يلوح في الأفق تأثير روسيا على أسعار الطاقة والغذاء والأمن خلال أول زيارة يقوم بها المستشار الألماني أولاف شولتس في أفريقيا منذ توليه السلطة، التي بدأت الأحد وتستمر ثلاثة أيام يزور خلالها السنغال والنيجر وجنوب أفريقيا.وبدأ المحطة الأولى في الجولة بالسنغال، التي تملك مليارات الأمتار المكعبة من احتياطيات الغاز ويتوقع أن تصبح منتجاً رئيسياً للغاز في المنطقة، حيث فال مسؤول حكومي إن ألمانيا قد تساعد في استكشاف حقل غاز في السنغال. وأضاف المصدر أن شولتس يرغب أيضاً في مناقشة التعاون المحتمل في تطوير الطاقة المتجددة. وسيزور محطة للطاقة الشمسية في السنغال بعد الاجتماع مع الرئيس ماكي سال ثم عقد مؤتمر صحفي مشترك.ودعت ألمانيا كلا من السنغال، التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي حاليا، وجنوب أفريقيا لحضور قمة مجموعة السبع التي تستضيفها في يونيو كضيفتين.
أهمية التوقيت
وأكد تقرير لموقع «زد دي إف» الألماني أن الزيارة تأتي في وقت حرج للغاية؛ لأنها تعد إشارة من ألمانيا و قيادتها أنها لا تنسى القارة المجاورة، خاصة في أوقات الحرب في أوروبا، وبعد أن أدى الحصار الروسي على صادرات الحبوب من أوكرانيا إلى تفاقم أزمة الغذاء، وتحديدا في شرق إفريقيا، وأن شولتس يقوم بزيارة القارة السمراء في وقت مبكر نسبياً عن سلفه المستشارة أنجيلا ميركل، التي قامت بأول رحلة لها إلى أفريقيا بعد عامين من توليها المنصب. ومن المقرر أن يلتقي شولتس مع الرئيس السنغالي سال، وبعدها يعقد اجتماعاً مع رجال الأعمال، وسيقوم شولتس أيضاً بزيارة محطة للطاقة الشمسية. ويذهب شولتس في محطته التالية إلى النيجر التي تعتبرها الحكومة الألمانية «مرساة للاستقرار» في منطقة الساحل جنوب الصحراء، حيث تسبب العديد من الجماعات الإرهابية الخوف والرعب لسنوات عديدة. وبينما أنهى البوندستاغ مهمة تدريب الجيش الألماني في مالي يوم الجمعة، فإنه يستمر في تدريب القوات الخاصة في النيجر. وسيقوم شولتس هناك بزيارته الأولى للجنود في الخارج. ومن بعدها إلى جنوب أفريقيا التي تعد الشريك الرئيسي لألمانيا في أفريقيا وتربطها علاقات اقتصادية وسياسية وثقافية وثيقة، كما أنها العضو الأفريقي الوحيد في مجموعة العشرين من القوى الاقتصادية الرائدة.
حرب أوكرانيا
ومن المقرر أن يتحدث شولتس خلال رحلته أيضاً عن سبب امتناع العديد من الدول الأفريقية حتى الآن عن الإدانة الواضحة للحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا. وأنه عندما صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة الحرب العدوانية الروسية، صوتت 141 دولة من أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة لصالحها، و5 دول ضدها، بما في ذلك إريتريا في أفريقيا، بالإضافة إلى الصين والهند والبرازيل، في حين امتنعت 35 دولة عن التصويت منها 17 دولة أفريقية، بما في ذلك جنوب أفريقيا والسنغال، وهما دولتان من الدول المستهدفة للمستشار. وتطرق التقرير إلى أن شولتس يحاول اللحاق بالركب وأن يضع أوروبا كشريك متميز داخل القارة الأفريقية، وخاصة بعد الوجود القوي للصين هناك، وأن أوروبا ترغب عبر استراتيجية «البوابة العالمية» في توفير نحو 150 مليار يورو لمشاريع البنية التحتية في أفريقيا. وأكد تقرير لموقع «دويتشه فيله» أن المستشار الألماني تنتظره مهمة صعبة في الساحل الأفريقي؛ حيث أنه مطالب بالتوفيق بين ميزان القوى المتغير في منطقة الساحل. وتحدث الخبير الأمني، بريال سينغ، بالتقرير، أنه ستكون الخطوة المنطقية في النيجر بالتحديد هي إجراءات بناء السلام المحلية تحت القيادة الألمانية، وخاصة أن ألمانيا لديها خبرة في هذا المجال، الأمر الذي يعزز بناء الثقة ويعطي زخما جديدا للحركات الشعبية.
تبادل المصالح
ويعلق ممثلو الأعمال آمالاً كبيرة على هذه الرحلة للمستشار. و يقول رئيس شعبة التجارة الخارجية في غرفة الصناعة والتجارة الألمانية، فولكر ترير، بالتقرير، إن الجولة تأتي في الوقت المناسب تماماً، وإن الحرب الروسية في أوكرانيا، وكذلك الإغلاق المستمر في شنغهاي، أوضحا التبعيات أحادية الجانب، على سبيل المثال في قطاع الطاقة. وأشار إلى ضرورة تبادل المعلومات مع العديد من البلدان بطريقة مختلفة، وإبرام اتفاقيات إطارية للطاقة وأيضاً بشأن قضايا السياسة الأمنية، مؤكداً أن أفريقيا تقدم لألمانيا فرصاً مهمة، ليس فقط فيما يتعلق بالطاقات الأحفورية مثل الغاز السائل، ولكن في مجالات أخرى حيث استثمرت السنغال بكثافة في الطاقة الشمسية في السنوات الأخيرة، ويمكن أن تلعب دوراً رائداً بها.