الاحد - 24 نوفمبر 2024
الاحد - 24 نوفمبر 2024

صور | أولبرايت.. اعتذرت لأطفال العراق من دبي.. وعرفات حيرها بـ«قبلاته»

صور | أولبرايت.. اعتذرت لأطفال العراق من دبي.. وعرفات حيرها بـ«قبلاته»

مادلين أولبرايت. (رويترز)

النسخة الأمريكية لمارغريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا في ثمانينات القرن الماضي. توفيت صاحبة النفوذ الدولي، القوية، الصارمة، مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة عن 84 عاماً، «محاطة بأفراد من العائلة وأصدقاء»، بعد معاناة مع مرض السرطان.

نعت عائلتها «الوالدة والجدة والأخت والصديقة المحبّة»، ونعاها البيت الأبيض «القوية» التي «غيرت مجرى التاريخ»، والمدافعة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. أما العرب فيتذكرونها جيداً لجولاتها المكثفة النشطة في منطقة الشرق الأوسط، خلال توليها حقيبة الخارجية في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون خلال الفترة (1997 - 2001)، في وقتٍ كانت فيه القضية الفلسطينية مركزية وسط ملفات الإدارة الأمريكية.

زياراتها للأراضي الفلسطينية المحتلة، ولقاءاتها بالزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وصورهما وهما يتجاذبان أطراف الأحاديث الودية نسجت الكثير في مخيلة المتابعين في الشارع السياسي العربي، فباتوا يلاحقونها بالتفحيص والتمحيص وتحليل دلالات اختياراتها لتفاصيل ملابسها ومجوهراتها، فلم يكن هناك أشهر آنذاك من دبابيس زينة أولبرايت، التي كانت تبعث من ورائها رسائل خفية لمن تلتقيهم من قيادات عربية وأجنبية.

لا أسمع لا أرى لا أتكلم

لم يكن الشارع العربي فقط هو من يحفل بدبابيس أولبرايت، فقد سألها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذات مرة عن مغزى ارتدائها لدبوس يحمل القردة الثلاث: «لا أسمع؛ لا أرى؛ لا أتكلم»، فكان ردها أنه يعبر عن موقف روسيا مما يجري في الشيشان. واشتهرت الدبلوماسية الأمريكية بارتداء دبوس النحلة لعرفات، والأسد للرئيس الراحل حافظ الأسد، والحصان لوزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل.

سكب الشاي

كذلك اشتهرت بمقولاتها الحكيمة أحياناً، والمثيرة للحنق في أحيان أخرى. في إحدى المرات وفي معرض حديثها عن رؤيتها لدور المرأة على الساحة الدولية، وهي أول سيدة أمريكية تتولى منصب وزير الخارجية، قالت: «كانت الطريقة الوحيدة للمرأة قديماً كي تعبّر عن آرائها في السياسة الخارجية، هي الزواج من دبلوماسي، ثم سكب الشاي على سفير يرتكب إساءات.. اليوم، تنخرط النساء في كل جوانب الشؤون الدولية».

الدبابيس والتيجان

وعن أهمية ارتداء المجوهرات لها كسياسية ودبلوماسية، قالت: «لطالما ارتديت المجوهرات والدبابيس على مر التاريخ، كرموز للقوة وبعث الرسائل.. حتى التيجان كانت جزءاً من الإشارات».

الشطرنج والبلياردو

كذلك أبدت أولبرايت آراءها في المعترك السياسي، قائلة: «يعتقد كثيرون أن العلاقات الدولية تشبه لعبة الشطرنج. لكنها ليست كذلك، حيث يجلس الناس بهدوء يفكرون في استراتيجيتهم.. إنها أشبه بلعبة بلياردو، مع مجموعة من الكرات متجمعة معاً».

وعن مهارات التفاوض، قالت الدبلوماسية المخضرمة: «كي تكون مفاوضاً ناجحاً، يجب أن تكون قادراً على وضع نفسك في مكان الطرف الآخر. ما لم تتمكن من فهم محفزاته، فلن تتمكن أبداً من حل المشكلة».

إقرأ أيضاً.. «تحدت الأعراف».. وفاة مادلين أولبرايت أول أمريكية تتولى منصب وزير الخارجية

كان نجم أولبرايت قد بزغ في أحاديثها خلال عملها في إدارةٍ أمريكية ترددت في الانخراط في أكبر أزمتين خارجيتين في تسعينات القرن الماضي، وهما الإبادة الجماعية في رواندا، وأزمة البوسنة والهرسك.

هاربة من الستار الحديدي

والمعروف أن طفولة أولبرايت لم تكن سهلة، إذ اضطرت وهي المنحدرة من عائلة يهودية، إلى الفرار من النازيين في مسقط رأسها تشيكوسلوفاكيا السابقة، خلال الحرب العالمية الثانية، فأصبحت لاجئة وهي في عمر الحادية عشرة عندما وطأت قدماها للمرة الأولى الأراضي الأمريكية.

ومن تلك الخلفية قالت في إحدى المناسبات: «خذها من شخص فر من الستار الحديدي: أعرف ما يحدث عندما تعطي الروس الضوء الأخضر».

أطفال العراق

أما أكثر التعليقات التي أثارت ضدها عاصفة من الانتقادات، فأدلت بها وهي سفيرة للأمم المتحدة عام 1996 حول وفاة الأطفال العراقيين. حينها سألتها المذيعة، خلال مقابلة تلفزيونية: «سمعنا أن نصف مليون طفل (عراقي) ماتوا.. عدد أكثر ممن في هيروشيما.. هل الثمن يستحق ذلك؟». وجاءت إجابة أولبرايت صادمة: «أعتقد أنه خيار صعب للغاية، لكن الثمن، كما نعتقد، يستحق ذلك».

لا ينسى الكثيرون حتى الآن ما نطقت به أولبرايت من تصريح قاسٍ بحق أطفال العراق، لكنها أبدت ندمها فيما بعد عام 2005، خلال ندوة على هامش لقاء «القادة في دبي»، الذي تستضيفه الإمارة سنوياً، معربة عن شعورها بالأسف: «قلت شيئاً بغاية السخافة بحق أطفال العراق.. يومها كنت قد ضقت ذرعاً من المقابلات الصحفية حول موضوع معاناة الأطفال العراقيين بسبب الحصار، فقلت إن الحصار كان يستحق العناء».

قبلات عرفات

وخلال الندوة نفسها، تحدثت وزيرة الخارجية الراحلة عن أبرز المواقف المحرجة التي واجهتها أثناء توليها حقيبة الخارجية، فقالت: «عانيت كثيراً مع اختلاف ثقافة التقبيل. فلكل بلد ثقافته الخاصة في هذا الشأن». وأوضحت: «بروتوكول التقبيل الدبلوماسي مُعقد للغاية. في بعض البلدان على الجانب الأيسر، وفي دول أخرى على الجانب الأيمن. في فرنسا عليك التقبيل على الخدين، في بلجيكا ثلاث مرات... ثم كان هناك ياسر عرفات». وأردفت: «عرفات كان مسرفاً في قبلاته، لا يعرف الكلل. المشكلة هي أنك كنت لا تعرف أبداً أين سيقبلك.. على الوجنتين أم الجبهة أم يديك؟».