الاحد - 24 نوفمبر 2024
الاحد - 24 نوفمبر 2024

ألمانيا تراقب بحذر الانتخابات الفرنسية: فوز لوبان فكرة مخيفة

ألمانيا تراقب بحذر الانتخابات الفرنسية: فوز لوبان فكرة مخيفة

مارين لوبان عقب تصويتها في إحدى اللجان التصويتية. أ ف ب

تحظى الجولة الثانية والحاسمة من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، بين المرشحين إيمانويل ماكرون ومارين لوبان، باهتمامٍ كبير في أوروبا، وخاصة في ألمانيا، التي تنظر بحذر إلى احتمالات فوز لوبان، وسط مخاوف من أن فوزها سيكون له تأثيرات كبيرة على الاتحاد الأوروبي، حيث يتوقع أن تصبح فرنسا دولة أخرى، وأوروبا قارة مختلفة، بحسب تقرير لمجلة «دير شبيغل» الألمانية.

المخاوف من فوز لوبان

وأكد التقرير أن لقب رئيسة فرنسا، لوبان، تعد فكرة مخيفة للكثيرين في فرنسا وأوروبا، لرغبتها في وضع المصالح الوطنية فوق مصالح أوروبا الموحدة، والانسحاب من هيكل القيادة العسكرية لحلف شمال الأطلنطي «الناتو»، كما إنها تريد خفض مساهمة فرنسا في ميزانية الاتحاد الأوروبي بمقدار 5 مليارات يورو سنوياً، لأنها تعتقد أنه يمكن إنفاق الأموال بشكل أفضل في أماكن أخرى، وتقول إنها تريد كسر الهيمنة المتصورة لألمانيا. كما وعدت لوبان بفعل الأشياء بشكل مختلف عن ماكرون، الذي تدعي أنه يتبع بشكل أعمى المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل. وأشارت المجلة إلى أنه حتى لو كان فوز لوبان أقل احتمالاً من منافسها ماكرون، فإنه لأول مرة في تاريخ فرنسا، هناك خطر حقيقي من دخول سياسي راديكالي يميني إلى قصر الإليزيه.

شعار «فرنسا أولاً»

وتطرق التقرير لتصريحات لوبان، بأنها لو فازت سوف تسمح لمواطنيها بالتصويت في استفتاء على عدد المهاجرين الذين يجب السماح لهم بدخول البلاد، كأول عمل رسمي لها، وأنها تريد تقييد المزايا الاجتماعية للأجانب بشدة، كما أنها ستتبع سياسة «فرنسا أولاً». كما أنها ترغب من الاتحاد الأوروبي أن يأخذ في الحسبان «المصالح الفرنسية الحيوية»، وأنها تريد إلغاء جميع مشروعات الدفاع الفرنسية – الألمانية، بسبب الخلافات الاستراتيجية التي لا يمكن التوفيق بينها وبين برلين. وأكد التقرير أن ذلك سيكون بمثابة خطوة إلى الوراء، وسيكون مشروع السلام الأوروبي موضع تساؤل، وكذلك الأمن الفرنسي – الألماني، والسياسة الخارجية المنسقة عن كثب، وهذا في خضم الحرب في أوكرانيا.

لوبان وأوروبا

وأكدت نائبة رئيس معهد جاك ديلور في باريس (مؤسسة فكرية أوروبية)، كريستين فيرجير أن خطط لوبان الأوروبية «سخيفة»، على حد وصفها. وقالت «لا يمكن لأي دولة أوروبية أن تخفض بشكل تعسفي حصتها من ميزانية الاتحاد الأوروبي وهذا غير ممكن، فقد تم اعتماد الميزانية حتى عام 2027، وعلاوة على ذلك، ما الذي سيحدث بعد ذلك لـ40 مليار يورو المستحقة لفرنسا كجزء من برنامج ما بعد جائحة كورونا الذي تم اعتماده؟». وتقول فيرغر إن لوبان تطرح نفس الحجج البطيئة التي قدمها مؤيدون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل سنوات، وإنها تخدع ناخبيها للاعتقاد بأنهم إذا هاجموا أوروبا سياسياً، فإن فرنسا ستكون أفضل حالاً بشكل تلقائي. وأكدت كريستين فيرجير أن معسكر لوبان، يتبع مساراً مناهضاً للاتحاد الأوروبي، على عكس ماكرون، المؤيد القوي للتكامل الأوروبي.

وتحدث التقرير عن أنه لن تؤدي انتخابات الأحد إلى وضع مرشحين ضد بعضهما البعض فحسب، بل ستضع أيضاً نموذجين مختلفين للمجتمع، حيث يرى ماكرون أن التعاون الوثيق بين الأوروبيين يمثل فرصة لفرنسا، في حين ترى لوبان أنه يمثل تهديداً. كما يريد ماكرون حماية حدود منطقة «شنغن» بشكل أفضل، بينما تريد لوبان إعادة التفاوض بشأنها، وبات السؤال حاليا هو ما النموذج الذي سيختاره الفرنسيون؟. وتساءل التقرير هل يريد الفرنسيون حقاً رئيسًا يريد تجريم ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، فقد اقترحت لوبان، تغريم النساء المسلمات 135 يورو إذا خالفن الحظر المخطط له، وعما إذا كان ذلك لن يشكل انتهاكاً للحق في ممارسة الدين بحرية.

سر نجاح حملة لوبان

وأكدت المجلة أن سر نجاح حملة لوبان، يكمن في أنها وسعت نطاق قضاياها. ففي أواخر العام الماضي، بدأت في التركيز على مسألة القوة الشرائية، وتحدثت مراراً وتكراراً عن مخاوف العمال والموظفين والأمهات العازبات، وأنه ليس لديها بالضرورة خطة متماسكة، كما أنها كانت تظهر ببساطة، وتتحدث إلى الفتيات الصغيرات والمتقاعدين وتحتضنهم في الأسواق دون أن يُطلب منها ذلك، وتبتهج في جميع صور «السيلفي»، على عكس ماكرون. ويقول السياسي الفرنسي روبرت مينارد، الذي يعرف لوبان منذ سنوات «سرها أنها تشعر الجميع بأنها قريبة جدًا من الناس»، وهم يشعرون أنهم يستمعون إليهم. وتحدثت المجلة مع السياسي من حزب الخضر، دانييل كوهن بنديت، الذي يحمل الجنسيتين الفرنسية والألمانية، والذي كان من بين العديد من المستشارين غير الرسميين الذين استشارهم ماكرون في بداية ولايته. وأعرب بينديت عن قلقه قائلا «بغض النظر عما سيحدث في هذه الجولة الثانية من التصويت، ستصبح الأمور صعبة بعد ذلك، فإذا فازت لوبان فإن لديها 70% من السكان ضدها، وإذا فاز ماكرون، فلن يكون الأمر مختلفاً.. لكن لا يمكنك إصلاح بلد بقليل من الدعم»، مؤكداً أنه يعتقد أن ماكرون يمكنه الفوز مرة أخرى.