تخطط وزارة الدفاع الأمريكية إلى بناء نموذج أولي لمفاعل نووي متحرك «فائق الدقة»، بما يعده أول مفاعل نووي من الجيل السادس يتم تشغيله داخل الولايات المتحدة الأمريكية، عقب انتهائه المتوقع بعد 3 سنوات، وسط مخاوف من معارضي استخدام الجيش لمثل تلك المفاعلات الصغيرة. وأرجع معارضو المفاعلات الصغيرة مخاوفهم إلى أنها تمثل مخاطر على القوات تفوق الفوائد، فضلاً عن أن المفاعلات النووية في مناطق القتال المحتملة أو قواعد التشغيل الأجنبية يمكن أن تصبح أهدافاً في حد ذاتها، غير أن مدير البرنامج، جيف واكسمان، يرى أن الطاقة النووية المتقدمة تمتلك القدرة على تغيير قواعد الولايات المتحدة الأمريكية بشكل استراتيجي بالنسبة إلى كل من وزارة الدفاع والقطاع التجاري.
أهمية المفاعلات النووية
الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء دكتور محمد صالح الحربي أكد أن أهمية المفاعلات النووية بشكل عام يكمن في تشغيل محركات الطاقة الكهربائية بكفاءة وفعالية، فضلاً عن توليد الطاقة الكهربائية نووياً بما يقلص الاعتماد على الطاقة المولدة من النفط والغاز الطبيعي الأكثر تكلفة، بما يضمن في النهاية تقليص الانبعاثات الحرارية، لافتاً إلى أن فوائدها لا تقتصر على توليد الكهرباء، بل تمتد إلى مجالات أخرى، إذ تساهم في تشخيص الأمراض وعلاجها، فضلاً عن مساعدة المسبار الفضائي في السفر لمسافات تبلغ ملايين الأميال، إضافة إلى مجالات أخرى عدة.ويتابع: جزء من المفاعلات النووية يكون لاستخدامات عسكرية، ولا شك أن المفاعل الأمريكي حال الانتهاء منه بعد 3 سنوات سيكون متطوراً للغاية ويشمل تقنيات جديدة، بالمقابل فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعد أحد الدول الموقعة على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، والتي دخلت حيز التنفيذ في 1970، لافتاً إلى أن الأساس يكمن في الحد من الطاقة العسكرية وليس الكهربائية، بل وتحويل المفاعلات العسكرية إلى استخدامات الطاقة السلمية.
خطورة سباق التسلح
حسب جمعية «العالم النووي» فإن هناك 17 دولة في العالم تعد من أكثر البلدان استخداماً للمحطات النووية في توليد الطاقة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بما يقرب من 100 مفاعل نووي، ووفق «صالح» فإن خطورة سباق التسلح العالمي خاصة في السلاح النووي يمكن أن يتبلور في نظرية التدمير الشامل المتبادل، لا سيّما وأن من يستخدمه «يضرب على قدمه»، خاصة أن الطرف الآخر سيرد بالتبعية بعمل عسكري مماثل، مشيراً إلى أن امتلاك الأسلحة النووية يأتي لتوازن الردع بين الدول وليس للاستخدام، لا سيّما أن العالم يسعى للتخلص من الرؤوس النووية الموجودة بالفعل والبالغة 22 ألف رأس نووي.وأكد على أن الولايات المتحدة الأمريكية تعد إحدى الدول ذات العضوية الدائمة داخل مجلس الأمن، لذا فإنها تعد أكثر التزاماً بالمخرجات الدولية، مشيراً إلى أن تصاريح الاستخدام السلمي للطاقة النووية غالباً ما تمر عبر إحدى الدول دائمة العضوية فيما يخص التقنيات، تحت مظلة منظمة الطاقة الدولية، مشدداً أن الأمر يكاد يكون منضبطاً بشكل كبير.
مخاطر كبيرة
وبدوره يرى خبير مقاومة الإرهاب الدولي وأمن المعلومات، العقيد حاتم صابر، أن موافقة الجيش الأمريكي على نموذج لأول مفاعل نووي متنقل أمر متوقع، لا سيّما وأن المفاعلات النووية تشكل حجر زاوية رئيسي في ميزان القوة العسكرية، مشيراً إلى أن المفاعلات النووية الكبيرة عادة ما تحتاج وقت أكبر لفصل اليورانيوم، الأمر الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء مفاعلات صغيرة تساهم في توفير مصادر طاقة بديلة أو طاقة نووية لاستخدامها عسكرياً.وأكد أن خطورة المفاعلات النووية الصغيرة تكمن في صعوبة التخلص من النفايات ودفنها، إذ إن داخل المفاعلات الكبيرة يكون مسار النفايات معروفاً غير أن الأمر مختلف في المفاعلات الصغيرة التي تواجه خطورة كبيرة جداً فيما يتعلق بالتخلص من النفايات أو معالجة آثار ما بعد التفاعل والتخلص من مخلفات مصادر الطاقة النووية. وشدد على أن عند مواجهة المفاعل الصغير لأي مشكلة يمكن أن تؤدي إلى كارثة نووية، لافتاً إلى أنه رغم محاولات الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على هذا الأمر، فإنه لا زالت هناك محاذير متعلقة بدرء ما قد ينتج من تسرب إشعاعي، أو فشل في إنتاج الطاقة، فضلاً عن إمكانية ضرب المفاعلات النووية بضربات عسكرية أثناء العمليات الحربية.