تصعيد جديد بين لبنان وإسرائيل، بسبب الحدود البحرية المتنازع عليها، في ظل عدم انتظار الجانب الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق مع الجانب اللبناني، وانشغال الوسيط الأمريكي بالحرب الأوكرانية، ما يجعل الأزمة بين الجانبين أمام 3 احتمالات بحسب محللين سياسيين لبنانيين.وحذّر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، الأحد، من محاولة فرض إسرائيل للأمر الواقع في منطقة بحرية متنازَع عليها مع بلاده، مؤكداً أنَّ لبنان متمسك بحقوقه في المنطقة البحرية محل النزاع مع إسرائيل. وعبر مجموعة تغريدات، نشرها حساب مجلس الوزراء على «تويتر»، دعا ميقاتي، الأمم المتحدة وجميع المعنيين، إلى تدارك الوضع وإلزام إسرائيل بوقف استفزازاتها، معتبراً أن ما تقوم به إسرائيل «أمر في منتهى الخطورة»، ومن شأنه إحداث توترات لا أحد يمكنه التكهّن بتداعياتها. كما قال الرئيس ميشال عون، إن أي نشاط في منطقة بحرية متنازَع عليها مع إسرائيل يشكّل «استفزازاً وعملاً عدائياً»، مردفاً «المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل لا تزال مستمرة».
حقل كاريش
وأودع لبنان لدى الأمم المتحدة قبل أسابيع، رسالة يؤكّد فيها تمسّكه بحقوقه وثروته البحرية، وأن حقل «كاريش» الذي استولت عليه إسرائيل يقع ضمن المنطقة المتنازَع عليها، وجرى تعميمها في حينه على كل أعضاء مجلس الأمن الدولي كوثيقة من وثائق المجلس. وطلب لبنان من مجلس الأمن عدم قيام إسرائيل بأي أعمال تنقيب في المناطق المتنازَع عليها، تجنباً لخطوات قد تشكّل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، كما أكّدت الرسالة أن لبنان ما زال يعوِّل على نجاح مساعي الوساطة التي يقوم بها الوسيط الأمريكي، آموس هوكشتاين، للتوصل إلى حلٍّ تفاوضي لمسألة الحدود البحرية برعاية الأمم المتحدة.
محاولة فرض الأمر الواقع
ومن جانبه، قال المحلل السياسي اللبناني سركيس أبو زيد «إسرائيل تحاول فرض الأمر الواقع من خلال استخراج الثروة اللبنانية في ظروف إقليمية ودولية مهتمة بقضايا ساخنة وحساسة جداً، مستغلة وضع لبنان الداخلي غير المستقر». وفي تصريحات خاصة، أضاف أبو زيد «هناك أمور لم تُستكمل داخل مجلس النواب، وغيرها من المشاكل الداخلية في لبنان، وإسرائيل تحاول الاستفادة من انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بحرب أوكرانيا وقضايا النفط، فضلاً عن الأزمات الداخلية بأمريكا».
وتابع:«الجهات الرسمية اللبنانية، سارعت إلى اتخاذ موقف مبدئي على لسان رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ومن المفترض أن يكون هناك مواقف لبنانية حازمة وواضحة بهذا الموضوع؛ لإظهار موقف وطني جامع أمام الأطماع الإسرائيلية، وهذا الوضع يضع الحدود الجنوبية بحالة استنفار وترقب». وأشار إلى أن كافة الاحتمالات مفتوحة، من توتر أمني أو استنفار متبادل، وغيرها من الأمور، مؤكداً ضرورة تحرك جامعة الدول العربية، والمؤسسات الأممية، لاتخاذ مواقف حاسمة بهذا الاتجاه؛ حتى لا تذهب الأمور نحو الانفجار. وأكّد أبو زيد، ضرورة عودة الولايات المتحدة إلى القيام بدور الوسيط، وتفعيل دورها لكبح جماح إسرائيل، حتى لا تذهب الأمور إلى ما هو أخطر وأعنف، مشيراً إلى حساسية الوضع، وحالة الترقب من كل الجهات، فالأيام المقبلة ستشهد تطورات، وسط حالة من الحذر والترقب، في ظل حرص لبنان على حماية حدوده بمختلف الطرق.
تصعيد وتهديدات متبادلة
من ناحيته، قال الأستاذ بالجامعة اللبنانية الدكتور طلال عتريسي «إسرائيل تماطل في عملية التفاوض، وسط غياب الوسيط الأمريكي عن السعي إلى إيجاد حلول بين الطرفين، والاتفاق على المناطق التي يحقُّ لكل طرف أن يحصل من خلالها على النفط والغاز». وأضاف عتريسي «أعمال التنقيب من الجهة اللبنانية تأخرت في المناطق المتنازَع عليها، حيث لا يحق لأي طرف أن يبدأ التنقيب، وإسرائيل تستفيد من انشغال لبنان بأزماته الداخلية وغياب الوسيط الأمريكي وعدم اتفاق اللبنانيين على بدء أعمال التنقيب». وواصل «هناك حالة فتور وغياب للحماس لدى الشركات الأجنبية للتنقيب في أماكن متنازع عليها، في حين تستطيع إسرائيل فعل ذلك عبر شركاتها الخاصة، وهي طبعاً تستفيد من الحماية الأمريكية، ولن تتعرض لأي ضغط أمريكي أو أوروبي».
3 احتمالات أزمة الغاز
وتابع عتريسي «كافة الاحتمالات واردة، ويمكن أن تتوقف المفاوضات، أو أن يلجأ لبنان للحفر والتنقيب أيضاً، والاحتمال الثالث هو التصعيد والتهديدات المتبادلة، لكن لن يؤدي الأمر لأي مواجهة أو انفجار، بل سيزيد من تعقيدات الأوضاع الداخلية في لبنان، لأنه ليس هناك إجماع لبناني على التعامل مع هذا الملف، وفي نفس الوقت إسرائيل لا تسعى لتفجير الأوضاع في هذه المرحلة». واستطرد «الأوضاع الداخلية في فلسطين صعبة بالنسبة لإسرائيل، وكذلك الأزمات السياسية الداخلية لتل أبيب، المشغولة بالأبعاد الإقليمية حول المفاوضات النووية الإيرانية، وقد نكون أمام أزمات سياسية وتصعيد في لهجة التفاوض وطلب مجيء الوسيط الأمريكي من طرف لبنان».