- محمد فرحات: انفتاح عربي على آسيا الوسطى بعد سقوط أقنعة «الطامعين»
- محمد صالح: أفغانستان تعود إلى طبيعتها خلال أيام.. ودول الخليج العربي آخر المتأثرين
- آلان صفا: كازاخستان في حاجة لعلاقات جوار تسمح لها ببناء شراكات اقتصادية
شهدت كازاخستان تطورات مهمة على مدار الأيام الماضية، أعقبها تدخل قوى دولية في محاولة لحلحلة الأمور، إلا أن الدول العربية ما زالت بعيدة عن التأثير الفعلي للداخل الكازاخستاني الذي سيطرت عليه قوى إقليمية أخرى، رغم اشتراك كازاخستان مع الدول العربية تحت دائرتين من أبرز الدوائر العالمية؛ وهما الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، وتعد الأخيرة أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة.
تأتي الأهمية القصوى والاستراتيجية لدولة كازاخستان بالنسبة للدول العربية كونها تفصل بينها وبين أفغانستان، لذا فإن التنسيق الأمني معها ضرورة لضمان عدم استخدام دول آسيا الوسطى بوابة لعبور المتشددين، بالإضافة إلى كثير من الجوانب الأمنية المهمة للعرب منها مكافحة تجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية، وجميعها أمور تقع في نطاق الأمن القومي العربي، والذي وجب لتحقيقه استغلال القواسم المشتركة بين الجانبين. وتعتبر كازاخستان -أكبر دول آسيا الوسطى- العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، ويدين معظم سكانها بالدين الإسلامي على المذهب الحنفي، ما يظهر اهتمامهم بقضايا الأمن الغذائي الإسلامي وكل القضايا الإسلامية الأخرى.
انفتاح نسبي
وقال محمد فايز فرحات، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن أهمية كازاخستان للدول العربية تعد جزءاً من أهمية آسيا الوسطي، عقب تفكك الاتحاد السوفيتي وما تبعه من تحول في المسارات السياسية والاقتصادية التي وجدت استقطاباً من قوى إقليمية أخرى، على رأسها تركيا وإيران، لافتاً إلى أن تلك الأدوار بدأت تتكشف من جانب دول آسيا الوسطى، لا سيما بعد الأزمة الأخيرة بين تركيا ودولتي أرمينيا وأذربيجان، ما ساهم في انفتاح نسبي لدول آسيا الوسطى مع الدول العربية.
وشدد فرحات على أن واقع العلاقات الدولية معقد، موضحاً أن الانفتاح العربي على كازاخستان أو دول آسيا الوسطي، لن يتبلور على حساب مصالح الأخيرة مع إيران، خاصة أن كل طرف يسعى إلى تعزيز مصالحه، لا سيما أن دول آسيا الوسطى تربطها مصالح اقتصادية مع قوى إقليمية غير عربية خاصة في مجالات الطاقة، أو في ما يتعلق بمشروع الحزام والطريق، مؤكداً ضرورة إيجاد أطر دبلوماسية عربية مسؤولة عن تطوير العلاقات وتعظيم المصالح العربية المشتركة مع دول منطقة آسيا الوسطى.
تعاون أمني
وأشار إلى أهمية التعاون الأمني بين الدول العربية ودول آسيا الوسطى وبالتبعية كازاخستان، خاصة أن تلك المصالح المشتركة تحتم على الجانبين ضرورة إيجاد حلول للأزمة داخل أفغانستان بما يحول دون اعتبارها ملاذاً آمناً للإرهاب، لافتاً إلى أن الأجندة الأمنية بين القوتين لم تتبلور حتى الآن بشكل كامل بما يضمن الوصول للهدف، داعياً إلى استغلال الروابط المشتركة بين القوتين.
وأكد فرحات وجود أطر مختلفة لإدارة التعاون بين الجانبين، أبرزها منظمة التعاون الإسلامي، داعياً إلى ضرورة استغلال مؤتمر التعاون -والذي من المرشح أن يتحول إلى منظمة للتعاون بين دول من آسيا الوسطى ودول عربية- بما يعمق التوافق بين الطرفين والتغلب على كل مصادر التهديد التقليدية وغير التقليدية المشتركة.
عودة الاستقرار
من جانبه، توقع الخبير الاستراتيجي والعسكري السعودي، اللواء دكتور، محمد صالح، عودة الأمور داخل كازاخستان إلى طبيعتها خلال أيام، خاصة مع تدخل الاتحاد الروسي بناء على طلب رئيس كازاخستان، لافتاً إلى أن البعد الكازاخستاني يشكل تداعيات لا تطال منطقتنا على الإطلاق، متمنياً عودة الهدوء إلى البلد الآسيوي، وتفعيل مشاركته في المجتمع الدولي.
وأضاف أن منطقة الخليج العربي والدول العربية لن تتأثر بمفهوم العمق الاستراتيجي الحيوي، بعكس بعض دول شمال منطقة الشرق الأوسط، والتي تعد جزءاً من تحالف منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تمثل تحالفاً عسكرياً يضم دولاً سوفيتية سابقاً وهي: روسيا، أرمينيا، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، وأوزبكستان.
بلد استراتيجي
وأشار أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة نيس، ورئيس الجمعية الاقتصادية الفرنسية سمافي انترناشيونال، دكتور آلان صفا، إلى أن كازاخستان تعد أحد بلدان آسيا الوسطى المكونة من 5 دول بالإضافة إلى قسم من الصين-شينجيانغ- وشمال أفغانستان، لافتاً إلى أنها تعد من البلدان الاستراتيجية في الصراعات العالمية منذ القرن 19 كونها تسمح بالفصل بين شمال وجنوب آسيا، ما يمنع تكامل القارة الآسيوية التي قد تشكل خطراً على قوى عالمية خلال تلك الفترة، مشيراً إلى أن كازاخستان تمثل 50% من وزن دول آسيا الوسطي، ما يوضح أهميتها الاستراتيجية وثقلها، منوهاً بأنها تتمتع بعلاقة متناغمة اقتصادياً وسياسياً مع كل من روسيا والصين.
تفصل بين قوتين عظميين
وأوضح أن كازاخستان بدأت في مداخلات قوية مع الشرق الأوسط، خاصة في أعقاب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ومحاولة بعض دول الشرق الأوسط التمدد نحو بلدان آسيا الوسطى، منوهاً بأن تركيا تتمتع بنفوذ قوي داخلها، كون أنقرة تساعد على الانتعاش الاقتصادي عبر السماح بتصدير منتجات تلك الدولة الحبيسة عبر حدودها، منوهاً بأن كازاخستان في حاجة إلى أن تبقي على علاقات جيدة مع جيرانها ما يسمح لها ببناء علاقات اقتصادية وتجارية عن طريق الاستيراد والتصدير والملاحة الجوية.
وأكد أن كازاخستان تعد بلداً مهماً للغاية من ناحيتي الجغرافيا والاقتصاد السياسي، خاصة أنها تفصل بين قوتين عظميين -روسيا والصين- لافتاً إلى إمكانية تعزيز وجود بعض البلدان العربية داخلها ومنها الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر، بما يضمن تقوية مفعولها داخل أفغانستان، الأمر الذي يعظم من أهميتها لدى حليفها الأقوى؛ الولايات المتحدة.
وشدد على أن إيران تحاول الاستفادة من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وتقوية وجودها في دول آسيا الوسطي، منوهاً بأن التدخل الإيراني يقابله اهتمام من دول الشرق الأوسط لتفعيل مكانتها داخل دول آسيا الوسطى بما يضمن مصالحها.