السبت - 23 نوفمبر 2024
السبت - 23 نوفمبر 2024

فوربس: حظر تصدير النفط الأمريكي يُشعل أسعار الطاقة

فوربس: حظر تصدير النفط الأمريكي يُشعل أسعار الطاقة

أوروبا تستورد نحو 1.5 مليون برميل يومياً من الخام الأمريكي.

قرار بايدن المتوقع يعكس تخلياً عن حلفاء واشنطن في حرب أوكرانيا

الإدارة الديمقراطية تسعى لـ«التموضع السياسي» أكثر من حل الأزمات

مخزون النفط الأمريكي ينخفض بمقدار مليون برميل كل 24 ساعة

الأزمة مرشَّحة للتفاقم بعد وقف تأجير أراضي التنقيب عن النفط والغاز

أثار اعتزام إدارة جو بايدن حظر تصدير النفط الأمريكي غضب مراقبين، لاموا البيت الأبيض على ميل نحو الخطوة، واعتبروا تمريرها إسهاماً جديداً في اشتعال نيران أسواق النفط العالمية، وفشل واشنطن في «ترويض ارتفاع أسعار الوقود داخل الولايات المتحدة»، ما يعزز استمرار تضخم أسعار الطاقة لفترة أطول. ورغم إشارة وزيرة الطاقة الأمريكية جنيفر غرانهولم إلى أن القرار المتوقع صدوره ما زال قيد الدراسة، لكنها أكدت طرح كافة الخيارات على الطاولة. وأزكت تصريحات الوزيرة الأمريكية غليان الدوائر المعنية بالصناعات النفطية، لا سيما في ظل عجز غرانهولم قبل أيام عن الرد على أسئلة صحفية بخصوص حجم استهلاك النفط اليومي في الولايات المتحدة، واكتفت الوزيرة عند تفادي المأزق بتأكيد افتقارها إلى بيانات كاملة حالياً للرد على السؤال، وفي تعليق على موقف الوزيرة وإدارتها، قال المحلل الأمريكي دان إيبرهارت: «تنشغل الوزيرة جنيفر غرانهولم وإدارة بايدن في الوقت الراهن بالبحث عن أي إنجاز لتفادي غضب الشارع الأمريكي على ارتفاع أسعار الوقود، لا سيما في ظل الاستعداد لانتخابات التجديد النصفي الشرسة، ما يعني رغبة الوزيرة والإدارة الديمقراطية في ترسيخ التموضع السياسي أكثر من حل الأزمة».

آليات فقيرة

ولا يعول المراقبون على آليات عمل الإدارة الأمريكية في قطاع النفط، خاصة بعد استغلال بايدن احتياطات النفط الاستراتيجية أكثر من أي رئيس سابق، ما أدى إلى خفض مخزون الطوارئ في البلاد بنحو مليون برميل يومياً؛ وفي المقابل اتجهت أسعار النفط الخام في السوق العالمية إلى 120 دولاراً للبرميل. وسجلت أسعار الغاز في الولايات المتحدة أرقاماً قياسية يومية تقريباً؛ ففي حين اقترب متوسط الأسعار من هامش 5 دولارات للغالون منذ تولي بايدن منصبه في يناير 2021، كانت أسعار الديزل أسوأ بكثير، وبلغ متوسطها 5.60 دولار للغالون، ولا تجد الإدارة الأمريكية مبرراً لتلك الأرقام إلا بإلقاء اللوم على الحرب الدائرة في أوكرانيا، حتى إن البيت الأبيض وصف ارتفاع الأسعار في كثير الأحيان بـ«ارتفاع أسعار بوتين»، لكن الحقيقة تؤكد أن الأسعار كانت مرتفعة بالفعل قبل الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير، حسب صحيفة «فوربس».

ترويض الأسعار

ويتناغم تحليل دان إيبرهارت مع رؤية الصحيفة الأمريكية في اتجاه حرص الإدارة الديمقراطية على إظهار أنها «تفعل شيئاً ما» لترويض أسعار الوقود الجامحة، لكن المزيد من التدخل السياسي لا ينطوي على حل جذري للأزمة، ويؤكد أن خطوة حظر تصدير النفط تنطوي على خطورة تزيد الأوضاع تفاقماً، لا سيما عند النظر إلى سياسات بايدن الحالية، ومنها وقف تأجير الأراضي الفيدرالية للتنقيب عن النفط والغاز، وهو ما يعطي انطباعاً بانعدام جدية البيت الأبيض في الحفاظ على دور الولايات المتحدة كواحدة من أكثر الدول نفوذاً في العالم، ولا ينفصل ذلك عن تسويق فكرة عجز عن استيعاب كيفية عمل أسواق الطاقة العالمية. وحسب «فوربس»، يعكس حظر تصدير النفط الأمريكي وسط بيئة عالمية يتزايد فيها حجم الطلب عن محدودية العرض «مستوى جديد من إخفاق إدارة بايدن»، خاصة بعد تحول الولايات المتحدة التاريخي إلى مصدر النفط الأول عالمياً في 2020، ومواصلتها تصدير مزيد من «الخام الأسود» ومشتقاته أكثر من الاستيراد، وفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية غير الحزبية.

