الجمعة - 22 نوفمبر 2024
الجمعة - 22 نوفمبر 2024

«توازن الردع».. الأسلحة فرط صوتية تحييد للضربات النووية

«توازن الردع».. الأسلحة فرط صوتية تحييد للضربات النووية

الأسلحة فرط صوتية تجمع بين السرعة الخارقة والقدرة على المناورة وضرب أهداف بعيدة المدى.

يشهد العالم سباق تسلح من الأسلحة الفرط صوتية، لا يقتصر على امتلاك التقنية العسكرية فحسب، بل يكمن عصب السباق في إيجاد أنظمة دفاعية قادرة على صد هجمات الأسلحة الفرط صوتية، بسبب عجز الأنظمة الدفاعية الحالية، بما فيها أنظمة الولايات المتحدة الأمريكية، على اعتراضها أو تدميرها قبل الوصول إلي الهدف.خبراء عسكريون واستراتيجيون أكدوا لـ«الرؤية» أن الأسلحة الفرط صوتية تدخل ضمن إطار أسلحة الدمار الشامل، وأن سباق التسلح الجاري يضعها ضمن إطار الحروب النفسية والمعلوماتية، وأشاروا إلى أن استخدام روسيا لصاروخ فرط صوتي في أوكرانيا يعد بمثابة إنذار شديد اللهجة لكل من حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية حال اتخذوا قرار المواجهة العسكرية مع روسيا، بالإضافة إلى تحييد استخدام السلاح النووي.

أسلحة الدمار الشامل

وقال الخبير الاستراتيجي والأمني، اللواء الدكتور محمد صالح، إن الأسلحة الفرط صوتية تجمع بين السرعة الخارقة والقدرة على المناورة وضرب أهداف بعيدة المدى، لافتاً إلى أن خطورتها تكمن في عدم وجود أنظمة دفاع جوي (حالياً) لديها القدرة على التصدي لها، نظراً لكون هذه الأنظمة مخصصة لاكتشاف الصواريخ الباليستية ضعيفة المناورة –ذات سرعات أدنى– فضلاً عن تحليقها على مستويات مرتفعة.

وأشار إلى أن روسيا أول دولة أظهرت للعالم الصواريخ الفرط صوتية نهاية عام 2018، عندما أطلقت صاروخاً جديداً من قاعدة صواريخ «دومباروفسكي» في جبال الأورال، وحطم بنجاح الهدف في شبه جزيرة كامتشاتكا الواقعة شرقي البلاد، على بُعد 6000 كيلو متراً، مشيراً إلى أن هذا الأمر لم يكن جديداً على موسكو التي يعرف عنها تعدد وتنوع تجاربها الصاروخية، غير أن اللافت في الأمر أن الصاروخ «أفانغارد» والذي وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين إطلاقه بالهدية المثالية للعام الجديد في مطلع 2019، مدرج تحت الأسلحة الفرط صوتية. وفق تقرير الإيكونوميست، منوهاً أن تلك النوعية من الصواريخ تندرج ضمن الأسلحة الاستراتيجية تحت مفهوم أسلحة الدمار الشامل بحسب «صالح». وأوضح أن أسلحة الدمار الشامل محرمة دولياً وهناك اتفاقات للحد من انتشارها ومعاهدات تتجدد باستمرار بينها معاهدة «ستارت1» و«ستارت2»، لافتاً إلى أن استخدامها في الحروب يعد بمثابة حرب عالمية ثالثة، مشدداً على أنها تدخل عادة في إطار توازن الردع للتعبير عن رمزية القوة والقدرة والصمود، متشككاً في فرضية استخدامها في الحروب لا سيما أن استخدامها يطلق نظرية التدمير الشامل المتبادل، مشدداً بأن سباق التسلح الجاري يضعها ضمن إطار الحروب النفسية والمعلوماتية.

إقرأ أيضاً..بروفايل | ألكسندر دفولرينكوف.. الجنرال «الروسي- السوري»

رسائل روسيا

من جهته أشار خبير مقاومة الإرهاب الدولي وأمن المعلومات، العقيد حاتم صابر، إلى أن الصاروخ الفرط صوتي قادر على اجتياز الميل الواحد في ثانية واحدة، معتبرها سرعة تفوق الخيال لم يسبق لها مثيل خلال الحروب السابقة، مؤكداً أن تلك النوعية من الصواريخ تعتمد على الإطلاق في الطبقات العليا من الغلاف الجوي، ومن ثم انفصال الرأس الحربي الفرط صوتي بسرعات هائلة نحو مستويات أدنى إلى الأهداف المحددة، سواء أكانت حاملة رؤوس تقليدية أو نووية، موضحاً أن الصواريخ الفرط صوتية تنطلق بسرعات هائلة لتسير نحو أهدافها بدقة شديدة باستخدام الطاقة الحركية فحسب دون الحاجة لوقود دافع. وأشار إلى أن كلاً من روسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية رغم استعدادهم المسبق للتصدي للحروب التقليدية عبر الصواريخ الباليستية ذات الرؤوس النووية، إلا أن السباق الجديد فرض عليهم العمل على تطوير تلك التقنية لتحقيق مبدأ المفاجأة في الحرب إذا استدعت الظروف السياسية حتمية المواجهة، عبر ضرب أهداف دقيقة يصعب تأمينها بالطرق المتعارف عليها عسكرياً، وذلك لقدرة هذه الأسلحة على التخفي من الرادارات. وأكد أن روسيا أرادت من وراء استخدام هذا السلاح في أوكرانيا إرسال رسالة تؤكد على تفوقها عسكرياً في هذا التكتيك، إلى جانب كونه إنذاراً شديد اللهجة لكل من حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية حال اتخذوا قرار المواجهة العسكرية مع روسيا، بالإضافة إلى تحييد استخدام السلاح النووي.

أسلحة الليزر

في السياق ذاته أكد العميد البحري السعودي المتقاعد، عمرو العامري، أن أسلحة الليزر أسرع وأخطر بكثير من الأسلحة الفرط صوتية، لا سيما أنها تسير بسرعة الضوء بما يعادل 300 ألف كم في الثانية، منوهاً أن الاختلاف بين الصواريخ الفرط صوتية والصواريخ السابقة يكمن في صعوبة التصدي لها بالمضادات التقليدية نتيجة سرعتها الفائقة والتي قد تصل إلى 10 أضعاف سرعة الصوت. وأوضح أن العالم بدأ ينخرط في سباق تسلح «فرط صوتي»، إذ تجري الدول الكبرى تجارب على تلك الصواريخ وآخرها الولايات المتحدة الأمريكية التي أطلقت قبل أسبوعين إحدى تجارب لصاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت، لافتاً إلى أن السباق الحالي ينحصر في إيجاد سبل دفاعية ضد تلك الأسلحة، نتيجة صعوبة التقاطها عبر الرادارات الحالية، والتصدي لها بوسائل الدفاع التقليدية. ورجح أن يكون استخدام روسيا لصاروخ فرط صوتي في أوكرانيا بمثابة تجربة على استخدامه لمعرفة قدرته التدميرية، في إطار ما يطلق عليه «حرب الصدمة»، مضيفاً أنها أرادت أن تثبت للعالم امتلاكها لهذا السلاح وقدرتها على استخدامه إذا استدعى الأمر.