يخيم شبح المجاعة على منطقة القرن الأفريقي بسبب النزاعات المسلحة، بالإضافة إلى الاحتباس الحراري، ما أغرق شعوباً بأكملها في حالة طوارئ غذائية، إذ بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون بشدة من عدم الأمن الغذائي في المنطقة، أكثر من أكثر من 67 مليوناً، كما فاقمت جائحة «كوفيد-19»، والنتائج الاقتصادية للحرب في أوكرانيا من الضعف الشديد لتلك الشعوب، بحسب تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية.
جفاف استثنائي
وأوضح التقرير أن هيئة الخبراء الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تواصل التحذير من الآثار المستقبلية لتغير المناخ، في حين أن بعض مناطق العالم متضررة بالفعل بشدة، وأن القرن الأفريقي يعاني حالياً جفافاً استثنائياً، له عواقب وخيمة محتملة على الزراعة، ما يهدد شعوباً تعيش بالفعل في حالة طوارئ غذائية.
ويتواجد هؤلاء السكان الضعفاء المعرضون بشدة لخطر المجاعة، بشكل رئيسي في مناطق الصراع، كما أن درجات الحرارة العالية بشكل غير طبيعي، تضعف الزراعة، كما يؤدي الاحتباس الحراري إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، من خلال تعريض الزراعة إلى الخطر، وأنه منذ قرن من الزمان شهد مناخ القارة الأفريقية ارتفاعاً متزايداً في درجات الحرارة، مصحوباً بتضاعف المناطق التي تعاني من «إجهاد مائي»، ما نتج عنه ندرة على مستوى الأراضي الصالحة للزراعة.
حالة طوارئ غذائية
واللافت أن أكثر من 67 مليون شخص، يعيشون في حالة طوارئ غذائية، في منطقة القرن الأفريقي، بحسب التقرير، وأن عدد الأشخاص في وضع عدم أمن غذائي حاد، قد وصل في أبريل 2022، إلى 9,8 ملايين في السودان، و7,7 ملايين في جنوب السودان، و205 ملايين في أوغندا، و3,5 مليون في كينيا، و6 ملايين في الصومال، و17,4 مليون في اليمن، و20,4 مليون في إقليم تيغراي بإثيوبيا، و200 ألف في جيبوتي.
وأشار التقرير إلى أن نسبة السكان في وضعية عدم الأمن الغذائي الحادة، في تلك الدول بلغت في أبريل 63% في السودان الجنوبي، و54% في اليمن، و38% في الصومال، و22% في السودان، و17% في جيبوتي، و6% في كينيا، و6% في أوغندا.
تكاليف المنتجات والتقلبات السياسية
تربط تكاليف المنتجات الغذائية بالتقلبات المناخية والسياسية الدولية، خاصة بعد تأثيرات الأزمة الصحية المرتبطة بـ«كوفيد-19»، ثم الحرب الروسية– الأوكرانية، وهما دولتان رئيستان في تصدير الحبوب، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار.
كما أن بعض الدول في القرن الأفريقي ضحية للصراعات المسلحة منذ سنوات عديدة، بخلاف التوترات الداخلية الشديدة، والتي أضعفت إلى حد كبير الحكومات، ففي شمال إثيوبيا تتعرض الزراعة للخطر بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت منذ نوفمبر 2020، ما أدى إلى نزوح أكثر من 5 ملايين شخص معرضين لخطر نقص التغذية، بينما تسبب الجفاف الشديد في نفوق ما يقرب من 1.5 مليون رأس ماشية، كما أنه في مواجهة الاحتباس الحراري والمجاعة التي تنتظرهم، يتلقى هؤلاء السكان القليل من المساعدة.
وبالنسبة للصومال، الغارقة في حرب أهلية منذ عام 1991، أوضح التقرير أن البلاد تعاني أسوأ جفاف منذ أربعين عاماً، وأن شبح مجاعة عام 2011، التي تسببت في مقتل نحو 260 ألف نسمة، يلوح في الأفق من جديد، وأنه مع الارتفاع العالمي في أسعار السلع الأساسية، فإن ما يقرب من 40% من الصوماليين يتعرضون الآن لخطر انعدام الأمن الغذائي الحاد، وفقاً للأمم المتحدة.
أما اليمن التي تعاني من المليشيات منذ عام 2014، فتواجه الفقر المدقع، إذ تغيب الخدمات الأساسية وتستمر أسعار المواد الغذائية في الارتفاع، وخرق الهدنات يجعل من المستحيل وصول المساعدات الإنسانية إلى بعض المناطق، أما في كينيا، فقد تسبب الجفاف في نقص التغذية عما لا يقل عن نصف مليون طفل.