الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

إعادة تشكيل الجيش.. أمريكا تدعو تايوان لشراء أسلحة «الحرب غير المتكافئة»

إعادة تشكيل الجيش.. أمريكا تدعو تايوان لشراء أسلحة «الحرب غير المتكافئة»

تدريبات للجيش التايواني- صورة من (epa)

يعمل المسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لحث نظرائهم في تايوان، للتعلم من دروس نجاح أوكرانيا، في صد العملية العسكرية الروسية في بلادهم، التي بدأت قبل نحو 3 أشهر، والتعلم والاستفادة منها، لمواجهة أي غزو تنفذه الصين لضم الجزيرة، حسبما أكّد تقرير نشره موقع «بوليتيكو» الأمريكي.

أشار التقرير إلى أن الصين التي تتطلع إلى ضم تايوان إليها مجدداً، تتعلم هي الأخرى من دروس العملية الروسية، وتعدل من خططها العسكرية لتتجاوز الأخطاء التي وقعت فيها موسكو. ونقل التقرير عن أستاذ السياسة والشؤون الدولية في جامعة برينستون، آرون فريدبرغ، قوله «ليس هناك شك في أن احتمال غزو الصين لتايوان، أكبر مما كانت عليه قبل ثلاثة أشهر، لكن هذا تحدٍّ بالنسبة للصينيين، على الرغم من قوتهم التي وصلوا إليها».

إعادة تشكيل الجيش التايواني

وتجري حالياً مناقشات مكثفة حول إعادة تشكيل الجيش التايواني، بينما يقوم بايدن بأول جولة آسيوية له، منذ توليه منصبه، رغم أن بايدن لن يزور تايوان، بينما يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الصراع في أوكرانيا، قد أثر على حسابات الصين حول موعد وطريقة محاولتها لبسط سيطرتها على تايوان. وقال مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بيرنز، خلال شهر مايو الجاري «من الواضح أن القيادة الصينية تحاول النظر بعناية للدروس التي يجب أن تستخلصها من أوكرانيا، حول طموحاتهم الخاصة في تايوان.. لا أعتقد ولو لمجرد لحظة، أن تصميم الرئيس الصيني شي جين بينغ، للسيطرة على تايوان، يتراجع مع مرور الوقت، لكنني أعتقد أن هناك شيئاً يؤثر على حساباتهم حول كيف ومتى يفعلون ذلك».

علاقات قوية

ورغم أن واشنطن لا تقيم علاقات دبلوماسية مع تايوان، لكن تربطهما روابط أمنية قوية، بموجب قانون العلاقات مع تايوان لعام 1979، وظلت أمريكا تدعم قدرات تايوان الدفاعية، من خلال مبيعات الأسلحة، والعلاقة العسكرية الوثيقة، حيث تجمعهما تدريبات مشتركة، كما يدرس طلاب تايوان في الأكاديميات العسكرية الأمريكية.

اقرأ أيضاً.. الدفاع الأمريكي: سياسة واشنطن راسخة تجاه تايوان

وكانت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتي بدأت في 24 فبراير الماضي، بمثابة جرس إنذار لشعب تايوان، حيث تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة، زيادة كبيرة في عدد المواطنين الذين يعتقدون أن الصين ستنفذ غزواً محتملاً لبلادهم، مقارنةً باستطلاعات الرأي قبل حرب أوكرانيا. ونقل التقرير عن مسؤولين وخبراء قولهم، إن الجهود الأمريكية لإعادة تشكيل جيش تايوان، اكتسبت أهمية جديدة منذ الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث يشير المسؤولون الأمريكيون، إلى نجاح أوكرانيا مع صواريخ ستينغر (Stinger) المضادة للطائرات، وصواريخ غافلين (Javelins) المضادة للدبابات، بالإضافة إلى فرقة المتطوعين المدنيين، كدليل على نجاح الاستراتيجية التي اعتمدتها كييف منذ فترة طويلة.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع، رفض الكشف عن هويته «أثبت الوضع في أوكرانيا صحة بعض الخطوات الطويلة الأمد التي اتخذناها في تايوان».

الاستفادة من دروس حرب أوكرانيا

وقال كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين خلال الأسابيع الأخيرة، إن تايوان تتعلم العديد من الدروس المهمة، من الحرب في أوكرانيا، ويمكن لها أن تطبقها في مواجهة أي غزو صيني.

ونقل التقرير عن مدير وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، سكوت بيرييه، تأكيده خلال جلسة استماع، على أهمية تكتيكات الوحدات الصغيرة، وضباط الصف، والتدريب الفعال «باستخدام أنظمة الأسلحة المناسبة».

