الجاني اشترى أدوات الجريمة في عيد ميلاده الـ18 وانتقم بها من «تنمر» الأصدقاء
راموس أطلق النار على جدته قبل تنفيذ الجريمة لأنها كانت تعمل في نفس المدرسة
مشاحنات سياسية بين أقطاب معسكري الديمقراطيين والجمهوريين وبايدن «يصرخ»
ارتفاع أسعار أسهم شركات الأسلحة والذخيرة بعد عمليات إطلاق النار الجماعية
جميع الوفيات والإصابات وقعت في فصل دراسي واحد بالمدرسة
وخلال نقل جدة الجاني الجريحة إلى مستشفى سان أنطونيو بالولاية، تحصَّن الجاني لمدن 45 دقيقة داخل مبنى المدرسة المستهدفة، لكنه أطلق النار من بندقية في يده على شخصين اقتربا منه لعرض المساعدة حين علقت سيارته في قناة كبيرة أمام المدرسة. وحسب ما نقلته «واشنطن بوست» عن شهود عيان، بدا منفذ المذبحة موتوراً، وكأنه يبحث عن هدف أو فريسة مجهولة. وتلقى كاهن كنيسة مجاورة لموقع المذبحة استغاثة من أفراد كانوا يشاركون في مراسم تشييع جنازة، فاتصل على الفور بالشرطة. وقال مسؤول بالولاية إن جميع الوفيات والإصابات وقعت في فصل دراسي واحد بالمدرسة، واصفاً الحادث بالأسوء من نوعه منذ إطلاق النار على مدرسة «ساندي هوك» في الولاية ذاتها قبل 10 سنوات.
تسريب التحقيقات
وتشير معلومات مسربَّة من غرف التحقيقات إلى أن القاتل ليس لديه سجل جنائي، وأنه اشترى في يوم تاريخ ميلاه الـ18 الموافق 16 مايو الجاري بندقيتين من طراز AR، و375 طلقة من الذخيرة. ولا يتضح حتى الآن ما إذا كان له شركاء في تنفيذ الجريمة أو التخطيط لها. ووفقاً لتسريبات التحقيقات ذاتها، عُثر في سيارة الجاني على إحدى البندقيتين. وتفيد التحقيقات أيضاً بأنه يجري التحقق من أن جدة الجاني التي كان يقيم معها في نفس المنزل كانت تعمل في السابق بمدرسة «روب»، واعتبر المحققون ذلك طرف خيط مهم قد يساهم في تحديد ملابسات الجريمة. ووفقاً للتحقيقات، كان الجاني طالباً في المرحلة الثانوية، واعتاد الغياب عن المدرسة لفترات طويلة، وكان منعزلاً عن رفاقه في المدرسة ولا يشاركهم الرحلات أو جلسات السمر. ونقلت التحقيقات عن أحد أصدقاء الجاني أن عزلة الأخير تعود إلى «تنمُّر» أصدقائه عليه، والتهكم على ملابسه الرثَّة، وربما يعود إقدامه على الجريمة إلى انتقامه من الأصدقاء أو من المدرسة.
تقرير فيدرالي
وجاء إطلاق النار بعد يوم من إصدار مكتب التحقيقات الفيدرالي تقريراً قال فيه إن «عدد هجمات إطلاق النار النشطة على مستوى البلاد قد ارتفع بشكل حاد العام الماضي، وهو ضعف العدد الذي شوهد قبل عامين فقط». وعزا تقرير المكتب التحقيقات حالات إطلاق النار إلى هجمات يحاول فيها شخص أو أكثر قتل آخرين في منطقة مأهولة بالسكان. وفي حين لم يحدد التقرير أسباب أو دوافع حالات القتل، اقتصر تقديره على أنها تعود إلى «عنف العصابات، أو خلافات سكنية أو منزلية». لكن دوائر متخصصة في علم النفس الاجتماعي، أرجعت تفاقم الأزمة إلى أسباب تتعلق بارتفاع الأسعار، وتقلص فرص العمل، وانخفاض مستوى المعيشة. واستشهدت صحيفة «نيوزويك» على ذلك بتعرض الولايات المتحدة لـ61 هجوم إطلاق نار مماثل خلال العام الماضي فقط، بما في ذلك عمليات شغب، أسفرت عن مقتل 10 أشخاص في منطقتي منبولدر وكولورادو، وثمانية أشخاص في 3 منتجعات صحية بمنطقة أتلانتا، و4 قتلى في مدرسة أوكسفورد بولاية ميشيغان.
