الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

تسريبات تكشف «موعد ومكان» قمة بايدن ومحمد بن سلمان

تسريبات تكشف «موعد ومكان» قمة بايدن ومحمد بن سلمان

دوائر أمريكية ترجّح انعقادها في الرياض تزامناً مع اجتماع مجلس التعاون الخليجي

الإعداد للقاء استغرق 6 أشهر.. وتواتر أنباء عن طرح فكرة مؤتمر إقليمي على الهامش

3 أسباب فرضت على جو بايدن لقاء ولي العهد السعودي وسط أجواء «حبس الأنفاس»

لغة المصالح المشتركة تقتضي ضرورة التقارب بين الولايات المتحدة والسعودية

تباين آراء الأوساط الأمريكية حول مراجعة السعودية سياسة إنتاج النفط بعد اللقاء

رويداً رويداً انحرفت البوصلة الأمريكية، وتراجع الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الخطوط العريضة التي أرساها في حملته الانتخابية، حيث مال مع إدارته إلى تحسين العلاقات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كما يبذل جهداً مضنياً لتحسين علاقة إدارته بالإمارات العربية المتحدة، فضلاً عن انفتاحه بصورة غير مسبوقة على سياسات جديدة في المنطقة، ربما تتكلل خلال أيام بلقاء ولي العهد السعودي، حسب شبكة CNN. ومنذ تسريب خبر اللقاء ترفض دوائر صناعة القرار الأمريكية المعنية، وكذلك سفارة الرياض لدى واشنطن التعليق على أنباء اللقاء المرتقب، وعزت مصادر مقربة من البيت الأبيض التعتيم إلى تفادي واشنطن والرياض تسريب أنباء اللقاء إلى وسائل الإعلام، نظراً لما ينطوي عليه من تحوّلات مفصلية، لن تنعكس على العلاقات الأمريكية – السعودية فقط، وإنما تطول علاقة بايدن بعدد من الملفات الساخنة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة الملف الإيراني، والحرب في اليمن، وموقف الرياض وأبوظبي من إنتاج النفط. ووسط شح المعلومات، قالت تسريبات نشرها موقع «دبكا» العبري إن «زيارة بايدن المزمعة لن تقتصر على الرياض فقط، وإنما يسبقها الرئيس الأمريكي بزيارة إلى أوروبا للمشاركة في قمة الـG7 المقررة في 26 يونيو المقبل، ويعرج بعدها إلى إسرائيل في زيارة تستغرق نحو 48 ساعة».

مؤتمر إقليمي

ولم تحدد التسريبات ما إذا كان لقاء بايدن وولي العهد السعودي المرتقب يستبق أو يتلو زيارة إسرائيل أو أوروبا، لكنها ألمحت إلى اعتزام رئيس البيت الأبيض الدعوة إلى عقد مؤتمر إقليمي بمشاركة كافة الأطراف، لا سيّما السعودية والإمارات المتحدة، ومصر، وإسرائيل؛ وربما تتزامن الخطوة مع اجتماع مجلس التعاون الخليجي بقيادة الرياض خلال يونيو المقبل

على خلفية تلك المعلومات، أكّد تحليل نشرته صحيفة «واشنطن بوست» اهتمام الرئيس الأمريكي بإعادة بناء جسور العلاقات الدافئة مع الإدارة السعودية، وتغليب نجاعة الخطوة خلال زيارة المنطقة على المشهد السياسي المرتبك في إسرائيل، والذي ينذر باحتمالية تفكيك الائتلاف الحكومي برئاسة نفتالي بينت. وأضافت الصحيفة: «أياً كانت حكومة نفتالي بينت أو غيرها لا يهم، وإنما الأهم هو إعادة تسوية القضايا الإقليمية العالقة، واحتواء سخط السعودية والإمارات المتحدة على وجه الخصوص».

