الخميس - 21 نوفمبر 2024
الخميس - 21 نوفمبر 2024

«القمة».. قاعدة الناتو السرية لمواجهة روسيا

«القمة».. قاعدة الناتو السرية لمواجهة روسيا

علامات استفهام فرضتها تصريحات المتحدث باسم الكرملين ديمتري بسكوف، الخميس الماضي، حول مؤشرات تنامي تصعيد غير مسبوق بين موسكو وواشنطن على ساحة الحرب الأوكرانية؛ فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي توعَّد في تصريحاته الأخيرة القارة البيضاء بطول أمد معارك أوكرانيا، وضاهى بينها ونظيرتها التي خاضها قيصر روسيا «بطرس العظيم» خلال القرن الـ18 ضد السويد لمدة 21 عاماً، توعَّد الولايات المتحدة هى الأخرى في نفس التوقيت بردود فعل عنيفة على خلفية دورها مع الناتو في تأسيس قاعدة لأكبر غرفة عمليات سرية للحلف في ألمانيا ضد روسيا.

ورغم تردي العلاقة المعروفة بين موسكو وواشنطن قبل وبعد اندلاع حرب أوكرانيا، فإن مؤشرات التوتر غالبت كل تقدير، ووصلت حد الاقتراب من المواجهة المباشرة، خاصة بعد تأكيد ديمتري بسكوف «وصول روسيا والولايات المتحدة إلى نقطة بالغة الاشتعال، لا تُستبعد فيها المواجهة العسكرية المباشرة بين الجانبين».

تأمين الاتصالات بين القاعدة وأوكرانيا ضد عمليات التجسس الروسية

وحسب تقرير مطوَّل نشرته صحيفة «إكسبرس» البريطانية، دشنت الإدارة الأمريكية بالتعاون مع الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو قاعدة سرية مجهولة الإحداثيات الجغرافية في ألمانيا منذ مطلع مارس الماضي، ووضعت القاعدة على رأس أولوياتها مهمة إمداد القيادة العسكرية الأوكرانية بالمعدات والأسلحة اللازمة، للحيلولة دون امتداد الصراع المسلح من الساحة الأوكرانية إلى بقية دول أوروبا، لا سيما الواقعة في العمق الاستراتيجي الروسي.

سرية كاملة

القاعدة المعروفة باسمها الكودي «القمة» محاطة بسياج بالغ السرية، وتتألف في قوتها من 100 ضابط من 14 دولة عضو في الناتو. وحسب ما نقلته «إكسبرس» عن ضابط بريطاني قيادي داخل القاعدة، كريس كينغ، تتطلب أنشطة «القمة» فرض سرية كاملة على كافة الإجراءات والاتصالات. ويضيف العميد البريطاني: «إذا لم نؤد المهام المنوطة بنا على أتم وجه، فسوف تعاني أجيال كاملة من امتداد ألسنة الصراع الدائر في أوكرانيا إلى مختلف الدول الأوروبية».

100 ضابط من 14 دولة لمنع امتداد حرب أوكرانيا إلى كامل أوروبا

واستطرد الضابط: «هذه لحظة فارقة، فإما أن ندعم ونساعد أوكرانيا في مواجهة الروس، وإما نقبل بواقع مأساوي في المستقبل ينعكس على كامل القارة البيضاء، وإذا كنا نقدم المساعدة في الوقت الراهن من مكان واحد، فسوف نضطر إلى تقديمها لاحقاً من أماكن أخرى إذا تفاقمت الأوضاع بشكل غير مأمول». وأوضح كينغ أن مهمة القاعدة السرية ستظل ثابتة في مكانها على المدى البعيد، مشيراً إلى أن الناتو لم يتوقع نهاية سريعة للحرب في أوكرانيا، لا سيما في ظل معطيات تشير إلى استيلاء القوات الروسية على مدينة سيفيرودونتسك، ما أسفر عن مقتل 200 جندي أوكراني يومياً على الأقل.

تنصت روسيا

وظلت قاعدة الـ«ناتو» سرية منذ تدشينها في مارس الماضي؛ نظراً لطبيعة الخدمات اللوجستية بالغة الحساسية التي تنطوي عليها، إذ تحرص فرق الأفراد المتواجدة في المكان على البقاء في وضعية التأهب الدائم عند الاتصال، لتفادي تنصت الاستخبارات الروسية على الخطط المعدة للتنفيذ. كما يتم تأمين الاتصالات مع الأفراد الأوكرانيين لإبلاغ قاعدة الناتو بالاحتياجات المطلوبة، فضلاً عن توفير أوكرانيا معلومات استخباراتية حول تقدم وزحف القوات الروسية في مختلف المدن الأوكرانية، ليتسنى لقاعدة «القمة» تقديم معدات مخصصة تتناسب مع احتياجات الدفاعات الأوكرانية بناءً على المعلومات الاستخباراتية. ونظراً لطبيعة العمليات بالغة الحساسية، لا يحصل سوى عناصر أوكرانية معينة على حق التواصل مع القاعدة أو تبادل المعلومات الاستخباراتية معها.

ويجري شحن المعدات العسكري من القاعدة في ألمانيا إلى أوكرانيا عن طريق الجو والبحر والسكك الحديدية، وعبر مسارات سرية متعددة إلى داخل البلاد. وبمجرد وصول الشحنات إلى أوكرانيا، تواصل القوات المحلية استخدام شبكات سرية لتوزيع المعدات العسكرية الجديدة على مختلف أنحاء البلاد وفقاً للحاجة. وفي هذا السياق يقول العميد البريطاني كريس كينغ: «بطبيعة الحال ينبغي علينا فرض سرية وتأمين تام قدر الإمكان للحيلولة دون تسريب معلومات حول عملياتنا».

طبيعة الشحنات

وحسب ما نقلته «إكسبرس» عن كينغ، يراعي طاقم قاعدة «القمة» طبيعة الشحنات التي تتلقاها أوكرانيا، إذ إن بعضها شديد الانفجار، ولا يمكن تخزين البعض الآخر لفترات زمنية طويلة. ومن ثم هناك حاجة إلى سيولة وتسلل منظَّم في حركة الشحنات. وقياساً على أيّ عملية من هذا النوع، يصيب تعطيل مسار الشحنات القائمين على قاعدة الناتو بإحباط بالغ، إذ إنه من الممكن أن تؤدي تلك العراقيل إلى إعاقة قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها.

مسارات سرية لنقل الإمدادات العسكرية من ألمانيا إلى القيادة في كييف

وفي سياق متصلن قال الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ: «أوكرانيا في وضع حرج للغاية، وبالتالي، هناك حتمية للتصعيد». بينما قال وزير الدفاع البريطاني بن والاس، متحدثاً في أوسلو قبل سفره إلى بروكسل، إن بلاده تبحث إرسال المزيد من الصواريخ المضادة للسفن لمساعدة أوكرانيا في حماية موانئها. وقال أيضاً إن بريطانيا اشترت بنادق ذاتية الدفع من طرف ثالث، وباتت في طريقها إلى أوكرانيا. واستطرد: «نعتقد أن هناك احتمالية جيدة لدفاع أوكرانيا عن نفسها ضد روسيا عند وصول هذه الأسلحة». ومن المتوقع أيضاً إعلان الولايات المتحدة، لا سيما وأنها أكبر مانح للدفاع الأوكراني، عن مساعدات أسلحة جديدة بقيمة مليار دولار إلى كييف قريباً، بما في ذلك أنظمة الصواريخ المضادة للسفن وصواريخ المدفعية وقذائف الهاوتزر».