قال رئيس الوزراء البريطاني الراحل ونستون تشرشل إن أولئك الذين لا يتعلمون من التاريخ، محكوم عليهم تكراره، وهذا ما يحدث بالضبط في الوقت الذي تواصل فيه إدارة الرئيس جو بايدن والاتحاد الأوروبي بلا هوادة العمل على استرضاء حكام إيران، ويحاولان إحياء الاتفاق النووي المبرم في عام 2015. وقال المحلل السياسي الدكتور مجيد رفيع زاده، رئيس المجلس الدولي الأمريكي للشرق الأوسط، في تقرير نشره «معهد جيتستون» الأمريكي، إنه يبدو أن إدارة بايدن والاتحاد الأوروبي يعتقدان أن مكافأة النظام الإيراني سوف تجعله يتصرف كدولة وطنية بناءة وحديثة.
وظهرت هذه الفكرة أولاً وتم العمل على أساسها أثناء إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما الذي أشار، عند إبرام خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي مع إيران ) في عام 2015، إلى أنه «واثق» من أنها سوف «تلبي احتياجات الأمن القومي للولايات المتحدة ولحلفائنا». ونتيجة لذلك، رفعت الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي حزماً من العقوبات التي تصيب إيران بالشلل، والتي كان فرضها على طهران استغرق عدة عقود.وألغى أوباما أربعة أوامر تنفيذية سابقة ضد إيران، وأزال عقوبات أمريكية أحادية الجانب؛ حيث أفرج عن أصول إيران التي قُدرت بما يتراوح بين 50 إلى 150 مليار دولار. وحذفت وزارة الخزانة الأمريكية قرابة 400 مواطن إيراني من قائمة الأشخاص المحظور التعامل معهم، وأفرجت عن أصولهم وسمحت لهم بممارسة الأنشطة التجارية مع الولايات المتحدة. ومنحت إدارة أوباما، التي كان خلالها بايدن نائباً للرئيس، أيضاً إيران القدرة على العودة إلى النظام المالي العالمي، واستيراد وتصدير سلع كثيرة كان قد تم حظرها في وقت سابق.
إقرأ أيضاً..سري للغاية | تل أبيب تحفظت على لقاء إسرائيلي - فلسطيني في واشنطن
وحذت بقية دول العالم الغربي أيضاً حذو الولايات المتحدة. وأزال الاتحاد الأوروبي كل العقوبات الاقتصادية والمالية المرتبطة بالأنشطة النووية المفروضة على إيران، ما مكن الأوروبيين من القيام بأنشطة تجارية متزايدة معها.وأضاف رفيع زاده، عضو مجلس إدارة صحيفة «هارفارد إنترناشيونال ريفيو» بجامعة هارفارد، أن إدارة بايدن والاتحاد الأوروبي لا يحتاجان إلى العودة كثيراً للوراء لرؤية نتيجة هذه السياسات الاسترضائية والاتفاق النووي مع إيران.
فقد أصبح النظام الإيراني أكثر تصميماً من ذي قبل على محو إسرائيل. فبعد الاتفاق النووي مباشرة، نشر المرشد الأعلى الإيراني آية الله على خامنئي، صاحب القرار النهائي في السياسة الداخلية والخارجية للبلاد، كتاباً من 416 صفحة بعنوان «فلسطين» مع غلاف يحمل خريطة للشرق الأوسط بدون إسرائيل. ويصف خامنئي بالتفصيل في الكتاب خطته لتدمير إسرائيل ويصور نفسه على أنه «حامل لواء الجهاد لتحرير القدس».
إضافة إلى ذلك قال حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني «اليوم، تعتبر الأسس لسحق وانهيار النظام الصهيوني موجودة أكثر من أي وقت مضى.. حزب الله لديه 100 ألف صاروخ جاهز لضرب إسرائيل لتحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وتابع رفيع زاده بالقول إنه كلما أصبحت إيران متمكنة بسبب الاسترضاء الذي حصلت عليه، افتخرت بقدرتها على تدمير إسرائيل «في أقل من ثماني دقائق». وبفضل الاتفاق النووي وسياسات الولايات المتحدة الاسترضائية، اكتسب النظام الإيراني الشرعية، وضخ مليارات الدولارات للجيش والحرس الثوري وللمليشيات والمجموعات الإرهابية التابعة لإيران.
ورسخت إيران من خلال وكلائها، أقدامها في العراق وسوريا واليمن وفنزويلا، وعززت قبضتها على حزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة. واحتجزت إيران أيضاً المزيد من الأمريكيين وأودعتهم في السجون. وواجهت دول الاتحاد الأوروبي، التي قامت أيضاً بتطبيع العلاقات مع النظام الإيراني، عواقب خطيرة. وعندما يتعلق الأمر بالإرهاب، كانت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من بين الأهداف الرئيسية لمخططات إيران الإرهابية. وتورط النظام الإيراني في سلسلة من الاغتيالات واحتجاز رهائن وأعمال عدائية أخرى في جميع أنحاء أوروبا، التي نجح بعضها، فيما فشلت أخرى، ولكن تبين صلة طهران بكل ذلك.
إقرأ أيضاً.. 14 دولة تشارك في تدريبات إندونيسية – أمريكية وسط توتر بحر الصين الجنوبي
وتمكن مسؤولون أوروبيون أيضاً من إحباط هجوم إرهابي كان يستهدف مؤتمراً كبيراً بعنوان «إيران الحرة» في باريس في يونيو عام 2018، حضره متحدثون رفيعو المستوى، بمن في ذلك رئيس مجلس النواب السابق نيوت جينجريتش ووزير الخارجية الكندي السابق جون بيرد. وبعد ذلك بعامين في بلجيكا، صدر حكم بحق أحد الدبلوماسيين الإيرانيين، وهو أسد الله أسدي، بالسجن عشرين عاماً لمحاولته زرع قنبلة في باريس في عام 2018. وذكر رفيع زاده أنه لا يتعين على إدارة بايدن والاتحاد الأوروبي تكرار الخطأ التاريخي الذي ارتكبته إدارة أوباما، مشيراً إلى أن استرضاء النظام الإيراني المارق والانتهازي وإقامة صداقة معه لن يحصن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضد السياسات الخبيثة والمدمرة للنظام الإيراني. واختتم رفيع زاده تقريره محذراً من أن هذا النهج سوف يؤدي فقط إلى تشجيع الحكام المتطرفين في إيران على أن يواصلوا على نحو أكثر قوة سياساتهم المعادية للأمريكيين والسامية والغرب، وعلى أن يستمروا في قمع شعبهم بقبضة حديدية.