في السياق، ذهبت «نيويورك تايمز» إلى تحليل أعمق، مشيرة إلى أن التمهيد لتدفئة علاقات الولايات المتحدة بالسعودية يجري على قدم وساق منذ نهاية 2021، واستشهدت على ذلك بالزيارات الماراثونية الأمريكية إلى الرياض وجدة، لا سيّما زيارة مدير الاستخبارات المركزية الـCIA وليام بيرنز، واستباقها بأربع زيارات للرياض منذ ديسمبر الماضي، قام بها منسق الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، والمستشار الأقدم لوزارة الخارجية لأمن الطاقة العالمي عاموس هوشتاين في محاولة لترميم العلاقات مع الديوان الملكي السعودي؛ إلا أن تسريع وتيرة تلك التمهيدات، وتكليلها باللقاء المرتقب، فيعود إلى عدة أسباب، أولها: تردي شعبية الرئيس الديمقراطي، الذي أصبح حزبه قاب قوسين أو أدنى من خوض انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس؛ إذ تشير آخر نتائج استطلاع للرأي الأمريكي الذي جرى في 20 مايو الجاري إلى هبوط شعبية بايدن بنسبة 39%، وأن 2 فقط من بين كل 10 أمريكيين يعتقدان أن سياسة بايدن تسير في الاتجاه الصحيح؛ فضلاً عن تراجع المؤيدين لسياسات بايدن لنسبة 33%. وبعبارة أخرى، اقتصر دعم الديمقراطيين للرئيس الأمريكي على 73% قياساً بنتائج استطلاعات رأي سابقة وصلت نسبة تأييد بايدن فيها إلى 82%.

إقرأ أيضاً..مواقع ألمانية تكشف تفاصيل الشراكة الألمانية- القطرية لاستيراد الغاز

الحزب الجمهوري

أما السبب الثاني في تسريع وتيرة تعديل سياسات بايدن حيال السعودية، فيعود إلى استشعار بايدن والديمقراطيين حفاظ الرياض على أواصر العلاقة مع الحزب الجمهوري، وربما التمهيد بذلك إلى عودة الرئيس السابق دونالد ترامب للبيت الأبيض، أو على الأقل رئيس محسوب على الحزب ذاته. واستمد بايدن جدية تلك المؤشرات من تمويل السعودية صندوق استثمارات صهر الرئيس الأمريكي السابق غاريد كوشنر بـ2 مليار دولار، وهى الخطوة التي تعكس إلى حد كبير مدى رغبة الرياض، وربما دول الخليج في عودة الجمهوريين للبيت الأبيض.

ويعزو تقرير الصحيفة الأمريكية السبب الثالث والأهم إلى أزمة الطاقة غير المسبوقة التي تعانيها الولايات المتحدة في ظل رحى الحرب الروسية في أوكرانيا، إذ انخفض معدل احتياطيات النفط الاستراتيجية لدى الولايات المتحدة إلى مستوى يقل بكثير عن مستواه في 1987، حسب تقرير صادر قبل أيام عن هيئة معلومات الطاقة الأمريكية. في المقابل صعدت قيمة الروبل الروسي أمام الدولار، ووصل في 20 مايو الجاري إلى 58,90 مقابل الدولار الأمريكي، ومنذ بداية 2022، أضاف الروبل 30% إلى قيمته. وتعزو واشنطن ذلك إلى رفض السعودية والإمارات المتحدة مطالب البيت الأبيض برفع سقف إنتاج النفط للسيطرة على انفلات أسعاره.

من تلك الزاوية، تباينت ردود أفعال الأوساط السياسية في الولايات المتحدة إزاء إمكانية تعديل السياسات السعودية الخاصة بإنتاج النفط بعد اللقاء الأمريكي - السعودي. وفي سياق لقاء مع شبكة «بلومبيرغ» الأمريكية، لا يستبعد بوب مكنالي، رئيس مجموعة Rapidan Energy Group الاستشارية الأمريكية، والذي عمل في السابق مسؤولاً لدى البيت الأبيض، إمكانية تعديل سياسات «أوبك+» ورفع سقف إنتاج النفط بعد زيارة بايدن للرياض، لا سيّما في ظل اضطرار الرئيس الأمريكي – على مضض - إلى إعادة التفكير في علاقة إدارته بالسعودية والإمارات المتحدة في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا ووسط المشهد الجيوسياسي المتغير مع الصين، التي زادت من تموضعها في طليعة الدول العُظمى. ويؤكد النهج الأمريكي مع السعودية تقاطعه مع جهود واشنطن لمعاجلة الخلافات مع الإمارات العربية المتحدة، بعد أشهر من الجهود التي بذلها كبار مسؤولي البيت الأبيض لإقناع بايدن بأن توتر العلاقة مع الأمير محمد بن سلمان، وكذلك الحال مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، يعوق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية، حسب بوب مكنالي.