وأكدت الإحصائيات الرسمية لجرائم القتل في الولايات المتحدة تفاقم الظاهرة في البلاد وتنامي أعداد ضحاياها عاماً تلو آخر، وربما أثبت ذلك «صراخ الرئيس جو بايدن نفسه في خطاب للأمة يوم الثلاثاء»، حسب تعبير «نيويورك تايمز»؛ ومطالبته سلطات إنفاذ القانون بـ«وضع حد لتفشي الظاهرة الدموية». وقال: «لماذا أصبحنا مضطرون للتعايش مع هذه المذابح؟ ولماذا نواصل تجاهل ما يحدث؟»؛ وأشار بايدن إلى أن عمليات إطلاق النار الجماعية أصبحت شائعة تقريباً في الولايات المتحدة خلافاً لدول أخرى. وأضاف: «لقد حان الوقت لتحويل هذا الألم إلى عمل».
إقرأ أيضاً..وزراء الحكومة الفرنسية سيختفون لمدة شهر.. تعرف على السبب
مشاحنات سياسية
وأفضت المذبحة وما سبقها من جرائم مماثلة إلى مشاحنات سياسية بين المعسكرين البارزين (الجمهوريين والديمقراطيين)، إذ قال السيناتور كريس مورفي، وهو ديمقراطي من ولاية كناتيكيت ومدافع صريح عن مراقبة الأسلحة، إنه سئم من قراءة تغريدات زملائه الجمهوريين، مثل السناتور ميت رومني من ولاية يوتا، الذي أعرب عن تعاطفه مع عائلات القتلى في إطلاق النار بمدرسة «روب». وقال للصحفيين في الكابيتول: «أعني أن مهمتنا ليست إرسال الأفكار والصلوات، مهمتنا هي تنفيذ القوانين، فإذا كنت تعتقد أن بداية ونهاية مسؤوليتك بعد إطلاق النار الجماعي هي التعاطف مع الضحايا والأسر، فلماذا تحتفظ بعضويتك في مجلس الشيوخ؟». أما السيناتور تشاك شومر من نيويورك، وهى زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، فعزت مسؤولية تفاقم أزمة إطلاق النار إلى الجمهوريين الذين تجاهلوا فرض القوانين للحيلولة دون تفاقم الظاهرة. وأضافت: «حاولنا كثيراً دون جدوى تمرير قانون يحظر تشريع امتلاك المواطنين للأسلحة. الشعب الأمريكي لم يعد واثقاً في ممثليه في مجلس الشيوخ».
سوق السلاح
وانطوت المذبحة على أبعاد اقتصادية أيضاً، تتعلق بسوق السلاح في الولايات المتحدة، إذ تشير معطيات نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أنه غالباً ما ترتفع أسعار أسهم شركات الأسلحة والذخيرة بعد عمليات إطلاق النار الجماعية. ويتوقع المستثمرون ارتفاعاً في المبيعات قبل الدعوات إلى قوانين أكثر صرامة بشأن الأسلحة. لكن في صباح اليوم التالي للحادث، كانت أسعار مخزونات الأسلحة الرئيسية منخفضة نسبياً في التعاملات المبكرة، حيث ارتفعت أسعار أسهم سميث آند ويسون وستورم روغر وفيستا إلى حد كبير، حتى إنها راوحت ما بين 1% إلى 2%.
في السياق، وتأكيداً على تفاقم الأزمة منذ بداية ولاية جو بايدن، ارتفعت أسهم صانعي الأسلحة بشكل عام منذ انتخاب الرئيس الديمقراطي، كما هو الحال عادةً في ظل الإدارات الديمقراطية، عندما تحظى الدعوات إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة للسيطرة على الأسلحة بمزيد من الاهتمام. كما ارتفعت مبيعات الأسلحة بشكل حاد في الولايات المتحدة خلال تفشي جائحة كورونا، وسجَّلت أرقاماً قياسية شهرية جديدة حيث كان البعض يخشى أن يؤدي تفشي المرض إلى اضطرابات مدنية. إلا أن ذلك لم يناغم بالضرورة مع تطلعات بعض شركات الأسلحة النارية، حيث تقدمت شركة Remington بإعلان إفلاسها في منتصف 2020 للمرة الثانية خلال عامين، حيث تكافح من أجل خدمة ديونها ودفع رسوم قانونية باهظة. وفي فبراير الماضي رفعت 9 من عائلات ضحايا إطلاق النار في مدرسة «ساندي هوك» دعوى قضائية تطالب شركة إنتاج الأسلحة «ريمنغتون» بتعويضات وصلت قيمتها إلى 73 مليون دولار، لا سيما بعد تصنيع الشركة بندقية من طراز AR-15، وهى ذات الطراز المستخدم في مذبحة 2012. ومؤخراً قدم دعاة مكافحة الأسلحة التماساً أمام لجنة التجارة الفيدرالية للتحقيق في صناعة الأسلحة النارية، وسن القوانين الملزمة بالحد منها كما هو الحال بالنسبة للتبغ.