أيضاً، فإن الفلبين تتصدّر قائمة مدة الاستخدام، حيث يقضي المستخدم هناك كمعدل 4 ساعات ودقيقة يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي، وتليها نيجيريا 3 ساعات و36 دقيقة، ومن ثم الهند ثالثاً 2 ساعة و25 دقيقة. بينما يبلغ المعدّل أقل من ساعتين في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا واليابان التي يبلغ معدل الاستخدام فيها 45 دقيقة فقط.
أما كمعدل المستخدمين بالنسبة للفئة العمرية الصغير فإن الدول الأوروبية الغنية تتصدّر القائمة، فعلى سبيل المثال للفئة العمرية 16-24 عاماً، تبلغ نسبة المستخدمين 97.2% في آيسلندا، و96.5% في هنغاريا و96% في السويد و95.3 في البرتغال، و94.7% و94.5% في النرويج والدنمارك على التوالي.
تألق وسائل التواصل الاجتماعي في 2020
غيّرت جائحة فيروس كورونا الجديد وجه العالم مطلع العام الحالي 2020، وتسببت ببقاء مئات الملايين في بيوتهم حول العالم، وذلك في إطار حظر التجول الذي فرضته معظم حكومات الدول على مواطنيها حول العالم في محاولة لاحتواء انتشار الفيروس.
وهنا بالذات، لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً مهماً في مساعدة معظم الناس على الالتزام بقوانين البقاء في المنزل. كما كان لها دور أساسي في نشر الوعي ومكافحة الشائعات التي كانت تنتشر بشكل واسع، وذلك بتخصيص زاوية خاصة للأخبار والتعليمات من المصادر الموثوقة مثل منظمة الصحة العالمية، ونقلها للمستخدمين.
مستقبل وسائل التواصل الاجتماعي
تعمل جميع الشركات بشكل مكثف وتبذل جهوداً مضنية لتطوير خدمات وسائل التواصل الاجتماعي التي تقدمها للمستخدمين. حيث إننا سمعنا الكثير من الأخبار حول تطوير تقنية الواقع الافتراضي ودمجها مع تلك الخدمات. ناهيك عن استخدام الذكاء الاصطناعي للتعرّف على سلوك المستخدمين وتقديم المقترحات لهم. لكننا لا نعلم لأي مدى ستصل تلك التقنيات في وسائل التواصل الاجتماعي.