رسائل التطمين

وفي تعليقه على مدى نجاح لقاء بايدن والأمير السعودي وانعكاساته المأمولة على البيت الأبيض، يجنح المحلل الأمريكي دانيال دبيتريز إلى أنه خلافاً لـ«رسائل التطمين الدافئة»، التي انطلقت خلال الآونة الأخيرة من واشنطن والرياض، وتأكيد الأخيرة «تقادم وتاريخ العلاقة بين البلدين»، تتأجج تحت الرماد نيران «الخلافات الشخصية» بينهما؛ فالثاني لن ينسى للأول اعتبار السعودية «دولة منبوذة»، وعزوفه عن لقاءات ولي عهد المملكة، وتراجعه عن إمداد السعودية بالسلاح؛ ولعل موقف الأمير الشاب من بايدن كان حاضراً في رده على سؤال مراسل «ذي أتلانتك» المخضرم غرايم وود حول احتمالية «إساءة فهمه من جانب الرئيس جو بايدن»؛ فأجاب ولي العهد السعودي: «لا أهتم بذلك مطلقاً».

إقرأ أيضاً..يغير قواعد التسليح.. أمريكا تختبر صاروخاً أسرع من الصوت بـ5 أضعاف

رغم ذلك، وبعيداً عن المشاحنات غير البعيدة بين رئيس البيت الأبيض وولي العهد السعودي، يرى المحلل الأمريكي في مقاله المنشور بصحيفة «نيوزويك» أن لغة المصالح المشتركة تقتضي ضرورة التقارب بين الولايات المتحدة والسعودية؛ فالشقاق والتباعد لا ينطوي على حكمة في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي باتت تفرض نفسها على الجميع. وربما استوعب الطرفان هذا المفهوم خلال لقاء نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان في واشنطن مستشار الأمن القومي الأمريكي تشاك ساليفان، إذ «ناقش الجانبان حزمة واسعة من التحديات الأمنية في مختلف أرجاء منطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في اليمن، والتهديدات البحرية، والمنظمات المتطرفة العنيفة»، حسب بيان وزارة الدفاع الأمريكية. بالإضافة إلى تركيز المباحثات على أنشطة إيران المسؤولة عن زعزعة الاستقرار في المنطقة؛ وتعزيز مكافحة تهريب الأسلحة إلى جماعات العنف والإرهاب المدعومة من إيران.

في السياق، لا تثير أنباء اللقاء الأمريكي – السعودي المرتقب اندهاش صحيفة «ديلي ميل»، مؤكدة «اضطرار الرئيس جو بايدن «حتى إذا كان محبوس الأنفاس» إلى إبداء مرونة وتوازن في علاقة إدارته بأكبر مصدر للنفط الخام على مستوى العالم». رغم ذلك، تشير الصحيفة البريطانية إلى أنه إذا رأى اللقاء المرتقب النور، وأسفر عن نتائج مرضية للبيت الأبيض، فلن يفلت الرئيس الديمقراطي من خيبة أمل مؤيديه بعد وضوح تراجع البيت الأبيض عن وعد قاطعه بتحويل السعودية إلى «دولة منبوذة»، خاصة أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن تلقى رسالة بهذا المضمون في أبريل الماضي من رؤساء لجنتَيْ الشؤون الخارجية والاستخباراتية في مجلس النواب الأمريكي، وربما تواجه مكتسبات لقاء الرياض المرتقب اعتراضاً هائلاً من جانب الكونغرس يحول دون المصادقة عليها أو تمريرها بهدوء.