وأنفقت تايوان أكثر من 23 مليار دولار، على الأسلحة الأمريكية، منذ عام 2010، وخاصة الأسلحة التقليدية، كمقاتلات (F-16)، ومدافع الهاوتزر، لكن خلال السنوات الأخيرة، دعتها واشنطن لشراء أنواع مختلفة من الأسلحة لتتمكن من استخدامها فيما يسمى «الحرب غير المتكافئة». فقد رفضت واشنطن الاستجابة لطلب تايوان بشراء مروحيات، وتعتقد الولايات المتحدة أنه يجب على تايوان الاستثمار في أنظمة أكثر قدرة على الحركة، وتتميز بالفعالية وقلة التكلفة، مثل صواريخ (Stingers) و(Javelins)، فضلاً عن الألغام البحرية والصواريخ الساحلية المضادة للسفن.

حالة التعبئة

وعلى صعيد متصل، قال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، في جلسة استماع في أبريل الماضي، إن الدرس المهم الذي يمكن لتايوان استخلاصه من أوكرانيا هو أن تكون «أمة مسلحة»، وأضاف قائلاً «إذا حاول خصمك القيام بغزو أرضك، فإنه يجب أن يكون كل رجل وسيدة في سن التجنيد لديهم السلاح والقليل من التدريب». وقال مسؤولون إن واشنطن دعت تايوان إلى تحديث نظام الاحتياط ووضع الأساس لتعبئة السكان في حالة حدوث غزو صيني.

اقرأ أيضاً.. صواريخ «هاربون» الأمريكية.. ماذا تعرف عنها؟

وكانت تايوان قد أنشأت أواخر العام الماضي، وكالة تعبئة دفاعية شاملة، تعتبر هي المسؤولة عن حشد جنود الاحتياط أثناء الحرب، بالإضافة إلى الإغاثة في حالات الكوارث، وقال مسؤولون إن الوكالة تعمل على إعداد كُتيّب دفاعي شامل، لزيادة معرفة الجمهور بسبل الرد العسكري في حالات الطوارئ، سِلماً وحرباً. قالت محللة شؤون شرق آسيا في صندوق مارشال الألماني بالولايات المتحدة، بوني جلاسر «خفضت تايوان تدريجيا، مدى العقود القليلة الماضية، الخدمة العسكرية من عامين إلى أربعة أشهر فقط، والمشكلة تتفاقم بسبب أن الجيش في الخدمة الفعلية، ليس حريصاً على العمل مع قوات الاحتياط، والتي يتم النظر إليها على أنها غير مدربة بدرجة كافية، وقوة الاحتياط كبيرة ولكنها محدودة القدرة، حيث يتم استدعاء هؤلاء الأشخاص ليومين في السنة، لذا فهي ليست قوة احتياط جادة».

أوجه اختلاف

لكن بعض المحللين يعتقدون أنه من الخطأ أن تكون أوكرانيا نموذجاً لتايوان، وأشار كبير مسؤولي السياسة في البنتاغون بشأن آسيا في إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، راندال شرايفر إلى أن أوكرانيا ربما تمكّنت من منع حدوث نصر روسي سريع، ولكن ذلك جاء على حساب عشرات الآلاف من الأرواح ونزوح ملايين الأشخاص. ولفت شرايفر إلى أن تشبيه أوكرانيا بتايوان هو أمر غير متطابق، بسبب جغرافية تايوان، حيث يجب على الصين عبور 100 ميل من المحيط للوصول إلى الجزيرة، بينما تشترك روسيا وأوكرانيا في حدود برية بطول 1200 ميل، مما يعني أن أي غزو صيني لتايوان سيكون واضحاً، ومن السهل رصده من على بعد أميال، ويمكن التعامل معه بأسلحة المواجهة، ومن ناحية أخرى، فهناك إشكالية في تايوان، غير موجودة في أوكرانيا، وهي مسألة الإمدادات، وهي قضية حاسمة بالنسبة لدفاع أوكرانيا ضد روسيا، حيث سيكون من الصعب توفير الإمدادات لتايوان، نظراً لأن الصين قد تحاصرها بحراً وجواً. وإضافة لذلك، فهناك نقطة اختلاف أساسية بين تايبيه وكييف، فأوكرانيا دولة ذات سيادة وتحظى باعتراف العالم، بينما أن العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، لا تعترف باستقلال تايوان عن الصين.

سلاح العقوبات

وبينما لجأت واشنطن وحلفاؤها إلى سلاح العقوبات، بفرض حزم متصاعدة من العقوبات ضد روسيا، على خلفية الحرب في أوكرانيا، فإن الحديث عن إمكانية اللجوء لهذا الخيار، في مواجهة الصين، قد لا يكون مُجدياً في ظل التشابك الشديد في العلاقات الاقتصادية بين الصين وأمريكا، على الرغم من الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة لتقليل الاعتماد الأمريكي على الصين. ومن ناحية أخرى، فإن سلاح العقوبات الغربية في مواجهة روسيا، لم يثبت فعاليته حتى الآن، بعد مرور نحو 3 أشهر من بداية الحرب، كما أن التهديد بفرض عقوبات لم يردع الروس عن شنِّ الحرب.