آثار سلبية

وتؤكد دراسة صادرة عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي في يناير الماضي الآثار السلبية المحتملة التي ينطوي عليها حظر تصدير النفط الأمريكي الخام، ومدى تأثير ذلك على المستهلكين الأمريكيين. وخلصت الدراسة إلى أن وقف صادرات النفط الأمريكية «من شأنه تقليل المعروض من النفط في الأسواق العالمية، وهو ما يؤدي حتماً إلى ارتفاع أسعاره، ويُلحق ضرراً أيضاً بحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين، الذين يدفعون أسعاراً أعلى من الأمريكيين، خاصة في ظل تقليص اعتمادهم على إمدادات الطاقة الروسية. ولا ينتبه القرار الأمريكي المتوقع إلى شبكة سوق النفط العالمية بالغة التعقيد، إذ تختلف جودة النفط الخام ومشتقاته الاستهلاكية من دولة إلى أخرى، ونظراً لأن قطاع النفط الأمريكي هو الأكثر تقدماً، ما يسمح له بالحصول على النفط الثقيل منخفض الكلفة من أمريكا اللاتينية وكندا وتحويله إلى بنزين عالي الجودة، تساهم تلك الميزة في إعادة تصدير منتجات النفط الثقيل بعد تكريرها في اكتساب قيمة مضافة لصالح الفائض التجاري الأمريكي. وحسب «فوربس» لن يساهم الاحتفاظ بحوالي 3.5 مليون برميل يومياً من مشتقات النفط الذي تصدره الولايات المتحدة حالياً في خفض أسعار محطات الوقود، وسيؤدي قرار حظر التصدير إلى خفض إنتاج النفط الخام ورفع أسعاره العالمية، والتي تمثل 60% من أسعار البنزين والديزل.

سؤال لبايدن

وتستورد أوروبا أيضاً حوالي 1.5 مليون برميل يومياً من الخام الأمريكي، خاصة بعد تقليص اعتمادها على الإمدادات الروسية، وإذا واجه بايدن وإدارته دهشة عند التساؤل عن سبب تصدير مصافي التكرير الأمريكية ما يقرب من 6 ملايين برميل يومياً من الوقود مثل البنزين والديزل ووقود الطائرات في وقت تحتاج فيه السوق المحلية إلى تلك الكمية، فالسبب ببساطه هو أنه رغم قتامة هذا المشهد وسوئه، فالحالة أشد قتامة وسوءاً لدى الأسواق خارج الولايات المتحدة، إذ بات المستهلكون فيها على استعداد لدفع ما يفوق الأسعار الحقيقية بكثير نظراً لضآلة المعروض في الأسواق. ويرفض المحلل الأمريكي دان إيبرهارت تشبيه إنتاج النفط بـ«مباراة عالمية» بين دولة وأخرى؛ فرغم أن الولايات المتحدة أكبر منتج، لكنها لا توقف عمليات استيراد النفط الخام ومشتقاته من دول أخرى، يضاف إلى ذلك زيادة صادرات الولايات المتحدة من مشتقات النفط بعد اندلاع حرب أوكرانيا تعاطياً مع تأثير العقوبات المفروضة على روسيا، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدل الطلب الأوروبي لدى البديل الروسي، ومن المقرر ازدياد اعتماد أوروبا على إمدادات الطاقة الأمريكية عند تنفيذ الاتحاد الأوروبي لحظره الرسمي على النفط الروسي خلال الأشهر المقبلة. وذيلت الصحيفة الأمريكية تقريرها بسؤال موجه إلى بايدن: تعاني القارة العجوز نقصاً هائلاً في الطاقة، وتتطلع في هذا الخصوص إلى مساعدة الولايات المتحدة، فهل ستتخلى الأخيرة عن حلفائها في أوروبا وتسحب البساط من أسفل أقدامهم بفعل قرار حظر تصدير النفط المتوقع؟!