مع استمرار تراجع سعر العملة التركية (الليرة)، لتصل إلى 14 ليرة مقابل الدولار الأمريكي، لأول مرة، نظم القصر الرئاسي التركي معرضاً، بدأ يوم الجمعة، لمئات المقصات التي استخدمها الرئيس رجب طيب أردوغان، في افتتاح مشروعات البنية التحتية، والتي تكلفت عشرات المليارات، في وقت أدى فيه زيادة التضخم وارتفاع الأسعار إلى موجة من الانتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
الليرة تواصل التراجع
ونشرت وكالة «بلومبيرغ» ملفاً عن الأوضاع الاقتصادية وآثارها السياسية في تركيا، لفت إلى أن الليرة التركية واصلت التراجع، بنسبة 2% صباح الاثنين، ليصل سعر الدولار إلى 1672ر14 ليرة لكل دولار، ليستمر مسلسل تراجعها، حيث كانت قد تراجعت بنسبة 29% مقابل الدولار في شهر نوفمبر المنصرم، كما أن نسبة التراجع بلغت 48 % خلال العام الجاري، لتكون أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة.
وجاء تراجع الليرة الجديد، بعدما خفضت وكالة ستاندرد آند بورز (S&P) للتصنيف الائتماني، من توقعاتها تجاه التصنيف الائتماني السيادي التركي يوم الجمعة، مشيرة إلى مخاطر من «التقلب الشديد في سعر الليرة».
عدم رفع أسعار الفائدة
ونقل التقرير عن وزير الخزانة والمالية التركي الجديد نورالدين النبطي قوله في تصريحات نشرتها صحيفة «هابر تورك» التركية، الأحد، إن الحكومة لا تزال مصممة على عدم رفع أسعار الفائدة.
وأوضحت «بلومبيرغ» أنه من المقرر أن تجتمع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي التركي، يوم الخميس 16 ديسمبر الجاري، لمناقشة أسعار الفائدة، وسط توقعات بمواصلة خفض سعر الفائدة.
تداعيات اقتصادية
وبدأت تظهر التداعيات الاقتصادية، لتراجع سعر الليرة، حيث تراجعت معدلات إنتاج وتصدير السيارات وغيرها من المركبات، من تركيا، خلال شهر نوفمبر المنصرم، ضمن تداعيات تراجع سعر الليرة، وفقاً لما نشره تقرير آخر لوكالة «بلومبيرغ».
وأوضح التقرير أن حجم إنتاج السيارات وغيرها من المركبات، بلغ نحو 115 ألفاً، بانخفاض بنسبة 20%، عن نفس الشهر في العام السابق، طبقا للبيانات التي نشرتها رابطة مصنعي السيارات، كما انخفض صادرات السيارات إلى 75 ألفاً و892 سيارة، بنسبة انخفاض بلغت 25% عن العام السابق.
تداعيات سياسية
وبطبيعة الحال، فإن تراجع الليرة وزيادة التضخم، كان له تداعيات سياسية على الساحة التركية الداخلية، ظهرت من خلال موجات الانتقادات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، كما شهدت بعض المدن التركية مظاهرات لمواطنين احتجاجاً على ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وأوضحت «بلومبيرغ» أنه مع ارتفاع الأسعار في سلاسل محلات البقالة التركية، بشكل شبه يومي، يلجأ المستهلكون للتعبير عن غضبهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يستغله منافسو أردوغان للعمل على خفض شعبيته.
وأوضح التقرير أن معدل التضخم زاد ووصل إلى 20.7% في شهر نوفمبر المنصرم، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 27.1% في المتوسط.
وبحسب «بلومبيرغ»، فإن مواقع التواصل الاجتماعي تحفل بالعديد من المقاطع، لمستخدمين يتحدثون عن مدى الارتفاع في الأسعار، قبل وبعد نوبة التضخم الأخيرة، بدءاً من أغذية الأطفال إلى الهواتف المحمولة، حيث زادت الأسعار في كثير من الحالات، بنحو الضعف عما كانت عليه في العام الماضي.
وعلى صعيد متصل، شهدت مدينة إسطنبول، الأحد، مظاهرة، احتجاجاً على التضخم وتراجع القدرة الشرائية، كما شهدت العاصمة التركية أنقرة مسيرات احتجاجية مماثلة.
وخرج متظاهرون في إسطنبول استجابة لدعوة لنقابة عمالية يسارية، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها عبارة «فاض الكيل»، بينما حاول طلاب الاحتجاج في أنقرة على ارتفاع الإيجارات وللمطالبة بإسكان بتكلفة معقولة.
ولفت التقرير إلى أن تكلفة المعيشة في إسطنبول، ارتفعت بأكبر من 50 % خلال العام الجاري، وفقاً لإدارة المدينة.
مقصات وافتتاحات
وتأكيداً على الجهود التي يبذلها الرئيس أردوغان في تحسين الأوضاع، افتتح القصر الرئاسي في أنقرة، يوم الجمعة، معرضاً ضم مئات المقصات التي استخدمها أردوغان في قص شرائط الافتتاح، في مشروعات البنية التحتية، التي تكلفت عشرات المليارات، والتي نفذها في عهده.
ونقلت «بلومبيرغ» عن صحيفة «يني شفق»، أن أردوغان «احتفظ بكل المقصات والأشرطة التي استخدمها أثناء الافتتاحات، والآن يبلغ عددها أكثر من 800».
من جانبه، اتهم أردوغان المحتكرين بالتسبب في أزمة ارتفاع الأسعار، ونقلت بلومبيرغ عنه قوله قبل أيام «هناك من يخزنون البضائع في كل منطقة، حتى في السيارات»، ولذا أصدر أردوغان تعليماته لوزير التجارة، بزيادة الغرامات المفروضة على الشركات التي تمنع بيع السلع، للاستفادة من ارتفاع الأسعار في المستقبل.
وكان أردوغان قد تمسك في يونيو الماضي، بموعد الانتخابات المقبلة، في عام 2023، رافضاً بذلك الدعوات المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة.
إلا أن الجدل المتصاعد حالياً في البلاد، بسبب ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم، وما أسفر عنهما من انتقادات، قد يكون تطوراً جديداً، يزيد من دعم الأصوات المطالبة بتبكير الانتخابات.