الاثنين - 25 نوفمبر 2024
الاثنين - 25 نوفمبر 2024

الحرب الأوكرانية.. دلالات تغيير موازين القوى في أوروبا

الحرب الأوكرانية.. دلالات تغيير موازين القوى في أوروبا

الحرب الأوكرانية فرضت على واشنطن مساعدة أوروبا في بدائل لبناء قوة قتالية أكثر فاعلية. أ ف ب

يؤكد الجميع أن الحرب الروسية الأوكرانية سيكون لها تداعيات كبيرة، في سائر أرجاء المعمورة، وبخاصة في القارة الأوروبية، في ظل الصراع ما بين روسيا ومن يدعمونها من جهة، وما بين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، كما أكد تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنترست» الأمريكية أن تلك الحرب غيرت ميزان القوى في أوروبا.

أوكرانيا تدفع ثمن تحديها لروسيا

وأوضح التقرير أن أوكرانيا تدفع ثمن تحديها لموسكو، فقد واصلت كييف منذ الثورة البرتقالية عام 2008، وبتشجيع من الغرب، العمل مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، لأكثر من عقد، رافضة التفاوض على الحياد أو توثيق العلاقة مع موسكو، برغم التهديدات الروسية المتكررة، وظلت كييف تقف في وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما جعلها تخسر شبه جزيرة القرم، وتعرضت لحرب أهلية في دونباس، والآن تتعرض لحرب مفتوحة مع روسيا، ومن جانبها، شجعت الدول الغربية، أوكرانيا على اتباع هذا النهج، حتى عندما أوضح الغرب أن أوكرانيا ليس لديها فرصة على المدى القريب للانضمام إلى الناتو، وبعيداً عن ذلك، يبدو أن أوكرانيا، ومن خلال المعدات التي قدمها الناتو، ستنجح الآن في تحقيق المستحيل، وهو إبطاء الغزو الروسي.

شروط إنهاء الحرب

ولفت التقرير إلى الشروط التي بموجبها قد ينهي الجانبان الروسي والأوكراني تلك الحرب، ومن الملاحظ، أنه بعد بدء العمليات العسكرية الروسية، تراجعت أوكرانيا عن موقفها من الحياد، وبرغم أن الدستور الأوكراني يدعو للحصول على عضوية حلف شمال الأطلنطي «الناتو»، إلا أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تحدث بعد 3 أيام من اندلاع الحرب، عن حيادية أوكرانيا، باعتبارها قضية متروكة للمفاوضات بين الجانبين.

إقرأ أيضاً.. الصراع وفر الغطاء.. أذربيجان تختبر مهمة حفظ السلام الروسية

وأكد التقرير أن التفاوض بين روسيا وأوكرانيا، حول حياد كييف سيكون أمراً صعباً، من المرجح أن يدعو كلاً من زيلينسكي وبوتين إلى التزامات سياسية واقعية من واشنطن وحلف الناتو، لضمان وضع أوكرانيا المحايد، وربما يكون وضعاً مشابهاً لمعاهدة الدولة النمساوية لعام 1955، وبعدما رأت موسكو، إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وهي تتراجع عن الاتفاق النووي الإيراني، فقد تصر موسكو على أن تضمن واشنطن وحلف الناتو حياد أوكرانيا، بموجب معاهدة ملزمة، وبالطبع فإن تمرير ذلك من الكونغرس سيكون أمراً صعباً، ومن المرجح أن تبحث وزارة الخارجية الأمريكية عن حل بديل يرضي موسكو وكييف.

ومن جهة أخرى، فإن رفع العقوبات الغربية المفروضة على موسكو سيكون أمراً محل نقاش وجدل، حيث سيحاول بوتين رفع العقوبات الغربية، كشرط لإنهاء الأعمال العسكرية، وهو ما قد يلقى معارضة من بعض الدول والأطراف الغربية، الذين سيرون ضرورة معاقبة روسيا على الحرب في أوكرانيا، وضم شبه جزيرة القرم، وإقليم دونباس، وحتى لو قبلت أوكرانيا بخضوعهما للسيادة الروسية، ستصر تلك الأطراف على معاقبة روسيا.

المقارنة بين روسيا ودول الناتو

وتسببت العملية العسكرية الروسية في حدوث تحول في ميزان القوى، ربما يؤدي إلى فوائد استراتيجية لأوروبا وللأمن العالمي، فقد أيقظ حلفاء أمريكا الأوروبيين، بدأت دول الناتو عملية تحديث جيوشها، حتى تتمكن من الدفاع بشكل أفضل ضد العدوان الروسي المحتمل، باستثناء الحرب النووية، ويمكن للأوروبيين تحقيق ذلك، خاصة أن الحرب في أوكرانيا كشفت عن أن الدب الروسي ليس المارد الخطير الذي كان يخشاه الغرب.

وذكر التقرير أن الناتج المحلي الإجمالي لحلفاء الناتو الأوروبيين يبلغ حوالي 20.4 تريليون دولار، أي ما يعادل مثله في الولايات المتحدة، بينما لا يزيد في روسيا عن 1.5 تريليون دولار فقط، كما يبلغ تعداد سكان روسيا 146 مليون نسمة، مقارنة مع 600 مليون نسمة في الدول الأوروبية، يجب أن تكون بريطانيا وفرنسا وألمانيا، و26 من الحلفاء الأوروبيين الآخرين، قادرين على مواجهة أي محاولة روسية متهورة لغزو إحدى دول الناتو، بل إن أعضاء الاتحاد الأوروبي وحدهم، لديهم بالفعل قوة مجتمعة تبلغ حوالي 1.26 مليون جندي، مقارنة بنحو 900 ألف جندي روسي في الخدمة الفعلية قبل الحرب في أوكرانيا.

إقرأ أيضاً..العقوبات الغربية على موسكو تعقّد بناء روسيا لمحطة نووية في تركيا

واعتبر التقرير أنه من الضروري أن تكون الأولوية القصوى للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، هي العمل على خطة عبر عدة سنوات، لتحويل الجزء الأكبر من مسؤولية قيادة الدفاع الأوروبية إلى الحلفاء، كما أن تقليص الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا بشكل تدريجي لا يمكن اعتباره عودة إلى الانعزالية، بل سيكون عاملاً مساعداً على إعادة نشر القوات الأمريكية، لمواجهة التحديات العالمية الأخرى.

واختتم التقرير بالتأكيد على أن الولايات المتحدة كانت تتبنى دور القيادة العسكرية العالمية، ويجب الآن على واشنطن مساعدة أوروبا في بدائل لبناء قوة قتالية أكثر فاعلية، سواء كان ذلك في إطار الناتو أو مع بدائل أخرى، مثل قوة الدفاع الأوروبية، أو غيرها، بحيث يكون هدف أمريكا هو دعم الحلفاء في أوروبا في إيجاد الصيغة الصحيحة لأمنهم، ويجب أن تكون النتيجة الاستراتيجية للحرب الروسية، أن الدول الأوروبية تخلت عن هيكل الحرب الباردة، القائم على درع أمريكي.