الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

الصراع الأوكراني الروسي يفاقم انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط

الصراع الأوكراني الروسي يفاقم انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط

(رويترز)

يقوض الصراع الروسي الأوكراني إمدادات الغذاء عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهى منطقة يعتمد الكثير من الدول فيها بشدة على الواردات، بصفة خاصة المواد الأساسية مثل القمح. ويعد انعدام الأمن الغذائي بالفعل تحدياً كبيراً في المنطقة كنتيجة لتغير المناخ ونقص المياه وجائحة كوفيد-19.

وقالت الكاتبة الصحفية الأمريكية كالي روبنسون، المعنية بشؤون الشرق الأوسط، في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، إن بعض الدول في المنطقة أكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي من غيرها. والعديد من الدول كانت تواجه بالفعل ضائقة شديدة عندما بدأت الحرب الروسية - الأوكرانية في عرقلة إمدادات الغذاء في مطلع العام الجاري.

وفي كل من سوريا واليمن، على سبيل المثال، أدت الصراعات والاقتصادات المحاصرة التي تشهدها الدولتان منذ سنوات طويلة إلى أن يكون من الصعب على الكثير من المواطنين حتى القدرة على توفير الغذاء.

من جهة أخرى، ارتفعت أسعار الغذاء في لبنان بأكثر من 1000% على مدار السنوات الثلاث الماضية، في الوقت الذي تحول الموقف السياسي والاقتصادي في البلاد إلى فوضي وانخفضت قيمة عملتها مقابل الدولار الأمريكي.

وقد دمر انفجار مرفأ بيروت عام 2020 صوامع الحبوب الرئيسية في لبنان، مما قلص بشكل كبير قدراتها الخاصة بتخزين مواد الغذاء.

وأضافت روبنسون أن هناك أيضاً تونس، حيث عرقلت أحوالها المالية السيئة للحكومة قدرتها على سداد المطلوب لموردي الغذاء.

وأدى هذا الوضع إلى حدوث نقص في المواد الغذائية أثار حنق المواطنين الغاضبين بالفعل جراء البطالة المرتفعة وعدم الاستقرار السياسي.

اقرأ أيضاً.. بلينكن وأوستن في كييف.. أول زيارة لمسؤولين أمريكيين منذ بدء الصراع

وعلاوة على ذلك، عانت إمدادات الغذاء في جميع أنحاء المنطقة بسبب جائحة كورونا. وارتفعت، على سبيل المثال، أسعار القمح بنسبة 80% منذ أوائل عام 2020.

وفيما يتعلق بدور الصراع الروسي الأوكراني في تفاقم الوضع، قالت روبنسون إنه يُطلق على روسيا وأوكرانيا أنهما سلة خبز العالم ؛ حيث إنهما من كبار مصدري محاصيل الحبوب مثل القمح والذرة والشعير.

وفي عام 2020، أرسلت كل من أوكرانيا وروسيا نحو نصف إنتاجهما من القمح إلى الشرق الأوسط ودول شمال أفريقيا، وفقاً لمرصد التعقيد الاقتصادي، وهو موقع يعرض بيانات التجارة الدولية.

ويعرقل الصراع الدائر إمدادات الحبوب والسلع الأخرى التي تحتاج إليها المنطقة بشدة، مثل البذور الزيتية وزيت الطهي والأسمدة.



ولن يمكن التصرف في نحو ربع صادرات القمح الروسية والأوكرانية مجتمعة ونصف صادراتهما من الذرة المتوقعة لعام 2022/2021.

وتم تدمير الكثير من البنية التحتية في أوكرانيا التي تدعم التجارة بما في ذلك الموانئ وخطوط السكك الحديدية. وحظرت أوكرانيا أيضا صادرات بعض الحبوب لحماية إمداداتها لسكانها.

وإضافة إلى ذلك، فإنه من المحتمل أن تواصل الحرب عرقلة الزراعة حتى إذا انتهى القتال في القريب العاجل؛ حيث تقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة( الفاو) أن 30% من مناطق المحاصيل في أوكرانيا لن يتم زراعتها أو حصد محاصيل منها بسبب الصراع.

وبالنسبة للمسلمين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كان توقيت الصراع مقلقا بصفة خاصة، حيث إنه خلال شهر رمضان، الذي بدأ أوائل الشهر الجاري، تستهلك الأسر بصفة عامة كميات من الغذاء أكثر من المعدل المعتاد في شهر الصيام.

اقرأ أيضاً.. المنقذ الغائب.. عيون اللبنانيين تتطلع إلى «الحياد» الإقليمي والدولي

ويعد فقراء المنطقة الأكثر عرضة للخطر، حيث إنهم ينفقون حصصاً أكبر من دخلهم على الغذاء وهم من الأرجح من المزارعين، لذا سيكونون الأكثر تضرراً جراء نقص البذور والأسمدة.

وتابعت روبنسون أنه من المتوقع أيضاً أن يتحمل أولئك الذين يعتمدون على المساعدات الغذائية الدولية مزيداً من الصعوبات، حيث إن روسيا وأوكرانيا موردان رئيسيان للقمح والذرة وزيت عباد الشمس لبرنامج الغذاء العالمي.

ودفعت الأزمة الكثير من الحكومات إلى التعجيل بتغيير السياسيات والبحث عن بدائل. فالمغرب، على سبيل المثال، علقت بعض صادرات الغذاء لتعزيز الإمدادات الداخلية.

ولدى مصر احتياطيات من الغذاء تكفي لعدة أشهر، وتدرس الاستعانة بمنتجين رئيسيين للغذاء مثل الولايات المتحدة وأستراليا والهند كشركاء بدلاء.



ويمكن أن تنتهج تركيا نهجاً مماثلاً، لكن دول الخليج العربي، يمكنها على نحو أكثر سهولة تأمين موردين جدد.

ووقعت إيران اتفاقاً مع روسيا لضمان الواردات. ويقول خبراء إن دولاً تعاني من انعدام الاستقرار الشديد، مثل لبنان وليبيا وسوريا واليمن، ستعاني في التعامل مع هذا الوضع على نحو فعال.

ويقول محللون إن الحكومات ستحاول تجنب رفع أسعار الخبز بصفة خاصة. واختتمت روبنسون تقريرها بالقول إن من الأرجح اندلاع اضطرابات مرتبطة بالغذاء في دول يشعر فيها المواطنون بالفعل بالإحباط من سياسات الحكومة. ولكن لم تندلع أي احتجاجات كبيرة في المنطقة حتى الآن.