بينما يواصل الغرب فرض المزيد من حزم العقوبات على روسيا، بسبب الصراع في أوكرانيا، يبدو أن موسكو كانت قد استعدت جيداً للتعامل مع سيف العقوبات الغربية، وبينما تستعد أوروبا لفرض الحزمة السادسة من العقوبات، أكدت موسكو أن ممر بحر الشمال الملاحي، والذي يمر عبر القطب الشمالي، لن يتأثر بالعقوبات الغربية، بل إن روسيا ستواصل تطويره.
يعد ممر بحر الشمال الملاحي، أحد الممرات الملاحية الهامة، والذي يربط بين آسيا وأوروبا، وتستخدمه روسيا بشكل كبير، إلا أنه يواجه مشكلة كبيرة وهي تجمد المياه، وهي المشكلة التي دفعت روسيا إلى إعداد خطط طموحة لبناء أسطول كبير من كاسحات الجليد، للتسهيل من استخدامه.
وأوضحت صحيفة أزفستيا الروسية، في تقرير نشرته الأربعاء، أن حزم العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، لم تؤثر على نقل البضائع من خلال طريق ممر بحر الشمال.
ممر بحر الشمال
اللافت أن الأمر لم يقف عند حد عدم تأثر ذلك خط الممر الملاحي بالعقوبات الغربية، بل إن الصحيفة أوضحت أن هناك خططاً روسية معدة بالفعل، لنقل 32 مليون طن من البضائع من خلال طريق ممر بحر الشمال، خلال العام الجاري 2022، ونقلت الصحيفة عن مؤسسة «روساتوم» الحكومية للطاقة النووية الروسية، أنه من المتوقع أن يتضاعف حجم نقل البضائع من خلال ممر بحر الشمال.
ويصل طول طريق بحر الشمال إلى أكثر من 3 آلاف ميل بحري، أي ما يعادل 5556 كيلومتراً، والذي يربط بين بحر بارنتس ومضيق بيرينغ، ويربط بين أوروبا وآسيا، وخاصة بين الشرق الأقصى، والجزء الأوروبي من روسيا.
ويبلغ طريق نقل البضائع من الشرق الأقصى إلى أوروبا، باستخدام طريق بحر الشمال حوالي 14 ألف كيلومتر، وتنفذ روسيا المشروع الفيدرالي لتطوير طريق بحر الشمال، والذي يتضمن إنشاء البنية التحتية، التي ستزيد حركة الشحن من خلاله إلى 80 مليون طن في عام 2024، وإلى 110 ملايين طن بحلول عام 2030، بالإضافة إلى زيادة الطاقة الإجمالية للموانئ البحرية، إلى 110 أعوام 2022، وإلى 115 مليون طن عام 2024.
سبب عدم التأثر بالعقوبات الغربية
وأشارت روساتوم إلى تأثير العقوبات الغربية على روسيا، وخروج بعض الشركات الغربية من السوق الروسي، وبالتحديد شركة الشحن العالمية «ميرسك»، وقالت روساتوم «لم تشارك أي شركات أجنبية كبيرة في أنشطة نقل البضائع عبر طريق بحر الشمال.. كما أن اهتمام الصين بذلك الطريق الملاحي يتزايد».
أشارت شركة "Atomflot«(شركة روسية تحافظ على الأسطول الوحيد في العالم من كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية وهي جزء من مجموعة»Rosatom" الروسية)، إلى أن العقوبات الغربية على روسيا، لن يكون لها أي تأثير على بناء أسطول كاسحات الجليد الروسي، نظراً لأنه يتم تمويله بالكامل وتصنيع أكثر من 90٪ من مكوناته محلياً في روسيا.
تطوير واهتمام كبير
ونقلت الصحيفة عن الأستاذ بقسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية، في جامعة القطب الشمالي، قنسطنطين زيكوف قوله «الهدف الرئيسي فيما يتعلق بطريق بحر الشمال الملاحي، هو ضمان مرور قوافل السفن، وتم استخدام طريق بحر الشمال حتى الآن لتصدير البضائع في الغالب إلى الغرب».
وتابع قائلاً «يمكننا أن نرى أنه في الوضع الحالي، يجب إعادة توجيه الصادرات إلى الشرق بدلاً من الغرب، وهو الأمر الذي سيحتاج إلى دعم كبير في مجال كسح الجليد، لتوفير إمكانية عبور القوافل، لأن الجزء الشرقي من القطب الشمالي مغطى بالجليد معظم أيام العام».
اقرأ أيضاً.. مواجهات في المسجد الأقصى بين مصلين وقوات الأمن الإسرائيلية
وأضاف زيكوف قائلاً «الشركات الأوروبية لن تتخلى عن طريق بحر الشمال، إلا أن معظمهم يبدو أنه حصل على بعض الراحة حالياً ولفترة، حتى تتراجع التوترات والضغوط السياسية». واستطرد قائلاً «تحتاج روسيا إلى بناء مرافق البنية التحتية، وضمان الخدمات اللوجستية من أجل تعزيز نقل البضائع وزيادة جاذبية طريق بحر الشمال، في أعين الشركات الأجنبية، كما أن ذلك الأمر يعد أولوية كبيرة لروسيا».
أهمية قصوى
وتعتبر روسيا طريق بحر الشمال مشروعاً له أولوية قصوى وبمقدوره أن يكون طريقاً تجارياً بديلاً بين آسيا وأوروبا، وذلك من خلال استخدام كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية والتي يجري تشييدها حالياً.
وكان السفير المتجوّل في وزارة الخارجية الروسية، نيكولاي كورتشونوف قد أعلن في أبريل الماضي، أن بلاده ترى ضرورة تطوير طريق بحر الشمال من أجل ضمان التشغيل السلس للاقتصاد العالمي، على خلفية ما وصفه بـ«فقدان السوق الأوروبية جاذبيتها».