قال تقرير لمجلة «دير شبيغل» الألمانية، إن دولة أرض الصومال نجحت في تحقيق ازدهار أشبه بالمعجزة، دعمه إقامة السلام والاستقرار وطرد الإرهاب، وهو ما لم تنجح فيه دولة الصومال المجاورة لها.
وأشار تقرير نشرته المجلة إلى أن كلا البلدين حصلتا على استقلالهما في الوقت نفسه تقريباً عام 1960؛ الصومال من إيطاليا، وأرض الصومال من بريطانيا، لكن خطتهما للانضمام معاً لتشكيل اتحاد بعد الاستقلال أثبتت أنها خطأ فادح. حتى أعلنت أرض الصومال رسمياً في عام 1991 استقلالها من الاتحاد.
صور الحياة
ورصد التقرير انتشار المطاعم والمقاهي ومعارض الأثاث الدولية في مدينة هرجيسا، عاصمة أرض الصومال ، رغم أن الدولة تعد أحد أفقر دول العالم، ولا تزال بعض مناطقها الريفية تعاني الجوع وافتقار شبكات الكهرباء والرعاية الصحية.
وأكد التقرير أن المباني تُشيد في كل مكان في هرجيسا، حيث يتم بناء الفيلات الكبيرة على مشارف المدينة، بينما تتشكل الفنادق وأبراج المكاتب ومباني البنوك في وسط المدينة. مشيراً إلى أن الإنفاق الحكومي واضح وشفاف بصورة كبيرة، وهناك انتخابات ديمقراطية منتظمة.
وأضاف التقرير أن هذه الجمهورية المعلنة من جانب واحد، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 3.5 مليون نسمة، تنتمي في نظر العديد من دول العالم، إلى الصومال، التي تعاني منذ سنوات تصارع القراصنة والميليشيات الإرهابية والعصابات المسلحة على السلطة.
أرض الصومال والصومال
وتطرق التقرير إلى أنه «بينما لا تلوح في الأفق نهاية للحرب الأهلية في الصومال، يسود السلام في أرض الصومال ، وفي حين أن الصومال تفشل في الوقوف على قدميها رغم مليارات المساعدات الدولية، فإن أرض الصومال تعد موطناً لنظام ضرائب فعال إلى حد كبير، إلى جانب قوة الشرطة والجيش.«
وتحدث التقرير مع وزيرة الخارجية السابقة لجمهورية الصومال، إدنا عدنان إسماعيل، البالغة من العمر 83 عاماً، والتي وصفها بأنها الصوت الأكثر أهمية في الكفاح من أجل الاعتراف بأرض الصومال ، كدولة مستقلة. وأنها مثل كثيرين اضطرت إلى مغادرة وطنها في أواخر الثمانينيات؛ بسبب الحرب مع الصومال المجاورة.
وتقول إدنا، بحسب التقرير، إن أهم جزء في حياتها بدأ بعد التقاعد، حيث أنشأت في غضون بضع سنوات مستشفى في موقع تجميع نفايات قديم؛ بهدف الحد من وفيات الأطفال الرضع والأمهات. وأنها عندما أدركت أنه لا يوجد عدد كافٍ من الأطباء، أنشأت جامعة مجاورة، حيث يمكن تدريب الأطباء المستقبليين.
ووصف التقرير مبنى المستشفى بأنه يتكون من 3 طوابق ومبنيين ملحقين به، وقد تم بناؤه بدعم من اللاجئين الذين يعيشون في الخارج، وبعد أن باعت إدنا سيارتها الفارهة، وتخلت عن منزلها، حيث تعيش حالياً في شقة صغيرة في الطابق الأول من المستشفى.
وحقق المستشفى نجاحاً كبيراً، فمنذ افتتاحه عام 2002، تم إجراء أكثر من 27 ألف عملية ولادة، وتلقت مئات النساء تدريبات للعمل كممرضات، كما يعمل الخريجين الأوائل من الجامعة الآن كأطباء في المستشفى.
دور العائدين
وقال مستشار الأعمال وخبير الاقتصاد في جامعة هرجيسا، أحمد دلال فرح، إن عودة الفارين من الحرب لبناء أرضهم، هو أحد الأسباب الرئيسية لنجاح أرض الصومال .
وأضاف أن الأموال والخبرة التي يتمتع بها العائدون مهمة للغاية بالنسبة للاقتصاد. لكن الشيء الرئيسي هو أن الناس يؤمنون بهذا البلد. ولهذا السبب يعودون ويستثمرون.
وتطرق التقرير إلى أنه يمكن رؤية العائدين في كل مكان بالمقاهي والحفلات الموسيقية والمتاجر، ويمكن التعرف عليهم من خلال أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة باهظة الثمن.
ونوه التقرير إلى أنه ربما عزل هذه البلدة عن المساعدات الدولية لم يكن نقمة، بل نعمة، حيث كتب الصحفيان الألمانيان مارك إنجلهاردت، وبيتينا رول، في كتاب عن الصومال أن المساعدات الدولية ساعدت على تأجيج العنف، بدلاً من إنهاء الصراع، حيث أصبحت سلع المساعدة واحدة من أهم الموارد التي يتم التنازع عليها.
وأكد التقرير أنه في أرض الصومال تُركت الدولة لأجهزتها الخاصة منذ البداية، وكان عليها إنشاء نظام ضريبي لتمويل نفسها، ما عزز الديمقراطية وحد من الفساد بداخلها. وأنه على النقيض من بعض الدول النامية، حيث يتم تشغيل جميع مهام الدولة تقريباً مثل التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية من قبل منظمات إغاثية، فقد كان على أرض الصومال إنشاء هذه الهياكل بنفسها.