أظهر تقرير حديث أن الدافع وراء الإنفاق المتزايد للدول النووية على التسليح، لم يكن لحماية المصالح الأمنية، أو حتى استئناف ما يسمى بمنافسة القوى العظمى، بل يرجع إلى كونه عملاً تجارياً، إذ أظهر التقرير بعد البحث في آلاف العقود والتقارير السنوية وكشوفات جماعات الضغط، أن عشرات الشركات حصلت على 30.2 مليار دولار في شكل عقود جديدة للعمل في مجال الأسلحة النووية، ثم استدارت تلك الشركات وأنفقت 117 مليون دولار للضغط على صناع القرار لإنفاق المزيد من الأموال على الدفاع، كما أنفقوا ما يصل إلى 10 ملايين دولار في تمويل معظم مراكز الفكر التي تبحث وتكتب عن حلول السياسات المتعلقة بالأسلحة النووية. وانتقد تقرير «الدولية للقضاء على الأسلحة النووية» إعطاء الدول المشار إليها الأولوية لإنفاق 156،841 دولاراً في الدقيقة على الأسلحة النووية، في حين يكافح الملايين من مواطنيها للحصول على الرعاية الصحية وتدفئة منازلهم وحتى شراء الطعام، مشدداً على أن الإنفاق على الأسلحة النووية يعد بمثابة عنف يكلف الأرواح، مشيراً إلى أن انعقاد الاجتماع الأول للدول الأطراف في معاهدة حظر الأسلحة النووية خلال الفترة من 21- 23 من الشهر الجاري في مكتب الأمم المتحدة في فيينا، لم يكن ليأتي في وقت أفضل، لا سيما أن القاعدة المعلوماتية لدى الحملة الدولية تمكنها من دعوة كل مسؤول منتخب وممثل شركة ومستثمر وباحث للتخلي عن الأيديولوجية الخطيرة للأسلحة النووية لتشكيل مسار لإزالة تلك الأسلحة وإدانة الإنفاق الطائش والخطير على الأسلحة النووية.
هل يؤثر زيادة الإنفاق على التوجه الأوروبي؟
يقول تقرير لمجلة «The National Interest» إن الخوف المتجدد من المخاطر النووية في أوروبا لا يعني بالضرورة سعي دول إضافية لامتلاك أسلحة نووية، إلا أن ذلك لم يمنع وجهة النظر الداعمة لدفع البرامج النووية الوطنية ومفادها أن الأسلحة النووية يمكن استخدامها كأداة للردع بما يحقق استقلالية في ما يتعلق بالقرارات النووية ويزيد الإحساس بالأمن، إذ أظهر استطلاع أجراه متخصصون من جامعة ستانفورد واترلو في كندا على مواطنين من دول بولندا ورومانيا ولاتفيا وليتوانيا واستونيا حول وجهات نظرهم حول دعم برامج الأسلحة النووية الوطنية، المشاركون في شرق ووسط أوروبا أظهروا بعض الدعم لبرامج الأسلحة النووية الوطنية، إذ جاء الدعم لبرنامج الأسلحة النووية الوطني بنسبة 66% في بولندا، 51% في إستونيا، 45% في رومانيا، 40% في لاتفيا، و38% في ليتوانيا.
على نطاق أوسع، تُظهر البيانات التي تم جمعها القلق بشأن التهديدات النووية الروسية للأمن الأوروبي، من بين الذين شملهم الاستطلاع، أن هناك دعماً كبيراً لحلف الناتو، إذ تبين أن نحو 90% أيدوا حلف الناتو فيما راوحت نسب من يثقون في اتخاذ القرار النووي لحلف الناتو ما بين 66% إلى 85%، ورغم الحماس لامتلاك سلاح ردع مقابل التهديدات الروسية المحتملة لا تزال هناك صعوبة لمثل تلك الدول لفعل ذلك، لا سيما أن مشاركة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في عملية حظر الانتشار النووي ستمنع ذلك على الأرجح بحسب التقرير، الذي يؤكد أن الولايات المتحدة استخدمت مجموعة متنوعة من الأدوات عبر التاريخ، لا سيما خلال الحرب الباردة، لإجبار الحلفاء على عدم استخدام الأسلحة النووية، بغض النظر عن كيفية ملاحقتهم لها، تلك الأدوات -مثل العقوبات واستهداف القطاعات المالية الرئيسية- تقلل من احتمالية أن تتبع الحكومات الرأي العام بشأن الأسلحة النووية، خاصة أنه رغم الدعم الشعبي المتزايد لبرامج الأسلحة النووية الوطنية، فإن غالبية المواطنين لا يؤيدون استخدامها، إذ إن 85% ممن شاركوا في الاستطلاع قالوا إنه لا توجد مواقف يكون خلالها استخدام الأسلحة النووية مبرراً أخلاقياً.